ج٤ص٢٥٧
فكانوا فاعلين معنى وسيأتي تحقيقه إلا أنه قيل إن فاعل تغشية النعاس، هو الله تعالى، وهو فاعل الأمنة أيضا لأنه خالقها، وحينئذ يتحد فاعل الفعل والعلة ويندفع السؤال على قواعد أهل السنة، ولا يخفى أنّ المعتبر الفاعل اللغوي، وهو المتصل بالفعل، وهو تعالى غير متصف بالأمن ولا يقال له آمن والعبد هو الفاعل لغة وإن كان تعالى هو الفاعل حقيقة، وحينئذ يفتقر السؤال إلى دفعه بما مرّ، فإن قلت لم اقتصر على أنه مفعول !ه هنا وجعله في آل عمران تارة حالاً وأخرى مفعولاً به ومفعولاً له، قلت قالوا إنّ ذلك المقام اقتضى الاهتمام بشأن الأمن، ولذلك قدمه وبسط الكلام في الأمن وازالة الخوف، ألا ترى إلى سياق الآية وهو قوله :﴿ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ ﴾ [ سررة آل عمران، الآية : ١٥٣ ]، وسباقها وهو قوله يغشى طائفة الخ حيث جعله صفة لنعاسا وختم الكلام بقوله لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم كيف جعل الكلام كله في الأمن والخوف بخلافه هنا لأنه مقام تعداد النعم فجيء بالقصة مختصرة بالرمز. قوله :( يهاب النوم أن ينشى عيونا تهابك فهو نفار شرود ) هذا من قصيدة للزمخشركا في ديوانه وتهاب بمعنى تخاف، ونفار صيغة مبالغة كنفور من النفور والشرود وهما بمعنى، وقراءة أمنة بالسكون لغة فيه. قوله :( من الحديث والجنابة الخ ) على هذا يصير تفسير الرجز بالجنابة مكرّرأ فالتفسير هو الثاني كما قيل وقد أشار المصنف رحمه الله إلى دفع التكرار بأنّ الجملة الثانية تعليل للأولى والمعنى طهركم منها لأنها من رجز الشيطان، وتخييله والكثيب ما اجتمع من الرمل، والا عفر بعين مهملة وفاء وراء مهملة رمل أبيض يخالطه حمرة، وتسوخ
فيه أي تغوص وتنزل فيه الإقدام للينه وهذا الحديث أخرجه ) ١ ( أبو نعيم في الدلائل، وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وليس فيه فاحتلم أكثرهم، وقوله :( على عدوته ) بضم العين أي جانبه والركاب الإبل اسم جمع لا واحد له من لفظه أو واحده ركوبة، وقوله :( تلبد ) أي التصق بعضه ببعض، وذهب تخلخه فسهل المشي عليه، وقوله وزالت الوسوسة أي بسبب زوال ما وسوس به، وأشفقوا بمعنى حزنوا. قوله :( بالوثوق على لطف الله تعالى لخ ( يقال رابط القلب ورابط الجأس للصبور الجريء وكل من صبر على أمر فقد ربط قلبه عليه والأصل ليربط قلوبكم، ثم على قلوبكم فعند الاستعلاء كأنّ قلوبهم امتلأت منه حتى علا عليها فأفاد التمكن فيه، وقوله حتى تثبت في المعركة أي حتى تثبت القلوب في المعركة ولا تجبن فيفرّوا أو حتى تثبت الإقدام لأنّ ثباتها تابع لقوّة القلوب، لا بالمطر لتقدم زمان المطر على زمان الوحي لأنه وقت القتال وذلك قبله لأنّ التثبت بالمطر باق إلى زمانه أو يعتبر زمان الأول متسعا قد وقعا فيه كما مرّ، وقوله في إعانتهم وتثبيتهم أي إعانة المؤمنين وتثبيتهم، ذكره لأنّ توله أني معكم لإزالة الخوف كما في توله :﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾ [ سورة التربة، الآية : ٤٠ ] ولما ورد عليه أن الملائكة، لا يخافون من الكفرة فما وجه خطابهم به دفعه بأن المراد أني معكم أي معينكم على تثبيت المؤمنين والكسر على تقدير القول أي قائلا إني معكم، أو لكونه متضمناً لمعنى القول حكيت به الجمل على المذهبين في أمثاله، واجراء بالجرّ عطفا على إرادة وجوّز نصبه عطفاً على محله ولا حاجة إليه. قوله :( بالبشارة أو بتكثير سوادهم الخ ( البشارة إنا بأن يخبروا الرسول جمح أو بأن يلهموا قلوب المؤمنين ذلك، أو بأن يظهروا لهم في صورة بشرية يعرفونها، ويعدونهم النصر والتمكن كما روي أنّ تكثير السواد كان كذلك. قوله :( فيكون قوله سألقي الخ ( أي على الاحتمال الأخير وهو المحاربة يعني الخطاب مع الملائكة عليهم الصلاة والسلام، والجملتان مفسرتان الخبرية للخبرية والطلبية للطلبية فسألقي الخ تفسير لأني معكم في إعانتهم بإلقاء الرعب واضربوا، تفسير لثبتوا ويكون تثبيتهم قولهم لهم أبشروا بالنصر ونحوه، هالقاء الرعب بقو!هم للمشركين إنهم إن حملوا عليكم انهزمتم ونحوه، ووجه الاستدلال به على تسليم التفسير ظاهر
ولأنّ خطاب ثبتوا للملائكة فالظاهر أن اضربوا كذلك، وهو أحد قولين للمفسرين كما مرّ. قوله :( ومن مفع ذلك جعل الخطاب الخ ( أي من منع قتال الملائكة، جعل الخطاب اًي المخاطبة فيه أي في فاضربوا، أو الكلام المخاطب به في هذا النظم مع المؤمنين إما على التلوين وتغيير الخطاب من خطاب الملائكة إلى خطاب المؤمنين، أو يكون كلاما تلقينيا