ج٤ص٣٠٦
الأولى أن يعبر بما هو صريح في مراده ليوافق استدلاله الآتي. توله :( وفيه دليل على أن الذمي إذا طعن في الإسلام فقد نكث عهده ) قد مرّ الكلام فيه، وقد قيل عليه إنه ليس في محله، ومحله بعد قوله :﴿ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ ﴾ وفي الدلالة على كل حال بحث ( قلت ) هنا ناشئ من عدم تدبر كلامه فإنه لا يتم الاستدلال إلا بعد بيان أن أيمانهم لا يعتد بها من جهة عدم الوفاء إذ لو وفوا بها لم يكن منهم طعن ولا نقض للعهد، وهو يفيد تلازمهما بحيث يكون الطعن نقضاً للعهد فيصير سببا مستقلا، ولولاه لم تدل على ذلك لأنها تدلّ على أنها بمجموعها سبب لا كل واحد منهما وبه سقط بحثه من حيث لا يدري فتدبر. وفي قوله : والا لما طعنوا دخل لأنه أدخل اللام في جواب إن الشرطية وهو خطأ لكنه مشهور في عبارات المصنفين كما في شرح المغني ( وعندي ) أنه ليس بخطأ لأنّ المراد والا فلو كان لهم أيمان لما طعنوا الخ كما هو المعروف في تمهيد الاستدلال فاللام واقعة في جواب لو المحذوفة للاختصار ولا ضير فيه، وقوله : واستشهد به الحنفية الخ مرّ تحقيقه، وقوله : الوثوق عليها ضمته معنى الاعتماد ولذا عداه بعلى. قوله :) وقرأ ابن عامر لا إيمان الخ ( أي قرأه بكسر الهمزة فإما أن يكون بمعنى الإيمان المرادف للإسلام، أو بمعنى الأمان على أنه مصدر آمنه إيمانا بمعنى أعطاه الأمان، فاستعمل المصدر بمعنى الحاصل بالمصدر وهو الأمان، ولو أبقى على أصل معناه صح أيضا، وإنما نفى عنهم لأن مشركي العرب ليس لهم إلا الإسلام أو السيف. قوله :( وتشبث به الخ ) أي تمسك به ووجه التمسك إنه نفي إيمان من نكث والمرتد ناكث، ونفيه مع أنه يقع منه نفي للاعتداد به وصحته، ووجه ضعفه أنه ليس نصا فيما ذكر لاحتمال معان أخر، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال لأنه يحتمل نفي الأمان عن المشركين حتى يسلموا أو نفي قوم معينين في المستقبل، وأنه طبع على قلوبهم فلا يصدر منهم إيمان
أصلا، أو يكون المراد أن المشركين لا إيمان لهم حتى يراقبوا ويمهلوا لأجله، يعني أنّ المانع من قتلهم أحد أمرين إما العهد وقد نقضوه، أو الإيمان وقد حرموه، وبهذا سقط ما قيل أن وصف أئمة الكفر بأنهم لا إسلام لهم أو لا إيمان تكرار مستغنى عنه. وقوله : اليكن الخ ( مز تقريره وإيصال الأذية افتعال أو إفعال مضمن معنى إلصاق ٠ وقوله : ليكن غرضكم الخ إشارة إلى أن الترجي من المخاطبين لا من اللّه. قوله :( تحريض على القتال لأنّ الهمزة دخلت على النفي للأنكار الخ ) في نسخة المبالغة في الفعل، وفي نسخة في القتال، وهما بمعنى لأنّ مقصوده أن الاستفهام فيه للإنكار، والاستفهام الإنكاري في معنى النفي، ونفي النفي إثبات على أبلغ وجه، وآكده لأنه إذا كان الترك مستقبحا منكراً أفاد بطريق برهاني إنّ إيجاده أمر مطلوب مرغوب فيه فيفيد الحث والتحريض عليه، وعدل عن قوله في الكشاف دخلت الهمزة على لا تقاتلون تقريراً بانتفاء المقاتلة، ومعناه الحض عليها على سبيل المبالغة لأنه قيل عليه إنّ التقرير له معنيان الحمل على الإقرار ويتعدى بالباء كما في الصحاح، والتثبيت بمعنى جعله قاراً ثابتأ في قراره، ويتعدى باللام، والظاهر هنا الثاني لكن تعديته بالباء تقتضي خلافه، ودفع بأنا لا نسلم أنّ المعنى على الثاني لأنّ المراد الحمل على الإقرار بأنهم لا يقاتلون قصداً إلى التحريض على القتال، ومنهم من قال أنّ الباء لتقرير معنى التصديق ولا يخفى سماجته، ومنهم من قال : أنّ التقرير بمعنى التثبيت يتعذى بالباء أيضا يقال : فز بالمكان ورد بأنه لا نزاع في أنه يستعمل بالباء وهي بمعنى في لكنها تدخل على موضعه، ومحل الاستقرار لا على المستقرّ كما هنا فتأمّل. وبكر حلفاء قريش، وخزاعة حلفاء النبيئ ع!ييه. قوله :) حين تشاوروا في أمره بدار الندوة الخ ) قد مرّت القصة مفصلة، والواقع فيها الهتم بالإخراج لا الإخراج، وإنما خرج بنفسه !اذن الله له، فإن قيل : إن أريد ما وقع في دار الندوة من الهم فهو بالإخراج أو الحبس أو القتل فليس الهئم فيها بالإخراج فقط، والذي استقز رأيهم عليه هو القتل لا الإخراج فما وجه التخصيص، قلت تخصيصه لأنه هو الذي وقع في الخارج ما يضاهيه مما يترتب على همهم وان لم يكن بفعل منهم، بل من الله لحكمة ومن عداه لغو، فخص بالذكر لأنه هو المقتضي للتحريض لا غيره مما لم يظهر له أثر، وقيل : إنه اقتصر على الأدنى ليعلم غيره بطريق أولى ولا يرد عليه إنه ليس بأدنى من الحبس كما توهم لأن بقاءه


الصفحة التالية
Icon