ج٤ص٣١١
يؤيده لكن سيأتي ما يدفعه. قوله :( أي الكفرة ظلمة الخ ) في قوله هداهم الله ووفقهم للحق إشارة إلى أنّ الهداية ليست مطلقة الدلالة لأنه لا يناسب المقام، وقوله وقيل : المراد الخ لا يخفى ضعفه فإن من يسوّي إن لم يكن مسلماً فهو عين التفسير الأوّل، وان كان مسلماً فلا معنى لصدور ذللث منه. قوله :( اعلى رتبة وأكثر كرامة الخ ( يعني أنه إما استطراد لتفضيل من اتصف بهذه الصفات على غيره من المسلمين، أو لضفضيلهم على أهل السقاية والعمارة، وهم وان لم يكن لهم درجة عند الله جاء على زعمهم ومدعاهم، وقوله :) دونكم جار ( على الوجهين. قوله :) نعيم مؤجمم دائم ( يعني أنّ المقيم استعارة للدائم قال أبو حيان رحمه اللّه : لما وصف الله المؤمنين بثلاث صفات الإيمان والهجرة والجهاد بالنفس والمال قابلهم على ذلك بالتبشير بثلاثة الرحمة والرضوان والجنة وبدأ بالرحمة في مقابلة الإيمان لتوقفها عليه ولأنها أعم النعم وأسبقها، كما أن الإيمان هو السابق، وثنى بالرضوان الذي هو نهاية الإحسان في مقابلة الجهاد الذي فيه بذل الأنفس والأموال، ثم ثلث بالجنات في مقابلة الهجرة، وترك الأوطان إشارة إلى أنهم لما آثروا تركها بدلهم بدار الكفر الجنان والدار التي هي في جواره، وفي الحديث الصحيح :" يقول الله سبحانه : يا أهل الجنة هل رضيتم فيقولون : كيف لا نرضى، وقد باعدتنا عن نارك وأدخلتنا ج!ك فيقول : لكم عندي أفضل من ذلك فيقولون، وما أفضل من ذلك فيقو! أحل لكم رضاي فلا أمخط عليكم بعدها " ( ١ ( وقرأ حمزة يبثر بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين وا!فيف من الثلاثي وقوله وراء التعيين والتعريف يعني أنه للتعظيم ووجه دلالة التنكير على التعظيم ما ذكره ولا يخفى حسن تعبيره بأنه وراء ذلك، وجعل المبشر هو الله فيه من اللطف بهم ما لا يخفى. قوله :) أكد الخلود الخ ( يعني أنّ التأكيد هنا لدفع التجوّز لأن الخلود حقيقة طول المكث كما
قيل، وقوله يستحقر دونه أي بالنسبة إليه عملهم الذي استحقوه به أو يستحقر عنده ما في الدنيا من النعيم. قوله :( نزلت في المهاجرين فإنهم لما أمروا بالهجرة الخ ) كذا أخرجه الثعلبيّ عن ابن عباص رضي الله عنهما أنه كان قبل فتح مكة لا يتم الإيمان إلا بالهجرة، ومصارمة الأقارب الكفرة، وقطع موالاتهم فشق ذلك عليهم فلما نزلت هذه الآية هاجروأ وجعل الرجل يأتيه أبوه أو أخوه أو ابنه فلا ينزله ولا يلتفت إليه، ثم رخص لهم بعد ذلك، وهذا يقتضي أنّ هذه الآية نزلت قبل الفتح ولا ينافي كون السورة نزلت بعد الفتح لأنّ المراد معظمها وصدرها فلا يرد قول الإمام الصحيح أن هذه السورة نزلت بعد فتح مكة فكيف يمكن حمل هذه الآية على ما ذكر، وقال أبو حيان : لم يذكر الأبناء هنا لأنّ الأولياء أهل الرأي والمشورة والأبناء تبع ليسوا كذلك، وذكروا في الآية الآتية لأنها في ذكر المحبة وهم أحب إلى كل أحد، وقوله نزلت نهيا عن موالاة التسعة هذا مرويّ عن مقاتل، وذكرهم في السير فإن قلت سبيل الله الجهاد فيصير المعنى جاهدوا في الجهاد قلت وجه بأنه ليس حقيقة فيه، وقد يراد به غير ذلك كمخلصين وهو المراد. قوله :( يمنعونكم عن الإيمان الخ ) تعليل للنهي، وقوله لقوله :﴿ إَنِ اسْتَحَبُّواْ ﴾ الخ بيان لوجه التفسير الثاني لأنه يشعر بالرذة بحسب الظاهر، وقوله :( اختاروه ) إشارة إلى أن تعدى استحب بعلى لتضمنه معنى ما ذكر مما يتعدّى بها وحرضوا بالضاد المعجمة من التحريض، وهو الحت وبالصاد المهملة من الحرص وقع كل منهما في النسخ وهما متقاربان معنى والأولى أولى. قوله :( بوضعهم الموالاة في غير موضعها ) هذا هو معنى الظلم لغة وهو صادق على المعنى الشرعي، فإن كان المراد ومن يتولهم بعد النهي، والتنبيه على قبحه فالظلم بمعنى التعدي والتجاوز عما أمر الله به وإن كان قبل ذلك أو مطلقا فهو بمعناه اللغوي، ووجه وضعه في غير موضمعه تركه أخوانه في الدين إلى أعدائه، وان كانوا أقرباء. قوله :) أقرباؤكم الخ ) فذكره للتعميم والشمول وكون العشيرة من العشرة لأنها من شأنهم، وأما كونها من العشرة فلكمالهم والعشرة عدد كامل أو لأن بينهم عقد نسب كعقد العشرة، فإنه عقد من العقود، وهو معنى بعيد لكن المصنف رحمه الله مسبوق إليه، ونفاقها بفتح النون بمعنى رواجها والرواج ضد
الكساد. قوله :( الحب الاختياري دون الطبيعي الخ ) المراد بالحب الاختياري هو إيثارهم وتقديم طاعتهم لا ميل الطبع فإنه أمر جبلي لا يمكن تركه ولا يؤاخذ عليه، ولا يكلف