ج٤ص٢٧٨
من الحياة والهلاك. قوله :( وقرىء ليهلك بالفتح ) قرأها الأعمش، وعصمة عن أبي بكر عن عاصم، وقياس ماضيه هلك بالكسر والمشهور فيه الفتح كقوله :﴿ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ﴾ [ صورة النساء، الآية : ١٧٦ ] وقد سمع في فعله هلك يهلك كضرب يضرب ومنع وعلم كما في القاموس، وقال ابن جني في المحتسب : إنها شاذة مرغوب عنها لأن ماضيه هلك بالفتح ولا يأتي فعل يفعل إلا إذا كان حرف الحلق في العين أو اللام فهو من اللغة المتداخلة، وقد تبعه الزمخشريّ في سورة الأحقاف. قوله :( للحمل على المستقبل ) أي المضارع قال أبو البقاء : حيئ يقرأ بتشديد الياء وهو الأصل لتماثل الحرفين كشد ومد، ويقرأ بالإظهار، وفيه وجهان أحدهما أنّ حيّ حمل على المستقبل وهو يحيا فلما لم يدغم فيه لم يدغم في الماضي، وليس كذلك شدّ ومذ لإدغامه فيهما، والثاني أن حركة الحرفين مختلفة فالأولى مكسورة والثانية مفتوحة، واختلاف الحركتين كاختلاف الحرفين، ولذا أجازوا في
الاختيار ضبب البلد إذا كثر ضبابه، أو لأنّ الحركة الثانية عارضة تزول في نحو حييت، وهذا في الماضي، أما إذا كانت حركة الثاني حركة إعراب فالإظهار فقط. قوله :( بكفر من كفر وعقابه ) المراد بالأمرين الإيمان والكفر واشتمالهما على الاعتقاد واشتمال الإيمان على القول ظاهر لاشنراط إجراء الأحكام بكلمتي الشهادة، واشتمال الكفر على القول بناء على المعتاد فيه أيضا، وليس الأمر على التوزيع كما توهم، وقيل : المراد بالأمرين الهلاك والحياة فإن الحيّ له قول واعتقاد، كما أنّ المشرف على الحياة كذلك وليس بشيء. قوله :( مقدّر باذكر أو بدل ثان من يوم الفرقان الخ ( معنى تقديره باذكر أنه ظرف له أو مفعول كما مرّ، ولذا لم يقل نصب باذكر ليصدق على المذهبين وتعلقه بعليم لا يخفى ما فيه، وقوله :( في عينك في رؤياك الخ ) في رؤياك يحتمل الحالية والبدلية، والرؤية مصدر رأي البصرية في اليقظة، والرؤيا مصدر رأي الحلمية وهو المراد هنا. فيكون أي أثر إخباره، وقوله :( لجبتتم ) من الجبن مضموم العين لأنه من أفعال السجايا، والفشل بمعنى الجبن، وفي الكشاف وعن الحسن في منامك في عينك لأنها مكان النوم كما قيل للقطيفة المنامة لأنه ينام فيها : وهذا تفسير فيه تعسف، وما أحسب الرواية صحيحة فيه عن الحسن وما يلائم علمه بكلام العرب وفصاحته، ولهذا تركها المصنف رحمه الله. ووجه التعسف أنّ المنام شاع بمعنى النوم مصدر ميمي لا في المحل الذي ينام فيه الشخص النائم، فالحمل على خلافه تعسف، ولا نكتة فيه وما قيل : أنّ فائدة العدول الدلالة على الأمن الواقع فيه لما غشيهم النعاس فليس بشيء لأنّ التقييد بذلك النوم في تلك الحالة لا دليل عليه، فهو تجوّز بعيد خال عن الفائدة مع شهرة أن النبيّ ﷺ رآه في المنام وقصه على أصحابه رضي الله عنهم، فلا يعارضحه كون العين مكان النوم نظراً إلى الظاهر. قوله :( وهو أن تخبر الخ ( كان الظاهر وهي أي المصالح، ولكنه راعى فيه الخبر أي المصالح ما! منها إخبارك لهم فلا تقدير فيه ولا إشكال كما قيل. قوله :( تعالى لفشلتم ) جمع ضممير الخطاب في الجزاء مع إفراده في الشرط إشارة إلى أنّ الجبن معرض لهم لا لهءسي! إن كان الخطاب للأصحاب فقط، وان كان للكل فيكون من إسناد ما للأكثر للكل. قوله :( يعلم ما سيكون فيها الخ ) قيل : قيده بالمستقبل لأنه تعليل لأمور مستقبلة من الجبن والتسليم ونحوه، وقوله : فيها إشارة إلى أنّ معنى ذات الصدور ما فيها من الخواطر التي جعلت كأنها مالكة للصدور. وقوله :
وقليلا حال الخ أخره ليعلم به حال ما قبله من قليل وكثير. قوله :( وإنما فللهم الخ ( تثبيتأ علة للتقليل في المرأى وكذا تصديقا، وأكلة جزور ومثل في القلة كآلكة رأس أي أنهم لقلتهم يكفيهم ذلك وآكلة بوزن كتبة جمع أكل بوزن فاعل والجزور الناقة. قوله :( وقللهم في أعينهم الخ ) يعني حكمه تقليل الكفرة في أعين المؤمنين ما مرّ، وتقليلهم في أعين الكفار كان في ابتداء الأمر لجترؤوا أي تحصل لهم الجراءة عليهم، ويتركوا الاستعداد والاستمداد، والتحام القتال بالحاء المهملة دخول بعض القوم في بعض كلحمة الثوب، ثم بعد ذلك رأوهم كثيراً لتفجأهم الكثرة، وفي نسخة لتفاجئهم أي لتقع لهم فجأة وبغتة فيكون لهم بهتة وتحير وضعف قلوب وضمير يرونهم للمؤمنين وضمير مثليهم للمؤمنين أو للكافرين، والظاهر الثاني. قوله :( وهذا من عظائم آيات تلك الوقعة الخ ( إشارة إلى أنّ


الصفحة التالية
Icon