ج٤ص١٩٧
بأجنبيّ وهو أن لو نشاء سواء كان فاعلا أو مفعولاً. قوله :( أو منقطع عنه بمعنى ونحن نطبع ) فهي جملة مستأنفة كما يشهد له تقدير المبتدا لأنهم التزموه في الاستئناف دران خفى وجهه كما مرّ في سورة آل عمران ويحتمل أن تكون معترضة تذييلية أيضا، أي ونحن من شأننا وسنتنا أن نطبع على قلب من لم نرد منه الإيمان حتى لا يتعظ بأحوال من قبله ولا يلتفت إلى الأدلة، وليس معناه إنه معطوف على جملة أو لم نهد كما يوهم. قوله :( ولا يجورّ عطفه على أصبناهم الخ ) قوله لأنه في سياقة جواب لو تعليل لجعله بمعنى الماضي لأنّ المعطوف على الجواب له حكم الجواب، وهي تختص بالماضي وقوله لإفضائه الخ تعليل لقوله لا يجوز، وقد تبع المصنف رحمه الله تعالى
هذا الزمخشريّ، وقد قيل عليه إنه يجوز عطفه عليه ولا يلزم أن يكون المخاطبون موصوفين بالطبع ولا بد، فهم وان كانوا كفاراً ومقترفين للذنوب ليس الطبع من لوازمهم إذ الطبع هو التمادي على الكفر، والإصرار عليه حتى يكون مأيوسا من قبوله للحق ولا يلزم أن يكون كل كافر بهذه المثابة بل إنّ الكافر يهدد لتماديه على كفره بأن يطبع على قلبه فلا يؤمن أبداً وهو مقتضى العطف على أصبناهم فيكون في الآية قد هذد بأمرين إصابته بذنبه والطبع على تلبه والثاني أشدّ من الأوّل، وهو نوع من الإصابة بالذنب والعقوبة أنكى فهو كقوله :﴿ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٢٥ ا ] وإنما الزمخشريّ فرّ من دخوله تحت المشيئة على مذهبه لأنه قبيح واللّه تعالى متعال عنه فلا ينبغي للمصنف رحمه الله تعالى أن يتابعه عليه والحق أنّ منعه له ليس بناء على أنه لا يوافق رأيهم فقط بل لأنّ النظم لا يقتضيه، وهو الذي جنح إليه المصنف رحمه الله تعالى لأنه يستلزم انتفاء كونهم مطبوعا على قلوبهم لمستفيده كلمة لو من انتفاء جملتيها واللازم باطل لقوله :﴿ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ أي يصرّون على عدم القبول وقوله :﴿ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [ سورة يون!، الآية : ٧٤ ] العامّ لأهل القرى الوارثين والموروثين وقوله :﴿ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ ﴾ لدلالته على أنّ حالتهم منافية للإيمان وأنه لا يجيء منهم البتة، وبهذا يندفع الاعتراض، وهذا هو الحق الحقيق بالقبول كما ارتضاه المحققون من شراح الكشاف إلا أنه أورد على قولهم اللازم باطل لقوله فهم لا يسمعون إنّ الطبع إذا دخل في حكم المشيئة كان عدم السماع كذلك، وبكون المعنى لو شئنا لاستمرّ منهم عدم السماع، وهو لا ينافي عدم السماع بالفعل، وقيل إنه يمكن أن يقال دخول نفي السماع في حيز لو يقتضي تأويل الاسمية بالماضوية فلا ينافي اعتبار استمرار غير حاصل، ورذ قوله أنّ نطبع على قلوب الكافرين عامّ بأنهم أهل القرى وهي موروثة لا وارثة كما صرّح به فلا وجه للاستدلال به وفيه تأمّل وذهب ابن الأنباري رحمه الله إلى أنّ لو بمعنى أن وأصبنا بمعنى نصيب. قوله :( سماع تفهم واعتبار ) هذا مما يقتضيه تفريعه على الطبع، وأمّا تفسير. بلا يجيبون كما في سمع الله لمن حمده فغير مناسب. قوله :( حال إن جعل القرى خبرا وتكون إفادته بالتقييد الخ ) قيل لاخفاء أن الكلام فيما إذا أريد الجنس لا تلك القرى المعلوم حالها وقصتها أو تلك القرى الكاملة في شأنها مثل ذلك الكتاب، فإنّ ذلك بمنزلة الموصوف واعترض! بأنّ الحال راجع إلى تقييد المبتدأ لأنّ العامل فيه ما في اسم الإشارة من معنى الفعل، ولو سلم فالسؤال إنما يندفع على تمدير كون نقص حالاً لا خبراً بعد خبر، والقول بأنّ حصول الفائدة بانضمام الخبر الثاني الذي هو بمنزلة الخبر على طريقة هذا حلو حامض ظاهر، والسؤال إنما هو على تقدير الحالية فإنّ الحال فضلة ربما يتوهم عدم حصول الفائدة بها ليس بشيء لظهور أنّ هذا ليس من قبيل حلو حامض
بمعنى من بل كل من الخبرين مستقل اص.
( قلت ) وكذلك ما قيل في الجواب عنه بأنه لما اشترك الخبران في ذات المبتدأ كفى إفادة أحدهما مما لا وجه له، وقد سبق النحرير إلى ما ذكر صاحب الكشف، والجواب أنا نسلم أن العامل فيه ما في المبتدأ من معنى الفعل، وإنه قيد له لكنه في المعنى وصف لذي الحال فيصير الخبر كالموصوف المقصود منه صفته كما في أنت رجل كريم هو في غاية الظهور، والسؤال مندفع على تقدير كونه حالاً بما ذكر، وعلى تقدير كونه خبراً بعد خبر بأنّ التعريف لا يكون للجنس بل للعهد أو للدلالة على كمالها في جنسها حتى كأنها هو، وترك التنبيه عليه لظهوره وكم له أمثال في كلامهم، واليه أشار المدقق


الصفحة التالية
Icon