ج٤ص١٦٦
المحفوظ ففيه مجاز عقلي أو لغوي،
ومن لابتداء الغاية وجوز فيها التبيين والتبعيض، وقوله : يتوفون أرواحهم لأن التوفي تناول الشيء وقبضه وافياً والتوفي يضاف إلى الله كقوله :﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [ سورة الزمر، الآية : ٤٢ ] ويضاف إلى الملائكة، وهو المراد بالرسل عليهم الصلاة والسلام. قوله :( وحتى غاية لنيلهم الخ ) أي غاية للنيل وحرف ابتداء أي غير جارّة بل داخلة على الجملة كما في قوله :
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان
وقيل إنها جارة وقيل لا دلالة لها على الغاية والصحيح ما قدمناه وتفصيله في الدر المصون. قوله :( وما صلت بأين الخ ) أي رسمت في المصحف العثماني، وهي اسم موصولة لا صلة زائدة حتى تتصل به في الخط لكنه على خلاف القياس، وفي قوله الفصل وموصولة لطف لصنعة الطباق البديعية ومعنى تدعون تستغيثون بهم في المهمات. قوله :( غابوا عنا ) جواب بحسب المعنى إذ مآله لا ندري أين هم أو هو ليس بجواب إذ السؤال غير حقيقي بل للتوبيخ فلا جواب وما ذكر إنما هو للتحسر والاعتراف بما هم عليه من الخيبة والخسران. قوله :( وشهدوا على أنفسهم الخ ) شهدوا يحتمل أن يكون معطوفا على قالوا فيكون من جملة جواب السؤال، ويحتمل أن يكون استئناف إخبار من الله تعالى بإقرارهم على أنفسهم بالكفر كذا في البحر، وأورد عليه أنه إذا عطف على قالوا لا يكون جوابا إذ لو كان جوابا لكان من مقولهم ولو عطف على المقول كان تقديره قالوا شهدنا على أنفسنا إلا أن يكون ذكراً له بمعناه فتأمل ولا تعارض بين هذا، وبين قوله والله ربنا ما كنا مشركين لأنه من طوائف مختلفة أو في مواقف وأوقات مختلفة أو أنه لحيرتهم كما مز في الأنعام، وأوّل الشهادة بالاعتراف لأنها إما للغير أو على الغير لكنها التلفظ بما يتحققه الشاهد فتجوز به عن ذلك وليس في النظم ما يدل على أنّ اعترافهم بلفظ الشهادة، وقوله ضالين تفسير له بحسب المعنى لأنّ الكافر ضال مع مناسبته لقوله ضلوا عنا. قوله :( أي قال الله تعالى لهم الخ ) التفسير الأوّل بناء على جواز أنه تعالى يكلمهم بغير واسطة والثاني على خلافه. قوله :( أي كائنين في جملة أمم مصاحبين دهم ( قيل لو قال حال أو مصاحبين كان أولى لأنّ في للظرفية، وتجيء بمعنى مع نحو فادخلي في
عبادي فلا وجه للجمع وليس بشيء لأنه إشارة إلى أنّ الطرفية مجازية معناها المصاحبة ولذا جمع في الكشاف بينهما فهو بيان لمحصل المعنى، وقوله كائنين إشارة إلى أنه حال لئلا يتعلق حرفا جر بمعنى بمتعلق واحد حتى يحمل الثاني على البدلية أو أنه صفة أمم، وقوله من النوعين يدل على أنّ الجن يثابون ويعاقبون لأنهم مكلفون كالإنس. قوله :( التي ضلت بالاقتداء بها ) أي كلما دخلت أمة تابعة أو متبوعة لعنت التابعة المتبوعة التي أضلتها، والمتبوعة التابعة التي زادت في ضلالها على ما أشار إليه في الكشاف في تفسير قوله لكل ضعف فلا يلزم التسلسل كما توهم. قوله :( ادّاركوا فيها جميعاً أي تداركوا ) غاية لما قبله أي يدخلون فوجا فوجا عنا بعضهم بعضاً إلى انتهاء تلاحقهم باجتماعهم في النار، وقول المصنف رحمه الله تداركوا تفسير له ببيان أصله إذ أصله تداركوا فأدغمت التاء في الدال بعد قلبها دالاً وتسكينها ثم إجتلبت همزة الوصل، وقوله تلاحقوا بيان لمعناه أي لحق بعضهم بعضاً وأدركه وعن أبي عمرو رحمه الله أنه قرأ ادّراكوا بقطع ألف الوصل قال ابن جني : وهو مشكل لأنه إنما يجيء شاذاً في ضرورة الشعر في الاسم أيضا لكنه وقف مثل وقفة المستذكر ثم ابتدأ فقطع وهو تنبيه حسن. قوله :( أخراهم دخولاً أو منزلة ) قال المعرب؟ أخرى وأولى يحتمل أن يكونا فعلى أنثى أفعل التفضيل والمعنى أخراهم منزلة وهم الأتباع والسفلة لأولاهم منزلة وهم القادة والرؤساء وهو الوجه الثاني في كلام المصنف رحمه الله الذي بينه بقوله منزلة، ويحتمل أن يكونا أنثى آخر بكسر الخاء بمعنى آخر المقابل للأوّل وليس للمفاضلة والفرق بينه وبين ذاك أن الثاني يدل على الانتهاء دون الأوّل ولا يجوز فيه أن يكون بمعنى غير والي الوجه الثاني أشار المصنف رحمه الله بقوله دخو لاً قيل والثاني أرجح لأنّ تقدم أحد الفريقين على الآخر في الدخول يحتاج إلى إثبات ( قلت ) هو مرويّ عن مقاتل رحمه الله وكفى به سنداً. قوله :( أي لأجل أولاهم ) أي اللام للتعليل لا للتبليغ كما في قولك قلت لزيد افعل كذا لأنّ خطابهم مع الله تعالى لا معهم


الصفحة التالية
Icon