ج٤ص١٦٩
منه ما يحصل لأهل الجنة من تصفية الطباع عن كدورات الدنيا ونزع الأحقاد الكامنة فيها، وقيل المراد بتطهير قلوبهم حفظها من التحاسد على درجات الجنة ومراتب القرب بحيث لا يحسد صاحب الدرجة النازلة صاحب الرفيعة لإزالة الشهوات، وقد جوّزه في الحجر ولك أن تحمله عليه فتأمل.
قوله :) وعن علئ كرم الله وجهه أتي الخ ) هذا يدلّ على أنه كان ذلك بمقتضى الطباع البشرية فيهم لكته نزع بتوفيق الله، وقيل الأولى أن يراد عدم اتصافهم بذلك من أوّل الأمر، وما وقع إنما كان عن اجتهاد لإعلاء كلمة الله وخص هؤلاء لما جرى في خلافة عثمان رضي الله عنه بينهما ومحاربة طلحة والزبير رضي الله عنهما في وقعة الجمل، وهذا حديث أخرجه ابن سعد والطبرفي من رواية معمر عن قتادة كلاهما عن عليّ رضي الله عته بسند منقطع وأخرجه ابن أبي شيبة عن ربعيّ بسند متصل كما قاله ابن حجر رحمه اللّه. قوله :( لما جزاؤه هذا الخ ( ليس تقدير إعراب بل بيان لحاصل المعنى، وان كان قوله في الكشاف لموجب هذا يحتملهما والمراد أن في الكلام تجوزا عقليا أو لغويا بجعل الهداية لما أدى إليها هداية له. قوله :( واللام لتوكيد النفي الخ ) هذه هي اللام التي تسمى لام الجحود وتزاد بعد كان المنفية للتأكيد، وتفصيلها مذكور في النحو، ولم يجعل الجواب ما قبله لامتناع تقدمه على الصحيح، والواو حالية أو استئنافية، وعلى قراءة إسقاط الواو فالجملة بيانية، وهو ظاهر. قوله :) يقولون ذلك اغتباطاً وتبجحا الخ ) أي من قوله الحمد لله إلى هنا فلا يرد عليه ما قيل إنه لا يلائم قوله
فاهتدينا بإرشادهم فإنّ المقصود بالجملة القسمية على هذا بيان صدق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في وعدهم بالجنة لا تعليل الاهتداء فتأمل، والاغتباط بالغين المعجمة السرور وأن يصير الشخص بحال يغتبط فيها كما في تاج المصادر والتبجح بتقديم الجيم على الحاء المهملة الفرج فليس قولهم ذلك إلا لإظهار ما ذكر لا للتعبد والتقرب لأنّ الجنة ليست دار تكليف وعبادة كما قيل. قوله :" ذا رأوها من بعيد أو بعد الخ ) يعني الإشارة بتلك الموضوعة للإشارة إلى البعيد لها قبل دخولها والنداء للإعلام بأنها موروثة لهم وبعد الدخرل المشار إليه كونها موروثة لهم وتلكم توطئة لذلك والا فلا حاجة إلى الإشارة إلى مكان حل فيه أحد كما أنه لا حاجة إلى كون التقدير تلكم الجنة التي وعدتم بها في الدنيا هي هذه فيكون المشار إليه غائباً بعيدا فتلكم خبر مبتدأ محذوف أي هذه تلكم الجنة الموعودة لكم قبل، أو تلكم مبتدأ حذف خبره أي تلكم الجنة التي أخبرتم عنها أو وعدتم بها في الدنيا هي هذه، وقوله والمنادى مبتدأ خبره أورثتموها، وقوله :( بالذات ) أي ما نودي به وتصد إعلامه كونها موروثة وان كان بحسب الظاهر تلكم الجنة. قوله :) أي أعطيتموها بسبب أعمالكم الخ ) يعني أنّ الميراث مجاز عن الإعطاء وتجوّز به عته إشارة إلى أنّ السبب فيه ليس موجباً وان كان سببا بحسب الظاهر كما أن الإرث ملك بدون كسب وإن كان النسب مثلا سببا له، فلا يرد على قوله بسبب أعمالكم إنه يعارض! قوله :" لن يدخل أحدكم الجنة بعمله " إ أ ( إذ المراد بسبب عمله السبب التام، فلا يحتاج إلى الجواب عنه ولا أن يقال الباء للعوض لا للسبب وفيه تفصيل لعل التوبة تفضي إليه، وهذا تنجيز للوعد بإثابة المطيع لا بالاستحقاق والاستيجاب بل هو بمحض فضله تعالى كالإرث. قوله :( وأن في المواقع الخمسة هي المخففة الخ ( هي أن تلكم وأن وجدنا وأن لعنة الله وأن سلام عليكم، وأن أفيضوا وإذا كانت مخففة فحرف الجر مقدر أي بأن واسمها ضمير شأن مقدر أي بأنه تلكم كذا قدره الزمخشري، وفيه إشارة كما صرحوا به إلى أن ضمير الشأن لا يجب أن يؤنث إذا كان المسند إليه في الجملة المفسرة مؤنثاً وبه صرح ابن الحاجب وابن مالك فهو أمر استحسانيّ، فلا عبرة بما وقع في التلخيص مما يخالفه وقوله لأنّ المناداة الخ يؤخذ منه شرط، أن المفسرة وهي سبق ما فيه معنى القول دون حروفه. قوله :( إنما قالوه تبجحاً
بحالهم وشماتة الخ ) التبجح الافتخار والشماتة الفرج بمصيبة العدوّ والتحسير الإيقاع في الحسرة والندم، ويصح إعجامه أي نسبتهم إلى الخسار. قوله :( د إنما لم يقل ما وعدكم الخ ) في الكشاف حذف ذلك تخفيفاً لدلالة وعدنا عليه، ولقائل أن يقال أطلق ليتناول كل ما وعد الله من البعث والحساب والثواب