ج٤ص٣٢٨
الحلف سبب للإهلاك والمسبب ببدل من السبب لاشتماله عليه وله نظائر كثيرة وكلام المصنف رحمه الله يحتمله أيضا وعليه حمله بعض أرباب الحواشي. قوله :( أو حال من فاعله ( أو استئناف وفي الكشاف يحتمل أن يكون حالاً من فاعل لخرجنا، ولبعده لم يذكره المصنف رحمه الله تعالى لكن سبق منه ما يقاربه في الأعراف في قوله سيغفر لنا فراجعه، وقوله لأنهم كانوا مستطيعين كذب الشرطية إما بكذب الملازمة بأن يقال لا يخرجون لو استطاعوا، أو بتخلف الجزاء مع وجود الشرط، وكذبها بأنهم استطاعوا، وما خرجوا والثاني مستلزم للأوّل، ولذا اختاره المصنف رحمه الله، ولأن النظم دل عليه كقوله :﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٤٦ ]. قوله :( كناية عن خطئه ) تبع في هذا الزمخشرقي، إذ قال في تفسيره أخطأت وبئسما فعلت، وفي الانتصاف ليس يصح أن يفسره بهذا، وهو بين أحد أمرين إمّا أن لا يكون مراداً لله أو يكون ولكن قد أجل نبيه الكريم ﷺ عن مخاطبته بصريح العتب، ولطف به في الكناية عنه بما يلزم أن يقال عنده فما باله لم يتأدب بآداب الله خصوصاً في حق المصطفى ﷺ فعلى كلا التقديرين هو ذاهل عما يجب من حقه ﷺ، ولقد أحسن من قال في الآية إن من لطف الله بنبيه ﷺ أن بدأه بالعفو قبل العتب، وقال ابن الجهم للمتوكل :
عفا الله عنك ألا حرمة تجودبفضلك يا ابن الندى
وقال السخاوندي : هو تعليم لتعظيمه ع!، ولولا تصدير العفو في الخطاب لما قام بصولة العتاب، وهو يستعمل حيث لا ذنب كما تقول لمن تعظمه عفا الله عنك ما صنعت في أمري، وفي الحديث عجبت من يوسف عليه الصلاة والسلام وصبره وكرمه، والله يغفر له وفي الشفاء إنه افتتاح كلام بمنزلة أصلحك الله وأعزك، ولقد اشمأز من هذه الكلمة كثير من أهل الورع، وعدوها من قبيح سقطاته، حتى أن البدر النابلسي رحمه الله صنف فيه مصنفاً سماه جنة الناظر وجنة المناظر، وكان هذا سبباً لامتناع الإمام السبكي رحمه الله من إقراء الكشاف، ولهذه السقطة نظائر فيه فكان على المصنف رحمه الله أن لا يتابعه في مثله فإنه إمّا ترك للأولى أو خطأ في الاجتهاد الذي به الثواب فلا متمسك فيها لمن جوّز صدور الخطيئة منهم عليهم الصلاة والسلام على ما فصل في الأصول، وهذا على أنه إنشاء للدعاء، وأما كونه إخباراً فهو يشعر بالذنب، والخطأ فلذا جعل كناية عنه فلا يكون الإخبار عن العفو مقصودا أصلياً لأن العتاب والإنكار بعده بقوله لم أذنت لهم يكون مخالفا للظاهر، وفيه نظر والزمخشرقي جعله كناية عن الجناية وحاول بعضهم توجيه كلامه بأنّ مراده أنّ الأصل فيه ذلك فأبدله بالعفو تعظيماً لشأنه، ولذا قدم العفو على ما يوجب الجناية فلا خطا فيه، ولو اتقى هو والموجه موضع التهم كان أولى وأحرى. قوله :( واعتلوا بثاذيب ) أي بينوا علة للتخلف كاذبة، وقوله :( هلا توففت ) يشير إلى أن حتى غاية للتوقف المفهوم من الكلام لا للإذن لعدم صحة المعنى عليه، وقيل
تقديره ما كان الإذن حتى يتبين. قوله :( في الاعتذار الخ ( قيل لو أطلقه كان أولى أي يتبين الكاذب من الصادق والمخلص من المنافق لأنّ هذا يقتضي إن في هؤلاء ا!معتذرين من صدق في الاعتذار، والنظم مصرّح بخلافه وبناؤه على الفرض، والتقدير مما لا حاجة إليه. قوله :( قيل إنما فعل رسول الله عنييه الخ ( قال زبدة المتأخرين قال مولانا مفتي الممالك شمس الدين أحمد بن كمال باشا في بيتي يوم الاثنين ثاني عشر محرّم الحرام لسنة ثمان وثلاثين وتسعمائة بمحضر مولانا عبد القادر قاضي العسكر، وغيره من العلماء الحضر هذا الحصر ليس بصحيح فإنّ لهما ثالثا وهو المذكور في سورة التحريم، يعني تحريم ما أحله الله ابتغاء لمرضاة أزواجه، وقلت أنا بل رابعاً وخامسا إلى غيره، أعني ما دكر في سورة عبس في قصة ابن أم مكتوم رضي الله عنه، ولك أن تقول أشار المصنف رحمه الله بصيغة التمريض إلى ذلك، ويجوز إصلاج كلامه بتقييد الشيئين بما يتعلق بأمر الجهاد، والله وليّ الرشاد اهـ، وقد قرأته بخطه الشريف رحمه الله، وأخذه للفداء قد تقدم في قوله تعالى :﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ ﴾ [ سورة الأنفال، الآية : ٦٨ ] وأذنه للمنافقين ما وقع هنا. قوله :( أي ليس من عادة المؤمنين الخ ( نفي العادة مستفاد من نفي


الصفحة التالية
Icon