ج٤ص٣٥١
والسلام أمسك ثوبه وهذا كله على أنه لم يصل عليه والرواية فيه مختلفة، وقوله :( الضنة ) بالكسر أي البخل والمنع بعدما سأله وإلباسه العباس رضي الله عنه سببه أنه كان رضي الله عنه طويلاً جسيماً فلم يحضر ثوب بقدر قامته غير ثوب ابن أبن، وقيل : إنه ظن أنه حسن إسلامه، فلذا كفنه وأراد الصلاة عليه، ثم أخبره جبريل عليه الصلاة والسلام بأنه مات على كفره. قوله :( والمراد من الصلاة الدعاء الخ ) يعني أن المراد بالصلاة عليه صلاة الميت المعروفة، وإنما منع منها عليه لأنّ صلاة الميت دعاء، واستغفار واستشفاع له، وقد منع من الدعاء لميتهم فيما تقدم في هذه السووة، وفي قوله :﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ١١٣ ] ولم يرد أنّ الصلاة هنا بمعناها اللغوي وهو الدعاء كما توهم. قوله :( ولذلك رتب الخ ) أي علله بموته على الكفر لأنه حينئذ لا يجوز الاستغفار له فلا يجوز أن يصلى عليه. قوله :( مات أبدا يعني الموت على الكفر الخ ( جعل أبداً ظرفا متعلقا بقوله مات، والذي ذكره غيره أنه متعلق بالنهي، وهو الظاهر وما ارتكبه المصنف رحمه الله أمر لا داعي إليه سوى أنه رآه وجهاً صحيحاً ونظرا خفياً فعدل إليه اعتمادا على أنّ الآخر طريقة مسلوكة، واضحة لا حاجة لذكرها، وأما من حاول توجيهه بأنه حمل الموت الأبدي على الموت على الكفر لأنّ المسلم يبعث ويحيا والكافر وإن بعث لكنه للتعذيب فكأنه لم يحيى، فهو كناية عن الموت على الكفر فلذا جعل أبدا منصوبا بمات دون لا تصل لأنه لو جعل منصوبا به لزم أن لا تجوز الصلاة على من تاب منهم، ومات على الإيمان مع أنه لا حاجة للنهي عن الصلاة عليهم إلى قيد التأبيد، فقد أخطأ ولم يشعر بأنّ منهم حالاً من الضمير في مات أي مات حال كونه منهم أي متصفاً بصفتهم، وهي النفاق كقولهم أنت مني يعني على طريقتي، وصفتي كما صرحوا به مع أنّ ما ذكره كيف يتوهم مع قوله :﴿ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ ومات ماض باعتباو سبب النزول وزمان النهي، ولا ينافي عمومه وشموله لمن سيموت، وقيل إنه بمعنى المستقبل وعبر به لتحققه وقوله لم يحى مضارع من الحياة ضد الموت. قوله :( ولا تقف عند قبوه الخ ) القبر مكان وضع الميت وبكون بمعنى الدفن وقد جوّز هنا هذا أيضا، وقوله تعليل للنهي جملة
مستأنفة لذلك، وقوله أو لتأبيد الموت بناء على تفسيره وقد عرفت ما فيه. قوله :( تكرير للتثيد والأمر حقيق به الخ ) حيث مرّت في هذه السورة مع تغاير في بعض ألفاظها، وقوله :) والآمر حقيق به ) أي بالتأكيد بالتكرير لعموم البلوى بمحبتها والإعجاب بها، وقوله طامحة بمعنى مرتفعة وملتفتة إليها، والمراد تعلق المحبة بها، وقوله مغتبطة أي حريصة وأصل الغبطة طلب مثل ما لغيرك بدون تمني زواله وقد تقدم قوله فلا تعجبك بلفظه لكنه بعيد. قوله :( ويجوز أن تكون هذه في فريق غير الأوّل ) قال الفارسيّ : ليست للتأكيد لأنّ تيك في قوم وهذه في آخرين وقد تغاير نطقهما فهنا ولا بالواو ولمناسبة عطف نهي على نهي قبله في قوله :) ولا تصل ) الخ فناسب الواو، وهناك بالفاء لمناسبة التعقيب لقوله قبله :﴿ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [ سورة التوبة، الآية : ٥٤ ] أي للإنفاق فهم معجبون بكثرة الأموال والأولاد فنهى عن الإعجاب المتعقب له، وهنا وأولادهم دون لا لأنه نهى عن الإعجاب بهما مجتمعين، وهناك بزيادة لا لأنه نهى عن كل واحد واحد فدل مجموع الآيتين على النهي عن الإعجاب بهما مجتمعين ومنفردين، وهنا أن يعذبهم وهناك ليعذبهم بلام التعليل وحذف المفعول أي إنما يريد اختبارهم بالأموال والأولاد وهنا المراد التعذيب فقد اختلف متعلق الإرادة فيهما ظاهراً، وهناك في الحياة الدنيا وهنا في الدنيا تنبيها على أن حياتهم كلا حياة فيها، وناسب ذكرها بعد الموت فكأنهم أموات أبداً، ومنه تعلم أنه يصح في التأبيد معنى آخر. قوله :( ويجوز أن يراد بها بعضها ) بطريق التجوّز بإطلاق الجزء على الكل لا بطريق الاشتراك كإطلاق القرآن على ما يشمل الكل والبعض كما يوهمه كلام الكشاف، وان قيل إنّ هذا مراده أيضا، والمراد بالسورة سورة معينة وهي براءة أو كل سورة ذكر فيها الإيمان والجهاد وهذا أولى وأفيد لأن استئذانهم عند نزول آيات براءة علم مما مرّ، وقد قيل إن إذا تفيد التكرار بقرينة المقام لا بالوضع وفيه كلام مبسوط في محله. قوله :) بأن آمنوا بالله ويجورّ أن تكون أن مفسرة ( يعني أن مصدرية وقبلها حرف جرّ مقدر، ويجوز أن تكون مفسرة لتقدم ما فيه معنى القول دون حروفه، قيل والمصدرية تناسب إرادة السورة بتمامها والتفسيرية تناسب بعضها ففيه لف ونشر والخطاب للمنافقين، وأما التعميم أو إرادة المؤمنين بمعنى دوموا عليه فلا يناسب المقام ويحتاج فيه ارتباط الشرط، والجزاء إلى تكلف ما لا حاجة إليه، وفي توله استأذنك التفات، وقال النحرير :


الصفحة التالية
Icon