ج٤ص٣٣٤
لا يخطر بالبال عند إرادته فضلا عما ادعاه فقول المصنف رحمه الله فيموتوا إشارة إلى ترتبه على ما قبله من أشتغالهم بالدنيا حتى يأتيهم الموت من غير رجوع عن كفرهم، وهذا يعلم من تأخيره وترك الفاء فيه اعتماداً على أنه يعلم من معنى الكلام كما مرّ عن السكاكيّ، ولما كان الاستدلال بالآية على أنّ كفر الكافر بإرادة الله غير تامّ لما عرفت لم يتبع من استدلّ بها، وفسرها بما ذكر مما هو متفق عليه عند أهل السنة والمعتزلة والشغل ضد الفراغ فإذا تعذى بعن كان بمعناه، والتقية ما يظهر لأجل اتقاء الضرر وليس عن اعتقاد وقوله غير إنا جمع غار كثيران ونار تفسير لمغارات جمع مغاوة بمعنى الغار، ومنهم من فرق بينهما بأنّ الغار في الجبل والمغارة في الأرض، وقراءة الجمهور بفتح الميم وقرىء بضمها شاذاً.
قوله :( نفقاً ينحجرون فيه الخ ( النفق بفتحتين سرب في الأرض!، وهو الحجر وانحجر
دخل الحجر وهو معروف وهو مفتعل فأدغم بعد قلب تائه دالاً، وقراءة يعقوب بفتح الميم اسم مكان من الثلاثي، وقراءة مدخلاَ بضم الميم وفتح الخاء من المزيد لأنهم يدخلون أنفسهم أو يدخلهم الخوف فيه، ومتدخلا اسم مكان من تدخل تفعل من الدخول ومندخلاً من اندخل وقد ورد في قول الكميت :
ولا يدي في حميت السمن تندخل
وأنكر أبو حاتم رحمه الله هذه القراءة، وقال إنما هي بالتاء بناء على إنكار هذه اللغة والقراءة تبطله. قوله :( لآقبلوا نحوه وهم يجمحون الخ ( أي لو وجدوا شيئاً من هذه الأمكنة
التي هي منفور عنها مستنكره لأتوه لشدة خوفهم، وقيل لئلا يظن أنّ مساكنتهم لكم عن طيب نفس، والفرس الجموح النفور الذي لا يردّه لجام ويجمزون قراءة أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، فقيل له : يجمحون فقال : يجمحون ويجمزون ويشتدون بمعنى، وليس مراده أنه يقرأ بالزاي كما توهم بل التفسير، وردّ الإنكار وجمازة ناقة شديدة العدو. قوله :( يلمزك يعيبك الخ ) ظاهره أنه مطلق العيب كالهمز ومنهم من فرق بينهما بأنّ اللمز في الوجه والهمز في الغيب، وقد عكس أيضا وأصل معناه الدفع، وضمم عينه لغة فيه والملامزة بمعنى اللمز. قوله :) في قسمتها ( يحتمل أنه بيان للمعنى المراد، أو تقدير المضاف وفي للظرفية أو التعليل. قوله :( نزلت في أبي الجوّاظ المنافق الخ ) قال العراقي : لم أقف عليه في شيء كتب الحديث، والجوّاظ بصيغة المبالغة والظاء لمعجمة كشداد الضخم المتكبر والكثير الكلام. قوله :( وقيل في ابن ذي الخويصرة رأس الخوارج ) الذين خرجوا على عليّ كرم الله وجهه وقتله، وهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم من حديث ( ١ ( نحوه وعند مسلم ذي الخويصرة بدون ابن، وهو الصحيح واسمه خرقوص وإذا الفجائية معلوم معناها وأحكامها في النحو وهي تسد مسدّ الفاء في الربط فلذا وقعت الاسمية هنا جواباً بدون فاء، وغاير بين جوابي الجملتين إشارة إلى أن سخطهم ثابت لا يزول ولا ينفي بخلاف رضاهم. قوله :( من الننيمة أو الصدقة ) عمم الحكم لهما وان كان ما بعده وما قبله في الصدقة لأنه أنسب ولأنّ الموصول من صيغ العموم، وقوله :( كفانا فضله ) إما بيان لحاصل المعنى أو تقدير المضاف لدلالة المعنى عليه والتصريح به بعد. ، وقوله :( صدقة أو غنيمة ) مفعول يؤتينا أو خبر كان أي صدقة كان أو غنيمة أو بدل
من محل الجار والمجرور، وأخرى صفة لكل منهما، وقوله أكثر مما آتانا جعله أكثر لأنه المتبادر من جعله فضلا، وأكثر تسلية فلا يقال إنه لا حاجة إليه بل يكفي أن يكون مثله لأنه لما كان سخطهم لقلة العطية ناسب أن يكون المعنى سيعطينا أكثر مما أوجب السخط وهذا بناء على أنّ معنى الآية، ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله، وان قل فيكون معنى قوله فإن أعطوا منها أعطوا ما أرادوا وان لم يعطوه سخطوا لا إن لم يعطوا شيئاً، وهذا أحد احتمالين للمفسرين، ولذا قيل ظاهر هذه الآية أنهم لا يرضون بما أعطوا وهو خلاف ما يدل عليه ما قبله فإن حملت الآية الثانية على الغنيمة فلا إشكال إذ المعنى رضوا به، وإن لم يعطوا غيره، وان أريدت الصدقة فتحمل الآية الأولى على أنهم إن أعطوا بقدر طمعهم، وقوله والجواب محذوف لا قالوا والواو زائدة كما قيل. قوله :( ثم بين مصارف الصدقات تصويباً الخ ) يعني لما ذكر المنافقون وطعنهم وسخطهم بين أن فعله لإصلاح ع لدين، وأهله لا لأغراض نفسانية كأغراضهم فانطبقت هذه الآية وما فيها من الحصر المستدعي لإثباته لم ذكر ونفيه عمن عداه يعني الذي ينبغي أن يقسم مال الله


الصفحة التالية
Icon