ج٤ص١٩٩
الدلائل الدالة على الله، وفسره ابن مسعود رضي الله عنه بالإيمان كما في قوله :﴿ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [ سورة مريم، الآية : ٧٨ ] وقيل العهد بمعنى البقاء.
قوله :( علمناهم الخ ) يعني إن وجد هنا بمعنى علم فهي من الأفعال النواسخ الناصبة للمبتدأ والخبر لدخول أن المخففة عليها، وهي لا تدخل إلا على المبتدأ أو على الأفعال الناسخة عند الجمهور خلافا للأخفش رحمه الله فإنه جوّز دخولها على غيرها، وهذه اللام هي اللام الفارقة بين المخففة وغيرها، وأن هذه بعد التخفيف ملغاة لا عمل لها على المشهور كما تقدم تفصيله، وقوله : ذا الحفاظ أي صاحب الحفاظ، وهو المحافظة والمراقبة، ويقال إنه لذو حفاظ ومحافظة إذا كان له أنفة وقوله الضمير للرسل أي في قوله :﴿ وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ١٠٣ ]، أو للأمم المدخول عليه بتلك القرى، والأوّل أولى. قوله :( بأن كفروا بها مكان الإيمان الخ ) الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وهو متعد بنفسه لا بالباء فلذا وجه تعديه هنا بوجوه منها أنه لما كان الكفر والظلم من واد واحد عدّى تعديته أو هو بمعنى الكفر مجازا أو تضمينا أو هو مضمن معنى التكذيب أو الباء سببية، ومفعوله محذوف أي ظلموا أنفسهم أو الناس بسببها، وكلام المصنف رحمه الله ظاهر في التضمين أي كفروا بها واضعين الكفر غير موضعه يعني إنما أوتي موسى الآيات والمعجزات لتكون موجبة للإيمان بما جاء به فعكسوا حيث كفروا فوضعوا الشيء في غير موضمعه، ويحتمل أن يريد التجوّز. قوله :) وفرعون لقب لمن ملك مصر الخ ) يعني إنه علم شخص، ثم صار لقبا لكل من ملك مصر ككسرى لمن ملك فارس والنجاشي لمن ملك الحبشة وقيصر لمن ملك الروم، وقيل هي أعلام أيضا لأنها لا تنصرف وليست من علما الجنس لجمعها على فراعنة وقياصرة وعلم الجنس لا يجمع، فلا بد من القول بوضع خاص لكل من يطلق عليه وليس بشيء لأنّ الذي غرّه قول الرضي إنّ علم الجنس لا يجمع لأنه كالنكرة شامل للقليل والكثير لوضعه للماهية، فلا حاجة لجمعه وقد صرح النحاة بخلافه وممن ذكر جمعه السهيليّ رحمه الله في الروض! الأنف فكأنّ مراد الرضي أنه لا يطرد جمعه، وما ذكره تعسف نحن في غنى عنه، وقوله وكان اسمه الخ المذكور في التواريخ أنّ أحدهما اسم فرعون موسى والآخر اسم فرعون يوسف. قوله :( لعله جواب لتكذيبه إياه الخ ) في هذه الآية قراآت عليّ بجر على لياء المتكلم، وهي قراءة نافع
رحمه الله والقراءة المشهورة على أن لا أقول بجر على لأن المصدرية، وصلتها وهي مشكلة لأنّ الظاهر أنّ عدم ترك قوله للحق حقيق عليه لا أنه حقيق على عدم ترك قوله للحق لأنّ حقيق بمعنى جدير ويتعدى بالباء، وبمعنى واجب ولازم ويتعدى بعلى، وهو المراد هنا فلذا ذهب المفسرون في تأويلها إلى وجوه ستة ستراها، وجعل المصنف رحمه الله قوله :﴿ وَقَالَ مُوسَى ﴾ [ صورة يونس، الآية : ٨٤ ] جوابا لفرعون إذ كذبه المدلول عليه بما قبله. قوله :( وكأنّ أصله الخ ) بناه على القراءة المشهورة واستغنى بشهرتها عن التصريح بها هذا هو الوجه الأول وهو أن في الكلام قلباً وهو على قسمين أن يكون بقلب المعنى والألفاظ بتقديمها وتأخيرها نحو خرق الثوب المسمار أو بقلب المعنى فقط كما هنا فإنّ ياء المتكلم لا وجود لها حتى تؤخر وتزال عن مكانها، وفيه بعد اشتراط أمن اللبس ثلاثة مذاهب مشهورة القبول مطلقا، والمنع مطلقا والتفصيل بين ما تضمن اعتباراً لطيفا وغيره، فيقبل الأول دون الثاني، ولذا ضعفوه هنا، والإغراق وجه آخر لا يدعى أنه المحسن هنا فتأقل، والظاهر أنّ الإسناد والإغراق حقيقة باعتبار أصله والا لم يكن قلبا، وفي الانتصاف أطلق عليه أنه مجاز فإن أراد ظاهره كان مشكلا فتدبر. قوله :( وتشقى الرماج الخ ) هو من شعر لخراش بن زهير وقبله :
كذبتم وبيت الله حتى تعالجوا قوادم حرب لا تلين ولا تمرى
وتلحق خيل لا هوادة بينها وتشقى الرماج بالضياطرة الحمر
وتمرى من أمرت الناقة درّ لبنها وهو استعارة هنا، والهوادة الصلح والميل ورجل ضيطر وضيطار كبيطار ضخم لا غناء عنده، فلذا يطلق على الخدم والسفلة، وهو المراد هنا وهاء ضياطرة عوض عن المد كبياطرة إذ القياس فيه ضحياطير أو هي لتأنيث الجمع، والحمر جمع أحمر كناية عندهم عن العجم لغلبة


الصفحة التالية
Icon