ج٤ص١٨٠
وقيل هما سواء فيهما. قوله :( عطف على نوحاً إلى
قومه ) أي عطف المجموع على المجموع وغير الأسلوب لأجل ضمير أخاهم، إذ لو أتى به على سنن الأول عاد الضمير إلى متأخر لفظ، ورتبة وهوداً عطف بيان أو بدل وعاد اسم أبيهم سميت به القبيلة أو الحيّ، فيجوز صرفه وعدمه كثمود كما ذكره سيبويه وأمّا هودءلمج!ر فاشتهر أنه عربي، وظاهر كلام سيبويه رحمه الله أنه أعجمي ويشهد له ما قيل إنّ أول العرب بعرب، ومعنى أخاهم إنه منهم نسبا وهو قول للنسابين، ومن لا يقول به يقول إن المراد صاحبهم وواحد في جملتهم، كما تقول يا أخا العرب، وبين حكمة كون النبيّ ﷺ يبعث من قومه لأنهم أفهم لقوله من قول غيره، وأعرف بحاله في صدقه وأمانته وشرف أصله. قوله :( استأنف به ولم يعطف الخ ) أي لم يعطف هذا ولا قال الآتي في جوابهم لجعله جواب سؤال مقدر، بخلاف ما مرّ في قصة نوج ﷺ، فغاير بينهما تفنناً كما ذكره الزمخشريّ. وقيل عليه إنه غير كاف في الفرق فإنّ الرسالة كما هي مظنة السؤال هنا، كذلك هي مظنة السؤال ثمة فالأولى أن يقال كان نوح يك!يرو مواظبا على دعوتهم غير مؤخر لجواب شبههم لحظة واحدة، وأما هود ﷺ فما كان مبالغا إلى هذا الحد فلذا جاء التعقيب في كلام نوح عليه السلام، وقيل إنه يصلح عذر الترك الفاء لا لترك الوصل والكلام فيه، وقيل إنّ تتمة هذا الجواب أنّ قصة نوج عليه السلام ابتداء كلام فليست مظنة سؤال بخلاف قصة هود ﷺ فإنها معطوفة على قصة نوح عليه السلام، فكانت مظنة أن يقال أقال هود مثل ما قال نوج أم لا، وقيل عليه إنه تغيير للتقرير بتقرير آخر وليس بشيء. قوله :( وكأن قومه كانوا أقرب من قوم نوح عليه السلام ولذلك قال الخ ) أي كانوا أقرب إلى قبول الحق واجابة الدعوة من قوم نوج ﷺ، ولذلك أطلق الملأ المعاندين من قوم نوح وقيده هنا بمن كفر منهم، وفيه إشارة إلى وجه قوله هنا أفلا تتقون، وقوله هناك :﴿ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٥٩ ] فإنه أشدّ من التخويف وقيل في وجهه إنها أوّل وقعة عظيمة بخلاف هذه فتدبر. قوله :( إذ كان من إشرافهم من آمن الخ ) فلم يكن من أشراف قوم نوح عليه الصلاة والسلام مؤمن، فعلى هذا ما ورد في سورة المؤمنين :﴿ فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ ﴾ [ سورة المؤمنون، الآية : ٢٤ ] الخ في وصف نوج يكتنرو محمول على أنه هناك للذمّ لا للتمييز وإنما لم يذمّ هاهنا للإشارة إلى التفرقة بين قوم نوج
وقوم هود عليهما الصلاة والسلام ولو حمل الوصف على الذمّ هنا، وفرق بأنّ مقتضى المقام ذمّ قوم هود لشدة عنادهم لقولهم إنا لنراك في سفاهة مع كونه معروفا بينهم بالحلم والرشد، وذم قوم نوح في سورة المؤمنين لعنادهم بقولهم :﴿ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ، إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ ﴾ [ سورة المؤمنون، الآية : ٢٤-٢٥ ] لما فيه من فرط العناد، ثم إنه قيل إنّ الظاهر أن ما نقل هنا عن قوم نوج ﷺ مقالتهم في مجلس أو مقالة بعضهم، وما نقل في سورة المؤمنين مقالتهم في مجلس آخر، أو مقالة بعض آخر، فروعي في المقامين مقتضى كل من المقالتين، ثم إن شذة عناد من عاند من قوم هود ﷺ لا تنافي قرب جملتهم من جملة قوم نوج، حيث آمن بعض أشرافهم دون أشراف قوم نوجء!ر، فإن قلت قوله إذ كان من أشراف قومه من آمن يقتضي أنّ قوم نوج عليه الصلاة والسلام ليسوا كذلك، وهو ينافي قوله في تفسير قوله والذين آمنوا معه أنه آمن معه أربعون رجلاً وأربعون امرأة، وقوله تعالى :﴿ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ [ سورة هود، الآية : ٣٦ ] قلت هؤلاء لم يكونوا من السادات كما هو المعتاد في اتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام، وفيل إنه وقت مخاطبة نوح جمز لقومه لم يكونوا آمنوا، بخلاف قوم هود، ومثله يحتاج إلى النقل. قوله :( متمكناً في خفة عقل راسخا فيها ( حيث لم يقل سفيها، وجعله متمكنا فيها تمكن الظرف في المظروف، ففيه استعارة تبعية مع أن واللام المؤكدة لذلك، وقوله حيث فارقت الخ تعليل لذلك. وقوله ولكني رسول مرّ تحقيق الكلام فيه. قوله :( وفي إجابة الآنبياء عليهم الصلاة والسلام الكفرة الخ ( توصيفه الكلمات بالحماقة مبالغة، والمعنى الأحمق قائلها فهو مجاز، وقوله عن مقابلتهم أي


الصفحة التالية
Icon