ج٤ص١٥٩
المصنف رحمه الله يسير فهو كالصيد من المقلي فتدبر. قوله :( الخطاب لآدم وحواء وفوّيتهما الخ ) هذا على عادته كصاحب الكشاف إنه إذا كان في
النظم تفاسير أو احتمالات ذكر بعضها في موضع، وبعضها في آخر مع التنبيه على المختار وتركه فلا يرد عليه إنه قال في سورة البقرة إن الخطاب لآدم وحواء لقوله فاهبطا، وضمير الجمع لكونهما أصل البشر فكأنهم هم، ولك أن تقول هو عين ما ذكر لأنّ ذريتهم لم تكن موجودة حال الخطاب فتامّل، وقوله :( وكرّر الخ ) يعني إبليس أخرج أولاً وأمره هنا ثانيا إشارة إلى عدم انفكاكه عن جنسهما في الدنيا، وقد قيل إنه أخرج منها ثانيا بعدما كان يدخلها للوسوسة أو من السماء، وقوله :( أو اخبر الخ ( حاصله أنّ الأمر وقع مفرقا وهذا نقل له بالمعنى واجمال له. توله :( في موقع الحال أي متعادين ) قد مرّ تفصيله في قوله أو هم قائلون، وقد قيل عليه إنه ينافي ما سبق من قوله وأما جاءني زيد هو فارس فخبيث لا يقال هنا أوّل الجملة بمفرد حيث قال : أي متعادين كما أن قولهم كلمته فوه إلى فيّ في معنى مشافها، فلا يحتاج إلى الواو، لأنا نقول لو صح هذا التأويل لجرى في جميع الجمل الاسمية فيقال هم قائلون في تقدير قائلين، وهو فارس في تقدير فارسا فالوجه أن يحمل قوله بعضكم لبعض عدوّ على الاستئناف كأنهم لما أمروا بالهبوط سألوا كيف يكون حالنا فأجيبوا بأنّ بعضكم لبعض عدوّ ولكم في الأرض مستقرّ ومتاع إلى حين، ورد كما مرّ تحقيقه بأنه إشارةءلى تنزيل الجملة الاسمية الحالية منزلة المفرد ليحسن ترك الواو وفسر المعاداة على وجه لا يوهم معاداة آدم عليه الصلاة والسلام لحواء، وبالعكس وليس كقولك جاءني زيد وهو فارس في معنى جاءني فارسأ لما أشار إليه الثيخ عبد القاهر من الفرق بين جاء زيد كذلك، وجاء وهو كذلك بأنّ لهذا نوع ابتداء واستئناف ( قلت ) هو كما قال : وقد فصله السبكيّ في أشباهه، وقال : إنّ المفرد يقتضي تجذد المقارنة والجملة لا تقتضي ذلك فكأنه استئناف لبيان ما هو عليه من الحال فلو قال لله عليّ أن أعتكف وأنا صائم أو صائما وفي نذره في الأولى بالاعتكاف في رمضان بخلاف الثاني وقد ذكره النحرير : هنا بطريق البحث وهو مما صرّح به غيره ولشيخ مشايخنا ابن قاسم فيه بحث، وقوله استقرار الخ أي هو مصدر ميمي أو اسم مكان كما مرّ. قوله :( إلى تقضي آجالكم ) وفي البقرة تفسيره بالقيامة أيضا لأنه متعلق بما تعلق به الظرف الواقع خبرا فإن نظر إلى كونه مستقرا كانت الغاية القيامة وان نظر إلى التمتع أو المجموع كانت الموت، ويجوز اعتبار كل منهما على كلا الوجهين وقد مرّ تحقيقه هناك. قوله :( وقرأ حمزة والكسائي وابن ذكوان ومنها تخرجون ) بفتح التاء وضم الراء هنا وفي الزخرف قرئت في مواضع مبنية للفاعل، وفي أخرى للمفعول وتفصيله في كتب القراآت، وفي الدر المصون فائدة هنا في قوله :﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٢٣ ] إنه حذف حرف النداء لتعظيم المنادى وتنزيهه قال مكيّ :
كثر نداء الرب بحذف يا منه في القرآن وعلة ذلك أنّ في حذف يا من نداء الرب معنى التعظيم والتنزبه، وذلك أنّ النداء فيه طرف من معنى الأمر لأنك إذا قلت يا زيد فمعناه تعال فحذفت لتزول صورة الأمر وهذه نكتة جليلة. قوله :( أي خلقناه لكم بتدبيرات سماوية الخ ) قال ابن فارس في فقه اللغة الضاحي معناه خلقنا لأنّ الأنعام لا تقوم إلا بالنبات، والنبات لا يقوم إلا بالماء والله تعالى ينزل الماء من السماء، ومثله :﴿ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٢٦ ] وهو تعالى إنما أنزل الماء لكن اللباس من القطن، وهو لا يكون إلا بالماء ا! وهذا التفسير منقول عن الحسن رحمه الله وما ذكره هنا هو حاصل ما قال في سورة الزمر في تفسير قوله تعالى :﴿ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾ [ سورة الزمر، الآية : ٦ ] وقضى أو قسم لكم فإنّ قضاياه وقسمه توصف بالنزول من السماء حيث كتب في اللوح المحفوظ أو أحدث لكم بأسباب نازلة منها كأشعة الكواكب والأمطار اهـ، والتجوز الظاهر أنه في المسند، ويحتمل أن يكون في اللباس أو الإسناد ويواري ترشيح في بعضها وقوله التي قصد الشيطان الخ يريد أن إبداء سوآتهما موجب لإبداء سوآتنا فهو كالقاصد لذلك ولو لم يخلق الله اللباس لتحقق ما أراده، وقوله :( روي أنّ العرب الخ ) أخرجه المحدثون وهو في صجح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقيل إنهم كانوا يفعلونه تفاؤلاً