ج٤ص٢٦٧
من سائر الناس نحو زيد قائما أحسن منه قاعداً، وقيل الوجه الأوّل أن يكون جوابا للأمر ومحله نصب على أنه بدل من الذين ظلموا، والثاني أن يكون صفة أو نهياً ومن بيانية إلى هذا ذهب القاضي أيضا لأنه إذا كان المراد، واتقوا فتنة لا تصيبنكم العقاب خاصة على ظلمكم كان منكم تفسيرا للذين ظلموا أي لا تصيبن الظالم الذي هو أنتم أي لا ينبغي أن تختصوا بالفتنة، وأنتم عظماء الصحابة فإذا حققت النظر علصت أن المخاطبين في الأوّل كل الأمّة، وراكب الفتنة بعضهم فلا محالة تكون من تبعيضية، والمخاطبين في الثاني بعض الأمّة الذين باشروا الفتنة فلا محيد عن كون من بيانية، وقال النحرير : معنى من التبعيض على الوجه الأوّل أي كون لا تصيبن جواب الأمر لأن الذين ظلموا بعض من كل الأمّة المخاطبين بقوله اتقوا والتبيين على الوجه الثاني، وهو كون لا تصيبن نهيا سواء اعتبر مستقلاً أو صفة لأنّ المعنى لا تتعرّضوا للظلم فتصيب الفتنة الظالمين الذين هم أنتم بناء على ظلمكم، وإنما أصابتهم على ظلمهم خاصة دون سائر الناس لأنّ الظلم منهم أقبح من الظلم من سائر الناس، فقوله منكم في موقع الحال من ضمير أقبح، وقوله من سائر الناس على حذف مضاف أي من ظلم سائر الناس، والقياس في مثله التقديم مثل الظلم منكم أقبح من الظلم من سائر الناس، إذا عرفت هذا فقول المصنف رحمه الله على النسخة المشهورة الوجوه الأول الظاهر أن المراد منه الثلاثة من الخمسة الأوجه وهي كونها نافية وجواب الأمر، أو نافية وهي صفة فتنة أو ناهية وهي صفة فتنة بالتأويل المشهور والأخيرين كونها نافية جواب قسم، أو ناهية والجملة مستأنفة وقد أورد عليه أنه لا فرق بين الوجه الثالث والخامس، وأنها إذا كانت قسم فلا نافية فمن تبعيضية كما في الوجه الأوّل من غير فرق، وأما على نسخة الإفراد وأنّ مراده ما في الكشاف بعينه كما صرّج به الطيبي وتبعه بعض أرباب الحواشي على تصحيحها فلا إشكال في كلامه، وبعد اللتيا والتي ففي المقام نظر لم يدفع بسلامة الأمير. قوله :( وقيل للعرب كاقة ) مسلمهم وكافرهم وهذا وإن نقل عن وهب بعيد لا يناسب المقام مع أن فارس لم تحكم على جميع العرب لكن السيوطي، رواه في الدرّ المنثور أيضا. قوله :( كفار قريث! أو من عداهم الخ ( قيل إنهما ناظران إلى كون الخطاب للمهاجرين، ومن عداهم أي غير قريش من العرب ولو أرجع الأوّل إلى تفسيره
بالمهاجرين، ومن عداهم إلى تفسيره بالعرب أي عادى العرب غيرهم لم يبعد ومعادين مخفف مفاعلة من العداوة، ومضاذين بالتشديد والضاد المعجمة بمعناه. قوله :( فآواكم إلى المدينة ) ناظر إلى تفسيره بالمهاجرين، وما بعده إلى تفسيره بالعرب كافة، وقوله على الكفار بناء على أنّ الخطاب للمسلمين كافة والكفار ما يقابلهم مطلقا، وقوله أو بمظاهرة الأنصار بناء على أن الخطاب للمهاجرين، وقوله بإمداد الملائكة، وهو على عموم الخطاب أيضاً، ويوم بدر ظرف له، وفسر الطيبات بالغنائم لأنها لم تطب إلا لهم ولأنه أنسب بالمقام، والامتنان به أظهر هنا. قوله :( بتعطيل الفرائض والسنن الخ ) يعني المراد بالخيانة لهما عدم العمل بما أمرا به، أو بالنفاق أو الغلول في المغانم أي السرقة منها لأنّ الغلول بالمعجمة معناه السرقة من المغنم. قوله :( وروي الخ ) إشارة إلى وجه آخر بعلم من سبب النزول، وهذا الحديث أخرجه البيهقيّ في الدلائل وفيه أنه ﷺ حاصرهم خمسا وعشرين ليلة ( ١ (، وأبو لبابة رفاعة بن عبد المنذر لا مروان بن المنذر، كما في الكشاف فإنه يخالف ما صحح في أسماء الرجال وهو صحابيّ معروف، وروى ابن المسيب أنه رضي الله عنه تصدق بثلث ماله، وتاب فلم ير منه بعد ذلك إلا الخير حتى فارق الدنيا. قوله :( فأشار إلى حلقه أنه الذبح ) أي أشار بيده إلى حلقه يعني بإشارته أنّ حكم سعد فيكم هو الذبح والقتل فلا تختاروه. قوله :( فشدّ نفسه على سارية ) أي عمود من عمده، وقد اختلف في الفعل الذي أوجب فعل أبي لبابة رضي الله عنه هذا بنفسه كما في الاستيعاب فقيل هو ما ذكره المصنف رحمه الله، وقيل إنه تخلف عن النبيّ ﷺ في غزوة
تبوك فربط نفسه الخ، وقال ابن عبد البرّ إنه أحسن أي رواية، وقوله أنخلع من مالي أي أتركه لله، وقوله أن يتصدق به بدل من الثلث أو بتقدير لأن يتصدق به. قوله :( وأصل الخون النقص الخ ) أي أصل معناه النقص والخائن بنقص


الصفحة التالية
Icon