ج٤ص٣٠٠
فلا تكون أل للعهد والوجهان منقولان في التفسير ا هـ والمصنف رحمه الله اختار القول الأوّل، ويكون ذكر فيه حكم الناكثين بعد التنبيه على إتمام مدة من لم ينكث، فلا يرد عليه ما قيل إنها تسعة أشهر لبني كنانة وأربعة أشهر لسائر المعاهدين المذكورة في قوله تعالى :﴿ فَسِيحُواْ ﴾ الخ ومن قال هي التي أبيح للناكثين الخ، فقد غفل لعموم الحكم لبني كنانة. قوله :( وهذا مخل بالنظم مخالف للأجماع الخ ( لأنه يأباه ترتبه عليه بالفاء فهو مخالف للسياق الذي يقتضي توالي هذه الأشهر، ومخالفته للإجماع لأنه قام على أنّ الأشهر الحرم يحل فيها إلقتال، وأن حرمتها نسخت، وعلى تفسير بها يقتضي بقاء حرمتها، ولم ينزل بعدما ينسخها ورد بأنه لا يلزم أن ينسخ الكتاب بالكتاب بل قد ينسخ بالسنة كما تقرّر في الأصول، وعلى تقدير لزومه كما هو مذهب الشافعيّ رضي الله عنه يحتمل أن يكون ناسخة من الكتاب منسوخ التلاوة، ولا يخفى أن هذا الاحتمال لا يفيد ولا يسمع لأنه لو كان كذلك لنقل والنسخ لا يكفي فيه الاحتمال، وقيل إنّ الإجماع إذا قام على أنها منسوخة كفى ذلك من غير حاجة إلى نقل سنده إلينا، وقد صح أنه-لمجييه حاصر الطائف لعشر بقين من المحرم، وكما أنّ ذلك كاف في نسخها يكفي لنسخ ما وقع في الحديث الصحيح، وهو :" إنّ الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والآرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب " ) ١ (، فلا يقال إنه يشكل علينا لعدم علم ما ينسخه كما توهم، فإن قلت هل نسخ القرآن بالإجماع قلت نعم، قال : في النهاية شرح الهداية تجوز الزيادد على الكتاب بالإجماع صزج به الإمام السرخسيّ. وقال فخر الإسلام إن النسخ بالإجماع جوّزه بعض أصحابنا بطريق أن الإجماع يوجب علم اليقين كالنص فيجوز أن يثبت به النسخ والإجماع في كونه حجة أقوى من الخبر المشهور، ويجوز النسخ بالخبر المشهور فبالإجماع أولى، وأمّا اشتراط حياة النبىّ - ﷺ - في جواز النسخ فغير مشروط على قول ذلك البعض اهـ وأنت تعلم أن فيه اختلافاً عندنا فلا يصح جوابا عن كلام الشافعية كما قيل، إلا إذا نقل عنهم القول به مع أن في الإجماع كلاما ولم يعتد بمن خالف في بقاء حرمتها هنا فلا يخالف ما سيذكره من أن نسخ حرمتها مذهب
الجمهور، ولك أن تقول مغ القتال في الأشهر الحرم في تلك السنة لا يقتض ي منعه في كل ما شابهها بل هو مسكوت عنه فلا يخالف الإجماع، ويكون حله معلوما من دليل آخر. قوله :( وأسروهم الخ ) قيل المراد بالأسر الربط لا الاسترقاق فإن مشركي العرب لا يسترقون، ولذا لم يفسر الحصر بالتقييد كما في الكشاف لئلا يتكرّر، وقيل المراد إمهالهم للتخيير بين القتل والإسلام، وقيل : هو عبارة عن أذيتهم بكل طريق ممكن، وقوله : يتبسطوا في البلاد أي ينتشروا في البلاد ويخلصوا منكم. قوله :( وانتصابه على الظرف الخ ( قيل ذكر هذا الزجاج وتبعه غيره، وتد رذه أبو عليّ رحمه الله بأنّ المرصد المكان الذي يرصد فيه العدوّ فهو مكان مخصوص لا يجوز حذف في منه، ونصبه على الظرفية إلا سماعا، وردّه أبو حيان رحمه الله بأنه يصح انتصابه على الظرفية لأن اقعدوا ليس المراد به حقيقة القعود بل المراد به ترقبهم وترصدهم، فالمعنى ارصدوهم كل مرصد يرصد فيه، والظرف مطلقاً ينصبه بإسقاط في فعل من لفظه أو معناه نحو جلست وقعدت مجلس الأمير، والمقصور على السماع ما لم يكن كذلك وكل، وان لم تكن ظرفاً لكن لها حكم ما تضاف إليه لأنها عبارة عنه، وجوّز في الانتصاف أن يكون مرصداً مصدراً ميميا فهو مفعول مطلق وهو بعيد، وقيل إنه منصوب على نزع الخافض، وأصله على كل مرصد أو بكل مرصد فلما حذف على أو الباء انتصب، وهو غير مقيس خصوصا على فإنه يقل حذفها حتى قيل إنه مخصوص بالشعر كما قاله أبو حيان. قوله :( فدعوهم ولا تتعرّضوا لهم بشيء ( أي القتل وما معه، وهذا على جميع ما مرّ من تفسيره، وجعله في الكشاف كناية عن الإطلاق على تفسير الحصر بالتقييد أو عدم التعرّض إن فسر بالحيلولة بينهم وبين المسجد الحرام، وتخلية السبيل في كلام العرب كناية عن الترك كما في قول جرير :
خل السبيل لمن يبني المنار به
ثم يراد منه في كل مقام ما يليق به. قوله :( وفيه دليل على أنّ تارك الصلاة الخ ) قد أجاد المصنف رحمه الله هنا كل الإجادة إذ ساق كلامه