ج٤ص٢٦٨
المخون شيئاً مما خانه فيه وهو ضد الأمانة، وقوله لتضمنه أي ضد الأمانة إياه أي النقص، واعتبر الراغب في الخيانة أن تكون سراً، وقوله فيما بينكم أي لا تقع منكم الخيانة لله ورسوله ولا يخونن بعضكم بعضاً وأماناتكم على حذف مضاف أي أصحاب أماناتكم ويجوز أن تجعل الأمانة نفسها مخونة. قوله :( وهو مجزوم الخ ) أي يجوز فيه أن يكون منصوبا بإضمار أي في جواب النهي كقوله :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
أي لا تجمعوا بين الخيانتين أو مجزوم بالعطف على ما قبله وهو أولى ولذا قدمه المصنف رحمه الله تعالى لأنّ فيه النهي عن كل واحد على حدته بخلاف النصب، فإنه نهي عن الجمع بينهما ولا يلزم منه النهي عن كل واحد على حدته وروي عن أبي عمر، وأمانتكم بالتوحيد وهو معنى القراءة الأخرى، وقوله :( بالواو ) متعلق بالجواب لأنّ نصبه بأن مقدرة. قوله :( أنكم تخونون الخ ) يعني أنّ الفعل متعد له مفعول مقدر بقرينة المقام كأنكم تخونون ونحوه، أو هو منزل منزلة اللازم واليه أشار بقوله أو وأنتم علماء لأنّ ذلك من العالم أقبح منه بن غيره، وليس المراد بما ذكر التقييد على كل حال، وتميزون بالخطاب والغيبة. قوله :( لأنهم سبب الوقوع الخ ) إشارة إلى معنى الفتنة كما مرّ فإنه إما الإثم والعقاب فتكون أطلقت عليهم لأنهم سببها، أو الاختبار فالمعنى أنّ الله رزقكم الأولاد والأموال ليختبركم وقوله :( كأبي لبابة رضي الله عنه ( إشارة إلى أنه نزل في حقه أو ليس في حقه، ولكنه مناسب لسبب نزول ما قبله ولذا عقب به وقوله :( لمن آثر ) أي اختاره وقدمه عليهم وأنيطوا بمعنى علقوا وهو مجاز حسن، والمعنى اهتموا به وتقيدوا. قوله :( هداية الخ ( ذكروا للفرقان هنا معاني كلها
ترجع إلى الفرد بين أمرين، وقال الطيبي رحمه الله يجوز الجمع بينها فأو للتخيير، ولما فسره بالظهور مع خفائه بين وجهه بأنّ الفرقان ورد في كلام العرب إطلاقه على الصبح، وهو يعرف بالظهور كقوله :
أظلم الليل لم يحر فرقانا
ومن لم يعرف مراده قال لو قال : بدله أبين من فرق الصبح كان أولى. قوله :( ويسترها
الخ ) أي في الدنيا التكفير حقيقته لغة الستر فلذا فسره به لئلا يتكرّر مع قوله يغفر لكم، ثم أشار
إلى أنه يجوز تغايرهما بتغاير المتعلق بأن يراد بأحدهما الصغائر أو ما تقدم وبالآخر الكبائر أو
ما تأخر، وفيه إشارة إلى أنّ مفعول يغفر لكم ذنوبكم فلا يرد عليه أنه كان عليه أن يفسر التكفير
بالإبطال فإنه غفلة عن مراده فلا تكن من الغافلين، وقوله كالسيد الخ مثال لعدم الإيجاب.
قوله :( تذكار لما مكر قريش الخ ) يعني إنه ذكر هنا تذكيراً له بما كان في أوّل الإسلام وقوله
واذكر إذ يمكرون بك الخ مرّ تحقيقه، والوثاق بفتح الواو وكسرها ما يوثق به ويشذ به فالمراد
بالتثبيت هو جعله ثابتا في مكانه إما لكونه مربوطا فيه أو محبوسا، أو مثخنا بالجراج حتى لا
يقدر على الحركة منه، ولا يلزم أن يذكر في القصة الآتية لأنه قد يكون رأي من لا يعتذ برأيه
فلم يذكر فسقط أنّ الإثخان إن كان بدون قتل فلا ذكر له في القصة، وان كان بالقتل يتكرّر
والحراك الحركة، والبراج مصدر برج مكانه زال عنه فنفيه يدل على الثبوت، والبيات الهجوم
على العدوّ ليلا، ودار الندوة دار بناها قصيّ ليجتمعوا فيها للمشاورة والمهمات من نداً بالمكان
اجتمع فيه، ومنه النادي، ولن تعدموا من عدم يعدم وهو ظاهر، وليس من الإعدام كما توهم
وهذا الحديث أخرجه كذلك ابن هشام في سيرته وأبو نعيم وغيرهما عن ابن عباس رضي الله
عنهما فقال الطيبي رحمه الله إنه في مسند أحمد رحمه الله وليس فيه ذكر إبليس من عدم
الاطلاع كما قاله خاتمة الحفاظ رحمه الله، وهذه القصة وقصة الغار مفصلة في السير. قوله :
( بردّ مكرهم عليهم الخ ) المكر لما كان معناه حيلة يجلب بها مضرّة إلى غيره وهو مما لا يجوز في حقه تعالى أشار إلى تأويله هنا بوجوه أولها أنّ المراد بمكر الله ردّ مكرهم أي عاقبته ووخامته عليهم فأطلق على الرذ المذكور مكراً لمشابهته له في ترتب أثره عليه فيكون استعارة تبعية، والمشار إليه بقوله برذ مكرهم عليهم وثانيها أن المراد مجازاتهم على مكرهم بجنسه واطلاق المكر على المجازاة مجاز مرسل بعلاقة السببية والمشاكلة تزيده حسنا على حسن كما في شرح المفتاح ويصح فيه الاستعارة أيضا لأنهم لما أخرجوه عحنن أخرجهم الله فإذا كان المجازاة من جنس العمل كان بينهما مشابهة أيضا، وهو المشار إليه بقوله أو بمجازاتهم