ج٤ص١٦١
لمان كانوا يروننا لكثافة أجسامنا، وقد ثبتت رؤيتهم بالأحاديث الصحيحة المشهورة وهي لا تعارض نص القرآن هنا كما قالوا لأنّ المنفيّ فيه رؤيتهم إذا لم يتمثلوا لنا كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى، وهو تأكيد للضمير المستتر، وقبيله في قراءة الرفع معطوف عليه لا على البارز لأنه لا يصح للتأكيد، ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر ولا حاجة إلى القول بأنه عطف على محل اسم أنّ، وعلى قراءة النصب فهو عطف على اسم إن والضمير لا يلبس لا للشأن كما في الكشاف لأنه لا يصح العطف عليه ولا يتبع بتابع، أو الواو واو مع، والقبيل الجماعة، فإن كانوا من أب واحد فهم قبيلة، ومن لابتداء الغاية وحيث ظرف لمكان انتفاء الرؤية وجملة لا ترونهم في محل جرّ بالإضافة، ونقل عن أبي إسحاق أنّ حيث موصولة وما بعدها صلة لها ورده أبو عليّ الفارسيّ بأنه لم يقل به أحد غيره إلا أن يريد أنه كالموصول والصلة وهذه القضية عامّة مطلقة لا دائمة فلا تدل على ما ذكره المعتزلة. قوله :( بما أوجدنا بينهم الخ ) أي الموالاة عبارة عما يتسبب عن هذا إذ لا موالاة بينهم حقيقة، وقوله مقصود القصة أي السابقة على هذه فهي جملة مستأنفة ويجوز أن يقصد بها التعليل أيضا والفذلكة الإجمال كما مرّ. قوله :( اعتذروا واحتجوا الخ ) أعرض عن الأوّل لأنه غنيّ عن الرذ والمراد أعرض! عن التصريح بردّه، والا فقوله إنّ الله لا يأمر بالفحشاء متضمن لرذه لأنه إذا أمر بمحاسن الأفعال فكيف يترك أمره لمجرّد اتباع الآباء فيما هو قبيح عقلا فلا ينافي هذا قوله فيما سيأتي وعلى الوجهين يمتنع التقليد، وقال الإمام ة لم يذكر جوابا عن حجتهم الأولى لأنها
إشارة إلى محض التقليد، وقد تقرّر في المعقول إنه طريقة فاسدة لأنّ التقليد حاصل في الأديان المتناقضة فلو كان التقليد حقا لزم القول بحقية الأديان المتناقضة فلما كان فساده ظاهراً لم يذكره الله. قوله :( لأنّ عادته سبحانه وتعالى جرت الخ ) أي عادة الله جرت على الأمر بمحاسنها وهو اللاق بالحكمة المقتضية أن لا يتخلف فلا يتوهم أنه لا يستلزم نفي أمره بالفحشاء حتى يتم الاستدلال فالأولى أن يقول وعادته جرت الخ، وقوله :( ولا دلالة الخ ) يعني لا دلالة على القبح العقلي بالمعنى المتنازع فيه، وهو كون الشيء متعلق الذمّ قبل ورود النهي عنه بل بمعنى نفرة الطبع السليم ولا نزاع فيه كما حقق في الأصول، وقوله والله أمرنا بها أي أمر آباءنا ففيه مضاف مقدر فلا يقال الظاهر أمرهم بها والعدول عن الظاهر إشارة إلى ادّعاء أنّ أمر آبائهم أمر لهم. قوله :( وعلى الوجهين يمتنع التقليد إذا قام الدليل الخ ) أي على تقدير كونه جوابا أو جوابين أما على الأوّل فلأنهم قلدوهم فيما أمر الله بخلافه وكذا على الثاني، فلا دلالة في الآية على المنع من التقليد مطلقا، ولا على عدم صحة إيمان انمقلد. قوله :( إنكار يتضمن النهي عن الافتراء على الله تعالى ) لأنّ الافتراء تعمد الكذب فإذا أنكر القول من غير علم فإنكار ما علم خلافه يثبت بالطريق الأولى والإنكار إمّا بمعنى إنه لا ينبغي ذلك أو لم يكن والأوّل ظاهر والظاهر المراد منه النهي عنه، ولا دليل في الآية لمن نفى القياس بناء على أنّ ما يثبت به مظنون لا معلوم، لأنه مخصوص من عمومها بإجماع الصحابة، ومن يعتد به أو بدليل آخر، وقيل المراد بالعلم ما يشمل الظن وتفصيله في الأصول. قوله :( بالعدل الخ ) تفسير للقسط ومنه القسطاس للميزان، وقوله : وتوجهوا إلى عبادته أي إقامة الوجه كناية عن التوجه إليه دون غيره. قوله تعالى :﴿ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ ﴾ فيه وجهان فقيل إنه معطوف على الأمر الذي ينحل إليه المصدر مع إن أي بأن اقسطوا، والمصدر ينحل إلى الماضي والمضارع والأمر كما نقله المعرب، وقول الزمشخريّ : وقل أقيموا وجوهكم أي اقصدوا عبادته يحتمل أنّ قل مقدر غير الملفوظ به فيكون أقيموا مقولاً له، وأن يكون معطوفا على أمر ربي المقول لقل الملفوظ بها، وقال النحرير : قدره لأنه لو عطف على أمر ربي لكان ظاهره عطف الإنشاء على الخبر وان كان
على سبيل الحكاية وتأويل مثله شائع، ولو لم يقدّر لا وهم أنّ مقول قل هو مجموع أمر ربي وأقيموا وفيه نظر، ويجوز أن يكون معطوفا على محذوف تقديره قل اقبلوا وأقيموا، وتال الجرجاني : الأمر معطوف على الخبر، لأنّ المقصود لفظه، أو لأنه إنشاء معنى. قوله :( في وقت كل سجود أو مكانه الخ ) يعني أنّ مسجداً هنا يحتمل أن يكون مكانا أو زمانا