ج٤ص٣١٨
والفقير الذي لا يملك مائتي درهم، والكسوب بفتح الكاف القادر على الكسب وان لم يكن له حرفة والفقير الغير المكسوب كالأعمى والمقعد والشيخ الكبير، وهذا إذا ابتدأ الإمام وضعها أمّا إذا وضعت بالتراضي والصلح فبحسب ما يتفق عليه وعليه حمل ما استدل به الشافعي رحمه الله تعالى. فائدة : يجب التنبيه لها قال الإمام الجصاص في أحكام القرآن : اقتضى وجوب قتلهم إلى
أن تؤخذ منهم الجزية على وجه الصغار والذلة أنه لا يكون لهم ذمّة إذا تسلطوا على المسلمين بالولاية ونفاذ الأمر والنهي، إذ كان الله إنما جعل لهم الذمّة بإعطاء الجزية وكونهم صاغرين فواجب على هذا قتل من تسلط على المسلمين بالغصب وأخذ الضرائب بالظلم، وان كان السلطان ولاه ذلك هان فعله بغير إذنه وأمره فهو أولى وهذا يدل على أنّ هؤلاء النصارى،
واليهود الذين يتولون أعمال السلطان، ويظهر منهم الظلم والاستعلاء على المسلمين وأخذ الضرائب لا ذمة لهم، وأن دماءهم مباحة ولو قصد مسلم مسلما لأخذ ماله فقد أبيح له قتله في بعض الوجوه فما بالك بهؤلاء، وقد أفتى فقهاؤنا بحرمة تواليهم الأعمال لثبوته بالنص كما في البحر الرائق، وقد ابتلى السلاطين بهذا حتى احتاج الناس إلى مراجعتهم وتقببل أياديهم كما كان في زمن السلطان مرأد حتى وقع بسبب ذلك فتنة عظيمة لا يفي البيان بها، وقد قلت في ذلك : ويح ناس قوما يهودا تولوا وتولوا عن قول رب تعالى
حسبوا الطب والأمانة فيهم فاستباحوا الأرواج والأموالا
يقتلون البغاة من غير حرب وكفى الله المؤمنين القتالا
وبسط الكلام فيه ابن القيم رحمه الله. قوله :( إنما قاله بعضهم من متقدّميهم الخ ( من
بيانية أو تبعيضية وهو الظاهر ونسبة الشيء القبيح إذا صدر من بعض القوم إلى الكل مما شاع كما مرّ تحقيقه، وقوله والدليل الخ قيل ما الحاجة إلى دليل، وقد صرّج به في النظم فهذا كإيقاد الشمعة وسط النهار المشمس، وأجيب بأنّ مدلوله صدوره منهم، ولا خفاء فيه والذي أثبت بما ذكر أنه معروف بينهم غير منكر منهم ولذا أسند إلى جميعهم، وقيل ضمير فيهم ليهود المدينة، وهو استدلال على القول الثاني ولا دلالة في الآية عليه بخصوصه فتأمّل، وتهالكهم حرصهم عليه حتى يكادوا أن يهلكهم الحرص. قوله :( عزير بالتنوين الخ ) قرأ عاصم والكسائي بتنوين عزيز والباتون بترك التنوين، فالأوّل على أنه اسم عرب وابن خبره، وقال أبو عبيد أنه أعجمي لكنه صرف لخفته بالتصغير كنوج، ولو طورد بأنه ليس بمصغر درانما هو أعجمي جاء على هيئة المصغر كسليمان، وفيه نظر، وأما حذف التنوين فقيل حذف لالتقاء الساكنين على غير القياس، وهو مبتدأ وخبر أيضاً، ولذا رسم في جميع المصاحف بالاً لف، وقيل لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، وقيل لأنه موصوف بابن وسيأتي ما فيه، وقوله :( تشبيهاً للنون بحروف اللين ) فإنّ حروف اللين تحذف عند التقاء الساكنين والنون تحرّك لدفعه. قوله :( أو لأنّ الابن وصف والخبر محذوف الخ ) من ذهب إلى هذا قطع بالانصراف لكونه عربيا كما ذكره الجوهري، وقال الزمخشري : أنّ هذا القول تمحل عته مندوحة وذكر الشيخ في دلائل الإعجاز هذا القول وردّه حيث قال الإثم إذا وصف بصفة، ثم أخبر عنه فمن كذبه انصرف تكذيبه إلى الخبر وصار ذلك الوصف مسلما فلو كان المقصود بالإنكار قولهم عزير ابن الله معبودنا لتوجه
الإنكار إلى كونه معبوداً لهم، وحصل تسليم كونه ابناً دلّه، وذلك كفر وقال الإمام إنه ضعيف أمّا قوله إنّ من أخبر الخ فمسلم، وأمّا قوله ويكون ذلك تسليماً للوصف فممنوع لأنه لا يلزم من كونه مكذبا لذلك الخبر كونه مصدقا لذلك الوصف إلا أن يقال تخصيص ذلك بالخبرية يدل على أنّ سواء لا يكذب، وهو مبنيّ على دليل خطابي ضعيف، وقيل هذا الكلام يحتمل أمراً آخر، وهو أن يقال المراد من إجراء تلك الصفة على الموصوف بناء الخبر عليه فحينئذ يرجع التكذيب إلى جعل ذلك الوصف علة للخبر فبطل ذلك التمحل يعني الوصف للعلية فإنكار الحكم يتضمن إنكار علته، ولو سلم فلا يستلزم تسليمها، وقيل عليه إن إنكار الحكم قد يحتمل أن يكون بواسطة عدم الاقتضاء لا لأنّ الوصف كالأبنية مثلاً منتف، وفي الإيضاج أن القول