ج٤ص٣٥٢
القرآن والكتاب كما وضعا للكل وضعا للمفهوم الكلي الصادق على الكل والبعض، وأما السورة فليست إلا اسماً للمجموع فإطلاقها على البعض مجاز محض. قوله :( ذوو الفضل والسعة ) خصهم لأنهم المذمومون، وهم من له قدرة مالية ويعلم منه البينة أيضا بالقياس فهو
الملوم لا غيره كما يدل عليه قوله عقبه الذين قعدوا لعذر وهو شامل للرجال والنساء ففيه تغليب، وخص النساء بعده للذم. قوله :( جمع خالفة ( بمعنى المرأة لتخلفها عن أعمال الرجال، والمراد ذمّهم والحاقهم بالنساء كما قال :
كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول
والخالفة تكون بمعنى من لا خير فيه، والتاء فيه للنقل للاسمية فإن أريد هنا فالمقصود
من لا فائدة فيه للجهاد وجمع على فواعل على الوجهين أما الأوّل فظاهر، وأما الثاني فلتأنيث لفظه لأن فاعلا لا يجمع على فواعل في العقلاء الذكور إلا شذوذاً كنواكس، وقوله :( ما في الجهاد ) مأخوذ من المقام وقوله :﴿ لَكِنِ الرَّسُولُ ﴾ استدراك لما فهم من الكلام، وقوله :( إن تخلف ) الخ فهو كقوله :﴿ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ١٨٩ وقوله فقد جاهد تقدير دليل الجواب أي فلا ضحير لأنه قد جاهد الخ. قوله :( منافع الدارلن الخ ( مأخوذ من عموم اللفظ واطلاقه، وقوله وقيل الحور معطوف على منافع الدارين لا على الجنة، وقوله لقوله تعالى :﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ ﴾ [ سورة الرحمن، الآية : ٧٠ ] فإنها بمعنى الحور فيحمل هذا عليه أيضاً، وقوله :) وهي جمع خيرة ) أي بسكون الياء مخفف خيرة المشذد تأنيث خير، وهو الفاضل من كل شيء المستحسن منه، وقوله :) بيان لما لهم من الخيرات الأخروية ) قيل فلو خص ما قبله بمنافع الدنيا بدليل المقابلة لم يبعد. قوله :( أسداً وغطفان ( هما قبيلتان من العرب معروفتان، والجهد المشقة التي تلحقهم بمفارقة الأهل والمعذرون فيه قراءتان مشهورتان التشديد والتخفيف، والمشددة لها تفسيران :
أحدهما : من عذر بمعنى قصر وتكلف العذر فعذره باطل كاذب.
والثاني : من اعتذر وهو محتمل لأن يكون عذره باطلا وحقا، وأما التخفيف فهي من
أعذر إذا كان له عذر وهم صادقون على هذا، وإليه يثير قوله موهما الخ لأنه من التكلف، وقوله :( مهد العذر ) أي بينه محتمل للوجهين كما عرفت ووجه الإدغام ظاهر وكسر العين لاك فاء الساكنين بأن تحذف حركة التاء للإدغام فيلتقي ساكنان، وتحرك العين بالكسر وضم العين لاتباع الميم وهو ثقيل لم يقرأ به، وقوله :( إذا اجتهد في العذر ( إشارة لصدقه. قوله :( وقرئ المعذرون بتشديد العبن والذال الخ ) فهو من تعذر كادّثر من تدثر والتفعيل بمعنى الافتعال فيحتمل الصدق والكذب أيضاً وهذه القراءة نسبت لمسلمة، وليست من السبعة كما توهم، ولذا قال أبو حيان رحمه الله هذه القراءة إما غلط من القارئ أو عليه لأنّ التاء لا يجوز إدغامها في العين لتضادّهما وأما تنزيل التضاد منزلة التناسب فلم يقله أحد من النحاة ولا القراء، فالاشتغال بمثله عبث، وقول المصنف رحمه الله كالزمخشري إنها لحن أي لعدم ثبوتها فلا يقال إنها قراءة فكيف تكون لحناً. قوله :( وقد اختلف في أنهم كانوا معتذرين بالتصنع ( أي بالباطل واظهار ما ليس واقعاً بتكلف صنعه، وقد علمت سبب الاختلاف، وأما تعين الصحة لأنّ قراءة التخفيف تعينه والتشديد تحتمله فتحمل عليها لئلا يكون بين القراءتين تناف فدفع بأنّ المعتذرين كانوا صنفين محقا ومبطلاً فلا تعارض بينهما كما قيل وقوله :( فيكون الخ ) تفريع على الصحة بأن الذين كذبوا منافقون كاذبون، والمعتذرون مؤمنون لهم عذر في التخلف وكذبهم بادعاء الإيمان، وعلى الأوّل كذبهم بالاعتذار والتصنع والقعود على الوجهين مختلف. قوله :( من الإعراب أو من المعذرين الخ ) أي من الإعراب مطلقاً فالذين كفروا منهم منافقوهم أو أعم، وقوله من اعتذر لكسله توجيه لمن التبعيضية ولا ينافي استحقاق من تخلف لكسل العذاب لعدم قولنا بالمفهوم، والمصنف رحمه الله قائل به فلذا فسر العذاب بمجموع القتل والنار لأنّ الأوّل منتف في المؤمن المتخلف للكسل، وقيل المراد بالذين كفروا منهم المصرّون على الكفر. قوله :( كالهرمي والزمني ) جمع هرم، وهو الضعيف من كبر السن، وزمن وهو المقعد وفيه لف ونشر، وأشار إلى


الصفحة التالية
Icon