ج٤ص١٩٨
في الكشف بقوله المعنى على التقديرين مختلف لأنه إذا جعل حالأ يكون المقصود تقييده بالحال كما ذكره الزجاج في هذا زيد قائماً إذا جعل قيدا للخبر إذ الكلام إنما يكون مع من يعلم إنه زيد والا جاء الإحالة لأنه زيد قائما كان أولاً وأما إذا جعل خبراً بعد خبر فتلك القرى على أسلوب ذلك الكتاب على أحد الوجوه ونقص خبر ثان تفخيم على تفخيم حيث نبه على أنّ لها قصصاً وأحوالاً أخر مطوية، وهذا معلوم للشارح في كتابه فكثيراً ما يرسل الأوجه ويفرّع على واحد، ثم إنه علم منه أن الخبر يشترط فيه الإفادة بالذات أو بواسطة قيد له كصفة وحال وقد قال ابن هشام إنّ هذا يشكل على أبي عليّ رحمه الله تعالى في مسألة حكاها عن الأخفش وهي إنه امتنع من إجازة أحق الناس بمال أبيه ابنه لأنه ليس في الخبر إلا ما في المبتدأ، ثم قال فإن قلت أحق الناس بمال أبيه ابنه البارّ به أو النافع له أو نحوه كانت المسألة بحالها في الفساد لأنّ الخبر نفسه غير مفيد ولا ينفعه مجيء الصفة بعده لأنّ وضع الخبر على تناول الفائدة منه لا من غيره، وردّه بأنه إذا جاز للحال أن تحصل الفائدة المقصودة نحو فما لهم عن التذكرة معرضين إذ السؤال إنما هو في المعنى عن الحال فجوازه في الصفة أجدر فتأمّل، يعني أنّ قوله يعني قرى الأمم المارّ ذكرهم ظاهر في جعل اللام للعهد فلا حاجة إلى التقييد بالحال إلا أن يجعل ذلك بياناً للمشار إليه لا تفسيراً للقرى كما قيل. قوله :( بما كذبوه من فبل الرسل الخ ) يعني ما موصولة وقدر عائدها كذبوه لا كذبوا به لأنه لا يجوز حذفه لاختلاف المتعلق كما ذكره المعرب، وفسره في يونس بقوله بسبب تعوّدهم تكذيب الحق، وتمرّنهم عليه قبل بعثة الرسل أي أنهم كانوا قبل البعثة جاهلية مكذبين للحق فلم تقدهم البعثة فالباء سببية، وقال الزجاح فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية تلك
المعجزات بما كذبوا قبل رؤيتها يعني أوّل ما جاؤهم فاجؤوهم بالتكذيب فاتوا بالمعجزات فأصرّوا على التكذيب وهو معنى قول المصنف رحمه الله مدة عمرهم الخ، وقال الطيبي رحمه الله أعلم أنه تعالى جعل عدم إيمانهم بسبب تكذيبهم المقيد بقوله من قبل فالفعل المضارع وهو قوله ليؤمنوا إمّا على ظاهره فيكون المعنى ما كانوا ليؤمنوا الآن أي عند مجيء الرسل لما سبق منهم التكذيب قبل مجيئهم، واما أن يحمل على الاستمرار فالمعنى أنهم لم يؤمنوا قط، واستمرّ تكذيبهم لما حصل منهم التكذيب حين مجيء الرسل، ولما اشتمل الفعل على معنى الاستمرار في الحالات المتعاقبة صح أن يقال بما كذبوا به أوّلاً والوجه الأوّل مناسب لأصول المعتزلة يعني إنما لم يؤمنوا بالرسل بما خالفوا قبل مجيئهم عقلهم الهادي فلما أبطلوا استعدادهم لم ينفعهم مجيء الرسل، والثاني موافق لمذهب أهل السنة لأنّ العقل غير مستقل فلا بد معه من انضمام الرسل والبعثة فهؤلاء لما كذبوا الرسل والآيات، ولم تؤثر فيهم دعوتهم المتطاولة والآيات المتتابعة لم يؤمنوا إلى آخر عمرهم، وهذا أنسب من الأوّل بقوله كذلك يطبع الله يوضع المظهر موضع المضمر وعن مجاهد رحمه الله إنه كقوله. ـ تعالى :﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ٢٨ ] فالمعنى ما كانوا لو أهلكناهم، ثم أحييناهم ليؤمنوا ففيه إيجاز لكن لخفائه تركه المصنف رحمه الله وفيها وجوه أخر وقوله واللام لتأكيد النفي يعني أنها لام الجحود، وقد مرّ شرحها. قوله :( والدلالة على أنهم ما صلحوا الخ ) بيان للتأكيد الذي تفيده لام الجحود ويعطيه التركيب، وقوله :﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ ﴾ بيان لعدم صلاحهم للإيمان ويصح فيه التشبيه والتعظيم للطبع كما في قوله :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٤٣ ا ] وقوله فلا تلين شكيمتهم أي لا ينقادون للحق وأصل معنى الشكيمة حديدة اللجام التي في فم الفرس. قوله :( كثر الناس والآية اعتراض الخ ) يعني وما وجدنا إلى فاسقين اعتراض! إن كان الضمير للناس لأنه لا اختصاص له بما قبله لكن لعمومه يؤكده، ومرجع الضمير معلوم لشهرته فإن كان للأمم المذكورين يكون من تتمة الكلام السابق فهو تعميم لا اعتراض كذا قرره شراح الكشاف فلا معنى لما قيل كيف يكون اعتراضا مع شموله للأمم، ومن في من عهد زائدة، ووجد هذه متعدية لواحد وجوّز فيها أن تكون علمية و!ثرهم متعلق به أو حال. قوله :( وفاء عهد الخ ) يعني أنه على تقدير مضاف لأنّ عهدهم وجد على الوجهين والعهد أما ما عهده الله إليهم ببعثة الرسل ونحوها، أو في عالم الذرّ أو ما عاهدوا الله عليه في نزول الشدة بهم، والحجج


الصفحة التالية
Icon