ج٤ص٢٨٣
السبب الموجب ما
يكون مؤثراً في حصول شيء سواه كان عن استحقاق أو لا، ألا ترى أنّ الضرب والقتل بظلم سبب للإيلام والموت مع أنه ليس عن استحقاق، فاعتراض! السائل واقع في موقعه، ولا يمكن التقصي عنه إلا بما قرّرنا. من أنّ معنى الآية ذلك العذاب بكسب أيديكم لا لشيء آخر من إرادة التعذيب بلا ذنب فانه تعالى ليس بظلام فالمقام مقام تعيين السببية، وتخصيصها للذنوب وذلك لا يحصل إلا بنفي صدور العذاب بلا ذنب منه تعالى، ومن هنا علم أنّ قوله وبالجملة الخ ليس بسديد فإنّ مبناه كون الاستحقاق شرطا للسببية، وقد مرّ ما فيه لمختار أجلة المفسرين من كون نفي الظلم سبباً آخر للتعذيب لأنّ سببية نفي الظلم موقوفة على إمكان إرادة التعذيب بلا ذنب، وكونها سبباً للعذاب فكيف يكون مآل كون التعذيب بلا ذنب كونه بدون سبب فتأمّل. قوله :( ينتهض الخ ) قيل هذا ينافي ما ذكر في آل عمران، وقد علصت جوابه، وقيل إنه قد يتحقق بالعفو إذ ليسا بطرفي نقيض عندنا فلا يتم ما ذكره، وقد عرفت ما فيه، ثم إنه قيل ما في آل عمران ظاهر البطلان فإنّ ترك التعذيب من مستحقه ليس بظلم شرعا ولا عقلاً لينتهض نفي الظلم سببا للتعذيب، ومنشؤه عدم الفرق بين السبب، والعلة الموجبة والفرق واضح، فإن السبب وسيلة غير موجبة لحصول المسبب بخلاف العلة، والعدل اللازم من نفي الظلم سبب العذاب المستحق، وإن لم توجبه فالاستدلال بعدم الإيجاب على عدم المسبب فاسد، ولبعض أهل العصر فيه كلام تركناه خوف الإطالة ثم إن قول المصنف رحمه الله ترك التعذيب من مستحقه ليس بظلم لا ينتهض على المعتزلة إلا أن يقال إنه كلام تحقيقي وان لم يسلموه فتأمل. قوله :( وظلام للتكثير الخ ) جواب ما قيل إنّ نفي نفس الظلم أبلغ من نفي كثرته ونفي الكثرة لا ينفي أصله بل ربما يشعر بوجوده، ورجوع النفي للقيد بأنه نفي لأصل الظلم، وكثرته باعتبار آحاد من ظلم كأنه قيل ظالم لفلان، ولفلان وهلمّ جزاً فلما%!مع هؤلاء عدل إلى ظلام لذلك أي لكثرة الكمية فيه، وقد أجيب بوجوه منها أنه إذا انتقى الظلم الكثير انتفى الظلم القليل لاًنّ من يظلم يظلم للانتفاع بالظلم، فإذا ترك كثيره مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع، والضر كان لقليله مع قلة نفعه أكثر تركا وبأنّ ظلام للنسب كعطار أي لا ينسب إليه الظلم أصلا وبأنّ كل صفة له تعالى في أكمل المراتب فلو كان تعالى ظالماً كان ظلاما فنفي اللازم لنفي الملزوم، وبأنّ نفي الظلام لنفي الظالم ضرورة أنه إذا انتفى الظلم انتفى كماله فجعل نفي المبالغة كناية عن نفي أصله انتقالأ من اللازم إلى الملزوم، فإن قلت لا يلزم من كون صفاته تعالى في أقصى مراتب الكمال كون المفروض ثبوته كذلك بل الأصل في صفات النقص على تقدير ثبوتها أن تكون ناقصة، قلت إذا فرض! ثبوت صفة له تعالى يفرض! بما يلزمها من الكمال، والقول بأنّ هذا في صفات الكمال إنما يوجب عدم ثبوتها لا ثبوتها ناقصة، وأجيب
أيضا بأنّ استحقاقهم العذاب بلغ الغاية بحيث لولاه لكان تعذيبهم غاية الظلم، وهو الذي ارتضاه في الكشاف وأيده في الكشف وأيضاً لو عذب تعالى عبيده بدون استحقاق، وسبب لكان ظلماً عظيما لصدوره عن العدل الرحيم. قوله :( أي دأب هؤلاء الخ ) الدأب إدامة السير، والدأب العادة المسمرة، وهو المراد هنا كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى وأشار إلى أنه خبر مبتدأ مقدر وهو دأب هؤلاء وتفسير الكاف بمثل لا يقتضي أنها اسم كما قيل. قوله :( تفسير لدأبهم ) أي للدأب المشبه، والمشبه به لأنه لبيان وجه الشبه كما سيأتي فتكون الجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب، وقيل إنها مستأنفة استئنافا نحويا أو بيانياً، وقيل حالية بتقدير قد. قوله :) كما أخذ هؤلاء ) المقصود بيان اشتراكهما في الأخذ لا التشبيه حتى يقال إنه تشبيه مقلوب. قوله :( لا يغلبه في دفعه شيء ) تفسير للقوى المضموم إليه شديد العقاب أي لا يغلبه غالب فيدفع عقابه عمن أراد معاقبته وما حل بهم هو الانتقام بتعذيبهم، وقوله مبدلاً إشارة إلى أنه تغيير خاص بتبديل إلى ضدّه فإنّ التغيير شامل لغيره، وقوله ما بهم إشارة إلى أنّ المراد بالأنفس الذوات. قوله :( ١ لى حال أسوأ كتغيير قريش الخ ) في الكشاف في دفع السؤال بأنهم لم يكن لهم حال مرضية غيروها إلى حال مسخوطة إنه كما تغير الحال المرضية إلى المسخوطة تغير الحال المسخوطة إلى أسخط منها، وأولئك كانوا قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon