ج٤ص١٨٩
حيف فيه ( سيأتي الكلام على هذا التفضيل في أحسن الخالقين، ولا معقب لحكمه أي لا أحد يتعقبه ويبحث عن فعله من قولهم عقب الحاكم على حكم من قبله إذا تتبعه، وكونه كذلك يقتضي سداده، وخيرية الحكم إنما هي باعتباره فلا وجه لما قيل إنه يقتضي قوّته لا خيريته، وهو غنيّ عن الرذ وان ظنه شيئا.
قوله :( أي ليكونن أحد الأمرين ) بيان لمعنى أو وما قيل إنه جواب أن يقال كيف يصح وقوع لتعودنّ جواباً للقسم، والعود ليس فعل المقسم يعني أنّ جواب أحد الأمرين وهو في وسعه يقتضي أنّ القسم لا يكون على فعل الغير، ولم يقل أحد به فإنه يقال والله ليضربن زيد من غير
نكير. قوله :( وشعيب عليه الصلاة والسلام لم يكن في ملتهم قط ) دفع لما يقال أنّ العود الرجوع إلى ما كان عليه قبل، وشعيب عتئ نبيّ معصوم عن الدّنوب فضلاً عن الكفر، فأشار المصنف رحمه ألله إلى أنه من باب التغليب فغلبوا عليه، والعائد منهم دونه كما غلب هو عليهم في الخطاب ففي الآية تغليبان أو تعود بمعنى تصير يعمل عمل كان كما أثبته بعض النحاة واللغويين، وسيأتي أنّ المصنف رحمه الله جوّزه في سورة إبراهيم، وحينئذ فلا تغليب إلا أنه قيل إنه لا يلائم قوله بعد إذ نجانا الله منها إلا أن يقال بالتغليب فيه، أو يقال التنجية لا يلزم أن تكون بعد الوقوع في المكروه، ألا ترى إلى قوله :﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ ﴾ [ سورة الأعرأف، الآية : ٨٣ ] وأمثاله أو أنّ هذأ القول جار على ظنهم أنه كان في ملتهم لسكوته قبل البعثة عن الإنكار عليهم، أو هو صدر عن رؤسائهم تلبيسا على الناس وايهاما لأنه كان على دينهم وما صدر عن شعيب عليه الصلاة والسلام على طريق المشاكلة، وقيل إنه جار على نهج قوله :﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٥٧ ] والإخراج يستدعي دخولاً سابقا فيما وقع الإخراج منه، ونحن نعلم أنّ المؤمن الناشئ في الإيمان لم يدخل قط في ظلمة الكفر، ولا كان فيها وكذلك الكافر الأصلي لم يدخل قط في نور الإيمان ولا كان فيه، ولكن لما كان الإيمان والكفر من الأفعال الاختيارية التي خلق الله العبد ميسراً لكل واحد منها متمكناً منه، لو أراده عبر عن تمكن المؤمن من الكفر ثم عدوله عنه إلى الإيمان اختياراً بالإخراج من الظلمات إلى النور توفيقا من الله له ولطفاً به، والعكس في حق الكافر وقد مضى تطبيق هذا النظر عند قوله :﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ١٦ ] وهو من المجاز المعبر فيه عن المسبب بالسبب، وفائدة اختياره في هذا الموضع تحقيق التمكن والاختيار لإقامة حجة الله على عباده، وهاهنا احتمال وهو أنّ الظاهر أنّ العود المقابل للخروج إلى ما خرج منه وهو القرية، والجار والمجرور حال أي ليكن+ منكم الخروج من قريتنا، أو العود إليها كائنين في ملتنا، فلا تغليب وعدى عاد بفي كان الملة لهم بمنزلة الوعاء المحيط بهم. قوله :( أي كيف نعود الخ ) في الكشاف الهمزة للاستفهام والواو والحال تقديره أتعيدوننا في ملتكم حال كراهتنا، قيل ليست هذه واو الحال بل واو العطف عطفت هذه الحال على حال مقدرة كقوله عتئ :" ردّوا السائل ولو بظلف محرق " ) ١ ( إذ ليس
المعنى رذوه حال الصدقة بظلف محرق بل معناه رذوه مصحوبا بالصدقة ولو مصحوباً بظلف محرق. ) قلت ) وقد تقدّمت هذه المسألة وإنه يصح أن تسمى واو الحال وواو العطف، ولولا خشية التكرار لذكرته. وقال أبو البقاء رحمه الله : لو هنا بمعنى إن لأنها للمستقبل، وفسر الهمزة بكيف لأنها أظهر في التعجب وأنسب بالمقام، وخصه بالوجه الأوّل لأنّ التعجب يناسب العود دون الإعادة، وجعل الواو للحال لأنه المعروف في أمثاله وخصه بالعود دون الإخراج لدلالة قوله إن عدنا عليه، وان فسره في التيسير بقوله أتخرجوننا من قريتنا من غير ذنب ونحن كارهون لمفارقة الأوطان، وقد وجه بأنّ العود مفروغ منه لا يتصوّر من عاقل فلا يكون إلا الإخراج فتأمّل. قوله :( شرط جوابه محذوف دليله قد افترينا الخ ) في الكشاف أنه إخبار مقيد بالشرط وفيه وجهان أحدهما أن يكون كلاما مستأنفا فيه معنى التعجب، كأنهم قالوا ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر بعد الإسلام لأنّ المرتد أبلغ في الافترأء الخ والثاني أن يكون قسما على تقدير حذف اللام بمعنى والله لقد افترينا على الله كذبا. قال النحرير : كأنّ أصل السؤال والجواب تمهيد لما يبنى عليه من


الصفحة التالية
Icon