ج٤ص٢٦٤
بحرين أعجب مع تصريح الإمام الطيبي به، والحلة معروفة ومنهم من رواه حليته، وجوّز فيه البدلية من الجهول بدل اشتمال فقد حرفه كما يدريه من يدري المعاني الشعرية.
قوله :( أو مما يورثكم الحياة الأبدية الخ ( هذا إمّا استعارة أو مجاز مرسل بإطلاق السبب
على المسبب، وكذا إطلاقه على الجهاد وهو كقوله :﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ١٧٩ ] وأما إطلاقها على الشهادة فمجاز أيضا، ويجوز أن يكون حقيقة والإسناد مجاز على كل حال. قوله :( تمثيل لغاية قربه من العبد الخ ) أصل الحوال كما قال الراغب : تغير الشيء وانفصاله عن غيره وباعتبار التغير قيل حال الشيء يحول وباعتبار الانفصال قيل حال بينهما كذا فحقيقة كون الله حال بين المرء وقلبه أنه فصل بينهما، ومعناه الحقيقي غير متصوّر هنا فهو مجاز عن غاية القرب من العبد لأنّ من فصل بين شيئين كان أقرب إلى كل منهما من الآخر لاتصاله بهما، وانفصال أحدهما عن الآخر، هو إمّا استعارة تبعية، فمعنى يحول يقرب، أو استعارة تمثيلية، وقيل إن الأنسب أن يكون مجازاً مركباً مرسلا لاستعماله في لازم معناه، وهو القرب وليس ببعيد. قوله :( وتنبيه على أنه مطلع الخ ا لأنه أقرب إليها من صاحبها كما مرّ. قوله :( ما عسى ينفل عنه صاحبها ) ما موصولة عبارة عن المكنونات والضمائر وضمير عنه لما باعتبار لفظه وضمير صاحبها للقلوب أي المكنونات التي قد يغفل عنها صاحب القلوب، ولا تعزب عن علام الغيوب، وجملة يغفل صلته، وعسى مقحمة بين الموصول وصلته وكون عسى تقحم بين الشرط والجملة الشرطية، والموصول وصلته، وكثير في كلام المصنفين، وقد وقع في مواضع من الكشاف والهداية وتال أبو حيان رحمه الله : إنه تركيب أعجمي لا عربيّ لأنّ عسى لا تكون صلة ولا شرطا ولا استعمالها بغير اسم ولا خبر كقول الزمخشريّ في الأعراف إن عسى فرّط في حسن الخلافة، وقال الفاضل المرتضى اليمني هذا التركيب مشكل لأنه لم يرد على القياس الملتئب في استعمال عسى لأن لها استعمالين.
أحدهما : أن يكون لها اسم وخبر وخبرها هو أن مع الفعل المضارع.
وثانيهما : أن يكون اسمها أن مع الفعل وشمتغني إذ ذاك عن الخبر فإتا أن تكون زائدة
ككان إذا زيدت لأنها قد تضمن معنى كان كما نص عليه سيبويه فيجوز حينئذ أن تجري مجراها في الزيادة والإقحام لتأكيد الشرط ونحوه، وامّا أن يكون التقدير عسى ان يكون فرط واسم عسى ضمير يرجع إلى أخيه فحذف أن يكون لأنّ حذف خبر عسى جائز كما في الإيضاح وأفا إن عسى معترضة بين إن وفعل الشرط، واسمها ضمير التفريط المدلول عليه بالفعل، وخبرها محذوف وتقديره عسى التفريط أن يكون حاصلا.
( قلت ا لا حاجة في زيادتها إلى تضمين معنى، كان لأن الفرّاء أجاز زيادة جميع أفعال
هذا الباب، وقد تبعه النحرير في سورة الأعراف فاحفظه. قوله :( أو حث على الميادرة الخ ) يعني أن قوله اعلموا الخ المقصود منه الحث على ما ذكر فمعنى يحول بينه وبين قلبه يميته فتفوته الفرصة التي هو واجدها، وهي التمكن من إخلاص القلب ومعالجة إدوائه، وعلله وردّه سليما كما يريده الله فاغتنموا هذه الفرصة التي هو واجدها وهي التمكن من إخلاص القلب وأخلصوها لطاعة الله ورسوله ﷺ فشبه الموت بالحيلولة بين المرء وقلبه الذي به يعقل في عدم التمكن من علم ما ينفعه علمه. قوله :( أو تصوير وتخييلا لخ ) يعني أنه استعارة تمثيلية لتمكنه من قلوب العباد فيصرفها كيف يشاء بما لا يقدر عليه صاحبها شبه بمن حال بين شخص، ومتاعه فإنه يقدر على التصرّف فيه دونه كما في الحديث :" ما من آدمئ إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أرّاغ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا يا مقلب القلوب " ) ١ ( وقوله :) أراد في الآوّل وقض بعده ) إشارة إلى أنه فطر على السعادة وأما الكفر فبقضاء منه فقوله أراد سعادته أي ثبوتها، فتأمّل، وقراءة بين المرّ بتشديد الراء بعد نقل حركة الهمزة إليها على لغة من يقف على الحروف بالتشديد مع إجراء الوصل مجرى الوقف، وقوله بينه وبين الكفر الخ ردّ على الزمخشريّ، وقوله وأنه إليه تحشرون أنسب بالوجه الأوّل، ولذا خالف
الزمخشريّ في تقديمه وضمير أنه دلّه أو للشأن. قوله :( دّنبنا يعمكم أثره الخ ) قد فسرت الفتنة هنا بمعنيبن أحدهما الذنب والمراد بالذنب أمّا تقرير المنكرين واما اختلاف كلمة الدين، وثانيهما العذاب فإن أريد


الصفحة التالية
Icon