ج٤ص٢١٢
الثلاثين للعبادة والعشر لإزالة الخلوف، أو أنّ الثلاثين للتقرب والعشر لإنزال التوراة، ولما كان الوعد في ثلاثين والإتمام بعشر مطلقاً يحتمل أن يكون تعيينهما بتعيين الله أو بإرادة موسى أفاد قوله فتمّ ميقات ريه الخ أن المراد الأوّل أو إنّ إتمام الثلاثين بعشر يحتمل المعنى المتبادر، ويحتمل أنها كانت عشرين تحت بعشر ثلاثين فذكر لدفع هذا التوهم، وأما المفاعلة في المواعدة وتفسيرها بأنه وعده الله الوحي ووعده موسى ع!ي! المجيء فتقدّم تحقيقه في سورة البقرة. قوله :( بالغاً أربعين الخ )
اليمقات الوقت بمعنى وقد فرق بينهما بأنّ الوقت مطلق، والميقات وقت قدر فيه عمل من الأعمال، وفي نصب أربعين وجوه منها ما في الكشاف من أنه حال وتقديره بالغاً أربعين الني كما ذكره المصنف رحمه الله، وردّ بأنه لا يكون حالاً بل معمول للحال المحذوف وأجيب بأن النحويين يطلقون الحكم الذي للعامل لمعموله القائيم مقامه فيقولون في زيد في الدار إنّ الجارّ والمجرور خبر والخبر إنما هو متعلقه، وقيل عليه إن الذي ذكره النحاة في الظرف دون غيره، فالأحسن أنه حال بتقدير معدود أو فيه نظر، وقيل إنه مفعول به بتضمين تئم معنى بلغ وكلام المصنف رحمه الله يحتمله، وقيل إنه منصوب على الظرفية وأورد عليه أنه كيف يكون ظرفاً للتمام والتمام إنما هو بآخرها إلا أن يتجوّز فيه، وقيل هو تمييز، وقيل تنم من الأفعال الناقصة في مثل تمّ الشهور ثلاثين فهذا خبرها، وقوله :( سأل ربه ) أي سأل ربه الكتاب وسأل قد يتعدى لمفعولين، وخلوف فيه بضم الخاء تغير رائحة الفم لأنّ الرائحة الثانية تخلف الأولى، وفي الحديث الصحيح لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، ولذا كره بعضهم السواك بعد الزوال للصائم، وقوله فأمره الله أي تكفيراً لفعله ومنه يعلم ما مرّ من وجه التفصيل، وقوله ثم أنزل عليه التوراة إشارة إلى الوجه الآخر. توله :( تعالى وقال موسى لأخيه هارون ) يفتح النون بالجر بدلاً أو بيانا لأخيه أو النصب بتقدير أعني وقرىء شاذاً بالضم على النداء أو هو خبر مبتدأ مقدّر، وقوله كن خليفتي يقال خلف فلان فلانا صار خليفته، واستخلاف النبيّ آخر وان كان نبيا لا بأس به ولذا وقع في الحديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى. قوله :( وأصلح ما يجب أن يصلح الخ ) يعني إما مفعوله مقدّر بما ذكره وفيه إشارة إلى أنّ المراد إصلاح أمور دينهم لا دنياهم، أو هو منزل منزلة اللازم من غير تقدير مفعول وهو يفيد التعميم أو معناه ليكن منك إصلاج وليس المراد به أيّ إصلاح كان بل إصلاج تاتم عامّ لأنه نكرة في سياق النفي، وقيل إنه لا يناسب المقام، وقوله :( ولا تتبع من سلك الإفساد ( كأنه إشارة إلى أنه جعل الإفساد كالطريق المسلوك لهم كما يقال هذه طريقة فلان، ولا تطع من دعاك إليه كالتفسير له أو لبيان أنه نهاه عن اتباعهم بدعوة وبدونها. قوله :( واللام للاختصاص ( كما في قوله :﴿ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ﴾ [ سورة الإسراء، الآية : ٧٨ ] وليست بمعنى عند كما ذهب إليه بعض
النحاة، وقوله لوقتنا الذي وقتناه أي لتمام الأربعين. قوله :( من غير وسط كما يكلم الملاتكة ( لما لم يمكن المعتزلة إنكار كونه متكلما ذهبوا إلى أنه متكلم بمعنى موجد للأصواب والحروف في محالها أو بإيجاد أشكال الكتابة في اللوح المحفوظ وان لم تقرأ على اختلاف بينهم، وقد ردّ بأنّ المتحرّك من قامت به الحركة لا من أوجدها وألا لصح اتصاف الباري بالاعراض المخلوقة له تعالى عن ذلك علوا كبيرا على ما حقق وفصل في علم الكلام، ونحن معاشر أهل السنة نثبت الكلام لله والقائم بذاته هو الكلام النفسي وقال الشهرستاني : بل اللفظي القديم على ما حقق في شرح المواقف فعليه الله متكلم له أن يكلم مخلوقاته بكلام لفظي من غير واسطة، وعلى الأوّل أيضا كذلك بأن يخلق فيه قوّة يسمع بها ذلك من غير صوت ولا حرف كما ترى ذاته في الآخرة من غير كمّ ولا كيف وكلام المصنف رحمه الله مجمل اقتصر فيه على المرتبة المتيقنة فكأنه قال كلمه بالذات كما يكلم الملائكة، ولذا اختص! موسى ﷺ باسم الكليم والمراد بالسماع من كل جهة عدم اختصاص ما سمعه بجهة من الجهات، وكذا قوله تنبيه على أنّ سماع كلامه القديم الخ اقتصر فيه على المقدار المتفق عليه بين أهل السنة، ولعمري لقد سلك المحجة الواضحة. قوله :( أرني نفسك الخ ) فيه إشارة إلى أنّ المفعول محذوف لأنه معلوم ولم يصرّج به تأدبا، ولما كانت


الصفحة التالية
Icon