ج٤ص٢٩٨
ولا تعارض! بين الأقوال لأنهما أمران نسبيان فلا وجه لإنكاره. توله :( أي بأنّ الخ ) هذا على قراءة الفتح يكون بتقدير حرف جرّ لاطراد حذفه مع أنّ وأن والجارّ والمجرور متعلق بمحذوف هو صفة المصدر أو به نفسه لأنه المعلم به، ورسوله بالرفع عطف على الضمير المستتر في برىء للفصل بينهما أو
مبتدأ محذوف الخبر أي ورسوله كذلك. قوله :( في قراءة من كسرها الخ ) لأنّ المكسورة لما لم تغير المعنى جاز أن تهقدر، كالعدم فيعطف على محل ما عملت فيه أي على محل كان له قبل دخولها لأنه كان مبتدأ هذا في القراءة الشاذة بالكسر، وأما على فتحها في قراءة العامّة فغير جائز لأن المفتوحة لها موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة، وقال ابن الحاجب : إن المفتوحة على قسمين ما يجوز فيه العطف على محلها، وما لا يجوز فالذي يجوز أن تكون في معنى المكسورة كالتي بعد أفعال القلوب نحو علصت أن زيداً قائم وعمرو لأنها لاختصاصها بالدخول على الجمل في معنى إنّ زيداً قائم وعمر، وفي علمي، ولذا وجب الكسر في نحو علصت أنّ زيداً لقائم، والأذان بمعنى العلم فيدخل على الجمل أيضاً كعلم، وفي غير ذلك لا يجوز نحو أعجبني أنّ زيداً كريم وعمرو فلا يجوز فيه إلا النصب لأنها ليست مكسورة ولا في حكمها، والنحويون لم يتنبهوا لهذا الفرق، والمصنف رحمه الله بنى كلامه على المشهور، فلذا قيد العطف على المحل بقراءة الكسر وهي قراءة الحسن والأعراح، والمحل قد يجعل لاسم إنّ لأنها في حكم العدم ولأنّ المعرب هو الاسم، وقد يجعل المحل لها مع اسمها وكلاهما واقع في كلام النحاة ولكل وجهة. قوله :( إجراء للأذان مجرى القول ا لأنه في معناه فيحكي به الجمل، وهو أحد مذهبين مشهورين، والآخر يقدر القول فيه، وفي أمثاله لاختصاص الحكاية به وقراءة النصب بالعطف على اسم أنّ وهو الظاهر أو جعله مفعولا له والواو بمعنى مع. قوله :( ولا تكرير فيه ) أي لا تكرير في ذكر براءة الله ورسوله مع ذكرها أوّلاً لأنّ تلك إخبار بثبوت البراءة، بمعنى هذه براءة ثابتة من الله ورسوله في علمه تعالى، فأخبرهم بثبوت ذلك في علمه، وقوله :( وأذان الخ ) إخبار منه تعالى لأولئك المخاطبين واجب التبليغ لقوله :﴿ فَانبِذْ إِلَيْهِمْ ﴾ [ سورة الأنفال، الآية : ٥٨ ] فوجب تبليغه لكافة الناس في ذلك اليوم المخصوص بما ثبت في حكمه تعالى من تلك البراءة، ولذا خص الأوّل المعاهدين وعم هذا سائر الناس، وقوله من الكفر والغدر بنقض العهد، وقوله :) فالتوب ( أي الضمير للمصدر المفهوم من تبتم كاعدلوا هو، وفوله عن التوبة أي إن كان متعلق التولي التوبة فظاهر، وان كان الإسلام ووفاء العهد والتولي عنه كان منهم قبل ذلك، فالمراد بتوليتم ثبتم على التولي. قوله :( لا يفوتونه طلباً الخ ( طلباً وهربا منصوب بنزع الخافض أي في طلبه، وفي هربكم أو حال بمعنى طالبين وهاربين،
وأعجزه كما مرّ في الأنفال بمعنى فاته وسبقه، وبمعنى وجده عاجزاً وإلى المعنيين أشار المصنف رحمه الله، فإلى الأوّل أشار بقوله لا يفوتونه طلبا، هالى الثاني بقوله ولا تعجزونه هرباً أي لا تجدونه عاجزاً عن ادراككم إذا هربتم، وقيده بقوله في الدنيا لمقابلته بعذاب الآخرة المذكور بعده وقوله : وبشر الخ تهكم، وترك المصنف رحمه الله قراءة الجرّ في ورسوله المنسوبة إلى الحسن فإنها لم تصح، وأن وجهت بأنّ الجرّ لثجوار أو الواو والقسم وقصة الأعرابي ورفعها إلى عمر رضي الله عنه تقتضي عدم صحتها. قوله :( استئناء من المشركين الخ ) اختلفوا في هذا الاستثناء هل هو منقطع أو متصل من المشركين الأوّل أو الثاني، أو من مقدّر تقديره اقتلوا المشركين إلا المعاهدين منهم، أو من قوله :( فسيحوا ( وهو الذي اختاره الزمخشريّ لما سيأتي، وقول المصنف رحمه الله استثناء من المشركين إشارة إلى الأوّل لكنه مبهم، وقوله أو استدرك أي استثناء منقطع إشارة إلى الوجه الآخر، وسما. استدراكا لأنه يقدر بلكن، قيل : إذا جعل في محل نصب على أنه استثناء من المشركين لزم أن لا يكون الله ورسوله بريآن من هؤلاء المشركين الذين لم ينقضوا عهودهم حتى أمر المسلمون أن يتموا عهودهم، وهو على ظاهره غير مستقيم لأن الله ورسوله بريآن من المشركين نقضوا عهودهم أو لم ينقضوا، فالوجه أن يكون استثناء من قوله فسيحوا لأنّ المعنى براءة من الله ورسوله إلى المشركين المعاهدين، فقولوا لهم سيحوا في الأرض أربعة أشهر فقط، إلا الذين عاهدتموهم ولم ينقضوا عهدهم فاتموا إليهم عهدهم، والحاصل أنّ هنا جملتين يمكن أن يعلق بهما


الصفحة التالية
Icon