ج٤ص٢٧٧
ولا لازمه لأنهم يعلمونها ويعلمون أنه تعالى عليم بها وليس بسديد لأنه تعالى ذكرهم بهذه الأحوال والعلم يحصل من التذكير وان لم يكن ابتداء، وهو كاف في فائدة الخبر، والدّي يسأل عنه فائدة التذكير وهي هنا تصوير تدبيره تعالى إذ سبب الأسباب حتى اجتمعوا للحرب والامتنان على المؤمنين بتأييدهم مع ضعفهم وقوّة عدوّهم من جهات عديدة، وقوله واستظهارهم بالركب أي تقويهم بهم لقربه منهم، وقوله على المقاتلة عنها أي ال كلدافعة عنها وتوطين نفوسهم أي جعلها ثابتة عليه قارّة كما يقز المرء في وطنه، وقوله أن لا يخلوا
مراكزهم من الإخلاء أي لا يجعلوها خالية منهم، ولو كان من الخلل كان مراكزهم منصوبا بنزع الخافض!، أو مضمنا معنى ما يتعدّى بنفسه والأوّل أولى، وضعف شأن المسلمين كما في الكشاف معلوم من الواقع لقلة عددهم وعددهم المعلوم من إثباته للعدوّ دونهم، فلا يقال إن في دلالة الآية عليه كلاماً. قوله :( والتباث أمرهم ( أي صعوبته والتباسه عليهم من قولهم التاثت عليه الأمور والبست واختلطت، واستبعاد غلبتهم لما مرّ، وتوله : تسوخ فيها الأرجل أي تغيب وتزلّ. توله :( أي لو تواعدتم أنتم وهم الخ ) جعل الضمير الأوّل شاملا للجمعين تغليباً والثاني خاصاً بالمسلمين، وخالف الزمخشريّ فيهما إذ جعله فيهما شاملاً للفريقين لتكون الضمائر على وتيرة واحدة من غير تفكيك وإذ فسره بقوله لخالف بعضكم بعضاً فثبطكم قلتكم وكثرتهم عن الوفاء بالموعد، وثبطهم ما في قلوبهم من تهيب رسول الله ﷺ والمسلميق الخ لأنه غير مناسب للمقام إذ القصد فيه إلى بيان ضعف المسلمين ونصرة الله لهم مع ذلك وقوله ليتحققوا الخ متعلق بالدلالة أو بمقدر أي ذكر ما ذكر ليتحققوا الخ. قوله :) ولكن ليقضي الله أمرا الخ ( أي ولكن تلاقيتم على غير موعد ليقضي الخ فهو متعلق بمقدر كما أشار إليه المصنف رحمه الله، وقوله حقيقاً بأن يفعل الخ تأويل له لأن القضاء قبل فعله لا بعد ما كان مفعولاً، ولذا فسره الزمخشريّ بقوله كان واجباً أن يفعل لأنّ تحققه ووجوبه مقرّر قبل ذلك، وقيل : كان بمعنى صار الدالة على التحوّل أي صار مفعولا بعد أن لم يكن، وقيل : إنه عبر به عنه لتحققه حتى كأنه مضى. قوله :( بدل منه أو متعلق بقوله مفعولا الخ ( وقيل : إنه متعلق بيقضي، وقد قيل عليه إنّ علة القضاء كون المقضي حقيقا بأن يفعل الذي يفيده كان مفعولاً، وقوله ليهلك إنا علة للجمع فيكون بدلاً متعلقأ به أو لكونه حقيقا أو لنفس أن يفعل فيكون متعلقاً بمفعولاً لا بالقضاء، وليس بشيء لأنه إذا تعلق به، كان المعنى ليظهر ويقع ما ذكر وهو ظاهر. قوله :( والمعنى ليموت من يموت عن بينة الخ ) المراد بالبينة الحجة الظاهرة أي ليظهر الحجة بعد هذا
فلا يبقى محل للتعليل بالأعذار، وقوله أو ليصدر الني فالمراد بالحياة الإيمان وبالموت الكفر استعارة أو مجازاً مرسلاً والبينة إظهار كمال القدرة الدال على الحجة الدامغة ليحق الحق ويبطل الباطل. قوله :( والمراد بمن هلك ومن حئ المشرف للهلاك والحياة الخ ( المشارفة للهلاك ظاهرة، وأما مشارفة الحياة فقيل المراد الاستمرار على الحياة بعد وقعة بدر فيظهر صحة اعتبار معنى المشارفة في الحياة أيضاً، وإنما قال : المراد ذلك لأنّ من حيّ مقابل لمن هلك، والظاهر أن عن بمعنى بعد كقوله تعالى :﴿ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ﴾ [ سورة المؤمنون، الآية : ٤٠ ] وقيل : لما لم يتصوّر أن يهلك في الاستقبال من هلك في الماضي حمل من هلك على المشارفة فيرجع إلى الاستقبال، ولذا قال في بيان المعنى ليموت الخ، وكذا لما لم يتصوّر أن يتصف بالحياة المستقبلة من اتصف بها في الماضي حمل على المشارفة ليكون مستقبلا أيضا لكن يلزم منه أن يختص بمن لمن يكن حياً إذ ذاك فيحمل على دوام الحياة دون الاتصاف بأصلها، فالمعنى لتدوم حياة من أشرف لدوامها كما أشار إليه المصنف بقوله، ويعيش من يعيش الخ، ولا يجوز أن يكون المعنى لتدوم حياة من حيّ في الماضي لأن من حيئ حينئذ يصدق على من هلك فلا تحصل المقابلة، ولقائل أن يقول : لما كان نزول هذه الآية بعد بدر صح التعبير بالماضي لحصول هلاك من هلك، وتبقية من بقي وقت النزول والاستقبال بالنظر إلى الجمع لتأخرهما عنه فلا حاجة إلى التأويل بالإشراف فتأمّل. قوله :) أو من هذا حاله في علم الله وقضائه ) حاصله اعتبار المعنى باعتبار علم الله وقضائه وبه يندفع المحذور السابق، وهذا عبارة عما ذكر


الصفحة التالية
Icon