ج٤ص٢٦٥
الذنب ف!صابته بماصابة أثره، وان أريد العذاب فأصابته بنفسه، واختلفوا في لأهل هي ناهية أو نافية كما سيأتي تفصيله، وقد قيل إنها دعائية ومن إمّا بيانية أو تبعيضية فحصل بالضرب وجوه بعضها صحيح مراد كما ستراه فأشار بقوله ذنبا إلى اختبار الشق الأوّل، وقوله أثره إشارة إلى أنّ المصيب على هذا التفسير هو الأثر فإمّا أن يقدر أو يتجوّز في إصابته، والمراد بأثره شآمته ووباله وعقابه، وقوله كإقرار المنكر أي تمكين الفعل المنكر بين المسلمين من قولهم أقرّه في مكانه فاستقرّ، وقوله :( بين أظهرهم ) أي بينهم، وظهر مقحم كما مرّ والمداهنة أن يظهر خلاف ما يضمر مصانعة، ومداراة، ومثل للذنب بأمور خمسة وأتى بالكاف إشارة إلى أنه غير مخصوص بها. قوله :( على أنّ قوله لا تصيبن إمّا جواب الأمر الخ ) ولا نافية حينئذ والإصابة لا تخص الظالم بل تعمه وغيره، واعترض عليه ابن الحاجب رحمه الله بأنه غير مستقيم إذ جواب الأمر إنما يقدر فعله من جنى الأمر المطهر لا من جنس الجواب كما ذكره المصنف رحمه الله تبعا لغيره فيقدر أن تتقوا لا تصيب الظالمين خاصة، ويفسد المعنى لأنه يصير الاتقاء سببا لانتفاء الإصابة عن الظالم وأجيب بأنه محمول على اللفظ، وأصل الكلام اتقوا فتنة لا تصيبنكم فإن أصابتكم لا تصيبن الذين ظلموا خاصة بل عمتكم فأقيم جواب الشرط الثاني مقام جواب الشرط المقدر في جواب الأمر لتسببه عنه وسمي جواب الأمر لأنّ المعاملة معه لفظاً وهذا وجه وجيه، والفتنة على هذا إقرار المنكرين الخ، ومن تبعيضية وردّ بأنه من البين أنّ عموم إصابة الفتنة ليس مسبباً عن عدم الإصابة ولا عن الأمر، وهذا إنما يرد لو جعل الضمير في قوله لشببه، لجواب الشرط الثاني، أما لو جعل لجواب الشرط المقدّر والمقدّر صفة الجواب لا الشرط فيكون جواب الشرط الأوّل على أنّ مراده إنه قدر جواب الشرط الأوّل هكذا لأنه المتسبب عنه لا هذا لم يرد عليه شيء، وهو المناسب لدقة نظره، وقيل إنه على رأي الكوفيين حيث يقدّرون ما يناسب الكلام، ولا يلتزمون أن يكون المقدر من جنس الملفوظ ففي مثل لا تدن من الأسد يأكلك المقدر الإثبات أي إن تدن يأكلك، وهنا النفي أي إن لم تتقوا تصبكم، والمصنف رحمه الله قدّر شرطاً يستقيم به المعنى لا مضمون الأمر ولا نقيضه فلا يتبين به كون المذكور جواب الأمر فقيل مراده أنّ التقدير إن لم تتقوا أصابتكم وان أصابتكم لا تخص الظالمين، وقيل عليه إنه لا حاجة إلى اعتبار الواسطة بل يكفي إن لم تتقوا لا تصيب الظالمين خاصة، وقيل مراد من قدر إنّ أصابتكم إن لم تتقوا على مذهب الكسائي رحمه الله في تقدير النفي لكنه عبر عنه بأن أصابتكم لتلازمهما فلا يرد حديث الواسطة، وارتضاه بعض المتأخرين ( وهاهنا بحث ) وهو أنّ من جعله مجزوما في جواب الشرط يحتمل أنه يفسر الفتنة بالذنب ويريد به ارتكاب المعاصي لا الإقرار والمداهنة ليصح أن تتقوا لا
تصيبن الظالمين خاصة بل تعمّ لأنه لا يكفي اتقاؤه بل لا بدّ من دفع المجاهرين به إذا قدر على المنع فمحصل النظم حينثذ اتقوا المعاصي بالذات، وامنعوا من ارتكبها منكم، ولذا قال ابن العربي كما نقله القرطبي : فإن قيل قد قال تعالى :﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ ونحوه مما يوجب أن لا يؤاخذ أحد بذنب غيره فالجواب أن الناس إذا تجاهروا بالمنكر فمن الفرض على من رآه أن يغيره فإن سكت عليه فكلهم عاص هذا بفعله وهذا برضاه، وقد جعل الله في حكمه وحكمته الراضي بمنزلة العامل فانتظم في العقوبة وصح الكلام من غير تكلف. قوله :( وفيه أنّ جواب الشرط متردد فلا يليق به النون الخ ( جواب عن أن لا يؤكد المضارع في غير قسم ولا طلب ولا شرط إلا أنهم اختلفوا في المنفيّ بلا فقيل يجوز تأكيده لإجرائه مجرى النهي، وقيل إنه مخصوص بالضرورة، والفزاء قال إنه جاز هنا لما فيه من معنى الجزاء، والمصنف رحمه الله تبعا للكشاف قال : إنّ فيه معنى النهي لأنّ المعنى لا تتعرّضوا لها فمأخذ الاشتقاق مطلوب عدمه كما في النهي، وما ذكره بيان لوجه عدم تأكيده بأنه متردّد بين الوقوع وعدمه غير مجزوم به فيه، والتأكيد يقتضي دفع التردّد، فأجاب بأنه طلبيئ معنى فيؤكد كما يؤكد الطلبي، وهو لا !اشه التردّد في وقوعه لأنه لا تردد في طلبه، على أنه قيل إنه لا تردّد فيه على تقدير وقوع الشرط فالتردّد في الحقيقة إنما هو في وقوع الشرط لا فيه، وقد علصت أنّ الفرّاء يجوّز تأكيد الجزاء


الصفحة التالية
Icon