ج٤ص٢٠٠
الحمرة على ألوانهم، فلذا يستعملونه في الذم، وأصله تشقى الضياطرة بالرماح إلا أنّ الثاعر جعل الرماح شقيت بهم لتكسرها من كثرة الطعن فيهم كما قال أبو الطيب :
طوال الردينيات يقصفها دمي وبيض السريجيات يقطعها لحمي
وأفصح عن هذا المعنى في قوله :
والسيف يشقى كماتشقى الضلوع به وللسيوف كعا للناس آجال
قوله :( أو لأنّ ما لزمك فقد لزمته ) عطف على ما قبله بحسب المعنى لأنّ المعنى وإنما
قال حقيق علي أن لا أقول لأنّ أصله ولأنّ الخ، وهذا هو الجواب الثاني أي كما أن قول الحق
لازم له فهو لازم لقو الحق أيضاً، واعترض! عليه بأنّ اللزوم قد يكون من أحد الطرفين دون الآخر كما هنا، فليس كل ما لزمك لزمته، وأجيب عنه بأنه إشارة إلى أنه من الكناية الإيمائية كقوله البحتري :
أو مارأيت الجود ألقى رحله في آل !ة ثم لم يتحوّل
وقول ابن هانئ :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
يعني بلغت الملازمة بين الجود والممدوج بحيث وجب وحق على الجود أن لا يفارق ساحته فيسير حيث سار وهو المراد، وقيل عليه بل معناه أنّ بين الواجب ومن يجب عليه ملازمة فعبر عن لزومه للواجب بوجوبه على الواجب كما استفيد من العكس، وليس من الكناية الإيمائية في شيء بل هو تجوّز فيه مبالغة حسنة. قوله :( أو للأكراق في الوصف بالصدق الخ ) الإغراق المبالغة من قولهم أغرق الرامي في النزع وهو نوع في البديع معروف فقد جعل قول الحق بمنزلة رجل يجب عليه شيء، ثم جعل نفسه أي قابليته لقول الحق وقيامه به بمنزلة الواجب على قول الحق فيكون استعارة مكنية وتخييلية، فالمكنية في قول الحق إذ شبه برجل، والتخييلية في حقيق أي بالغ في وصف نفسه بالصدق فيقول أنا واجب على الحق أن يسعى في أن أكون أنا قائله فكيف يتصوّر مني الكذب، جعل الحق كأنه عاقل يجب عليه أن يجتهد في أن يكون هو القائم به، وقيل عليه هذا إنما يتم لو كان اللفظ هو حقيق على قول الحق، وليس كذلك بل على قولي الحق، وجعل قوله الحق يجب عليه أن يسعى في أن يكون هو قائله ليس له كبير معنى، وهذا مما ذكره النحرير، ولم يجب عنه وأجاب عنه بعض المتأخرين بما لا حاصل له وهو ظاهر الورود، ويمكن دفعه بأن مبناه على أنّ المصدر المؤوّل معرفة لا بد من إضافته إلى ما كان مرفوعأ له، وليس بمسلم فإنه قد يقطع النظر عن ذلك، وصرّح بعض النحاة بأنه قد يكون نكرة كقوله :﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى ﴾ [ سورة يونس، الآية : ٣٧ ] أي افتراء وهنا قطع النظر فيه عن الفاعل إذ المعنى حقيق عليّ قول الحق وهو محصل مجموع الكلام فلا إشكالط فيه، وما ذكره يليق بالتدقيقات الرياضية لا التراكيب العربية فتدبر. وقوله : إلا بمثلي في أكثر النسخ وهو ظاهر، وفي بعضها بمثله على عدم الحكاية وهي بمعنى الأولى والنسخة الأولى أصح. قوله :( أو ضمن حقيق معنى حريص الخ ( هذا هو الجواب الرابع وهو ظاهر، وعلى جعل على بمعنى الباء كما تكون الباء أيضا بمعنى على فحقيق بمعنى جدير، وبقي جواب سادس ذكره ابن مقسم، وقال : إنه أولى وقد أهملوه وهو أنه متعلق برسول إن قلنا
بجواز أعمال الصهفة إذا وصفت، فإن لم نقل به وهو المشهور فهو متعلق بفعل يدلّ عليه، أي أرسلت على أن لا أقول إلا الحق، وقراءة حقيق أن لا أقول بتقدير الجارّ وهو على أو الباء أو يقدر علي بياء مشدّدة، وتفسيره ما مر في القرا آت المشهورة. قوله :( فخلهم الخ ( الظاهر أنه معنى حقيقيّ للإرسال قال الراغب : الإرسال يقال في الإنسان وفي الأشياء المحبوبة والمكروهة، وقد يكون ذلك بالتسخير كإرسال الرياج والمطر، وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع نحو :﴿ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [ سورة مريم، الآية : ٨٣ ] ويقابله الإمساك فأشار المصنف رحمه الله تعالى إلى أنّ المراد به الأخير، وما قيل إنه استعارة من إرسال الطير من القفص تمثيلية أو تبعية لا أصل له، وهذا إشارة إلى ما في الكشاف من أنّ يوسف عليه الصلاة والسلام لما توفي وانقرضت الأسباط غلب فرعون على نسلهم واستعبدهم، فأنقذهم الله بموسى ع!، وكان بين


الصفحة التالية
Icon