ج٤ص٣٢٩
الفعل المستقبل الدال على الاستمرأر نحو فلان يقري الضيف ويحمي الحريم، وقال النحرير حمله على نفي الاستمرار ولو حمله على استمرار النفي كما في أكثر المواضع أي عادتهم عدم الاستئذان لم يبعد وفي الانتصاف لا ينبغي لأحد أن يستأذن أخاه في فعل معروف، ولا للمضيف أن يستأذن ضيفه في تقديم الطعام إليه وذلك أمارة التخلف، ولذا قيل في وصف الخليل لمجز فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين لأنّ معنى راغ ذهب خفية وهذا مما يجب التأدب به، وقوله :( في أن يجاهدوا ) فهو متعلق بالاستقرار بتقدير في. قوله :( أو أن يستأذنوك في التخلف الخ ( يعني أنّ متعلق الاستئذان محذوف، وأن يجاهدوا مفعول لأجله بتقدير مضاف أي كراهة أن يجاهدوا، والمعنى على نفي الاستئذان، والكراهة معأ فإذا أمرتهم بشيء بادروا إليه، وقيل تقديره في أن لا يجاهدوا كما مرّ نظيره، وقوله :) الخلص! ( جمع خالص، وهو مستفاد من الجهاد بالمال والنفس فلا وجه لما قيل إنه ليس بمستفاد من الآية وإنما هو إلواقع منهم،
وقوله :( فضلاَ الخ ) يعلم من مفهومه لأنهم إذا لم يستأذنوه في الجهاد المطلوب، فكيف في التخلف المذموم، ولذا لم يقدر المصنف رحمه الله أن لا يجاهدوا كما قدره الإمام. قوله :( شهادة لهم بالتقوى وعدة لهم بثوابه ) قيل أما ألشهادة فلوضعالمظهر موضع المضمر أو إرادة جنس المتقين ودخولهم فيه دخولاً أوّليا والا لم يناسب المقام، وأما ١١ لوعد فلأنّ الأعمال الصالحة تقتضي الوعد بالثواب، كما أنّ الأعمال الفاسدة مقتضية للوعد بالعقاب، ورد بأنّ الوعد بالثواب ليس من مجرّد اقتضاء الاتقاء حسن الثواب بل من جهة إن مثل قولنا أحسنت إليّ فأنا أعلم بالمحسنين، وعدله بأجزل ما يمكن من الثواب كما أنّ قولك أسأت إليّ فأنا أعلم بالمسيء وعيد بأشد العقاب وعلى هذا فلتقس المواضع التي يقع فيها ذكر علم الله بما مرّ من ذلك. قوله :( تخصيصر الإيمان بالله الخ ) يعني هنا وفي قوله :﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾ خصا بالذكر لأنهما الباعث على الجهاد والوازع بالزاي المعجمة والعين المهملة أي المانع عنه لأنّ من آمن بهما قاتل في سبيل دينه وتوحيده، وهان عليه القتل فيه لما يرجوه في اليوم الآخر، وهما مستلزمان للإيمان بما عداهما، وقوله يتحيرون يعني التردد مجاز أو كناية عن التحير لأن المتحير لا يقرّ في مكان وأصل معنى التردّد الذهاب والمجيء، وقوله أهبة بهمزة مضمومة تليها هاء موحدة هي هنا ما يحتاج إليه المسافر كالزاد والراحلة. قوله :( وقرئ عدّة بحذف التاء الخ ) يعني بضم العين وتشديد الدال والإضافة إلى الضمير الذي هو عوض عن تاء التأنيث المحذوفة فإن الإضافة قد تعوّض عنها إذا كانت لازمة كإقام الصلاة لأنّ التاء عوض عن محذوف كما في عدة بالتخفيف بمعنى الوعد في البيت فلا تحذف بغير عوض، وقوله :
إن الخليط أجدوا البين فانجردوا وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
مطلع قصيدة لزهير بن أبي سلمى، والخليط الأصدقاء المخالطون وانجردوا بمعنى ارتحلوا بأجمعهم وأسرعوا المسير، والشاهد في عد بكسر العين وتخفيف الدال وأصله عدة قال السفاقسيّ : قرأ محمد بن مروان وابنه معاوية عدة بضم العين والهاء دون التاء فقال الفرّاء : سقطت كما في إقام الصلاة. وهو سماعي، وفي اللوامح لما أضاف أناب الإضافة عن التاء فأسقطها قال أبو حاتم : هو جمع عدة كبرة وبرّ. قوله :( استدراك عن مفهوم قوله ولو أرادوا الخ ( هذا دفع لسؤال تقديره إنّ قوله أراد الخروج معناه نفي إرادتهم للخروج وقوله كره ال!ه الخ نفي لإرادة الله الخروج فكيف استدرك نفي إرادتهم الخروج بنفي إرادة الله لهم الخروج
والاستدراك من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، فلا انتظام لهذا الكلام أجاب عنه بأنّ قوله، ولو أرادوا الخروج يستلزم نفي خروجهم والمراد بقوله كره الخ تثبيطهم عن الخروج، لأنّ كراهة انبعاثهم سبب لتثبيطهم فأقيم السبب مقام المسبب فكأنه قيل ما خرجوا لكن تثبطوا عن الخروج فهو استدارك نفي الشيء بإثبات ضدّه كما يستدرك نفي الإحسان بإثبات الإساءة في قولك ما أحسن إليّ لكن أساء والتثبيط التعويق، والصرف عما يريد فعله وهذا كلام في غاية الانتظام وكذا قرّره شراح الكشاف، واعترض عليه بأن لكن تقع بين ضدين أو نقيضين أو مختلفين على قول، وما نحن فيه بين متفقين على تقريرهم، ولذا