ج٤ص٣٥٣
شمول المرض لما لا يزول كالعمى والعرج، وان الضعف شامل للخلقي والعرضي وجهينة وما بعده أسماء قبائل، والحرج أصل معناه الضيق، ثم استعمل للذنب وهو المراد. قوله :( بالإيمان والطاعة في السر والعلانية الخ ) معنى نصح لله
ورسوله مستعار للإيمان والطاعة ظاهراً وباطنا كما يفعله الموالي بضم الميم كالمصافي لفظاً ومعنى، وفي قوله كما إشارة إلى أنه استعارة أو المراد بالنصح لله ورسوله بذل الجهد لنفع الإسلام والمسلمين فإذا تخلفوا تعهدوا أمورهم وأهلهم، وأوصلوا لهم خبر من غاب عنهم لا كالمنافقين الذين تخلفوا وأشاعوا الأراجيف لأنّ هذه الأمور إعانة على الجهاد، وقوله يعود على الإسلام فيه لقولاً وفعلاً أي له عائدة ونفع للإسلام وأهله. قوله :( أي ليس عليهم جناح الخ ) من مزيدة وليس على محسن سبيل كلام جار مجرى المثل، وهو إما عام ويدخل فيه من ذكر أو مخصوص بهؤلاء فالإحسان النصح لله والرسول، والإثم المنفي إثم التخلف، فيكون تأكيداً لما قبله بعينه على أبلغ وجه وألطف سبك، وهو من بليغ الكلام لأنّ معناه لا سبيل لعاتب عليه أي لا يمرّ به العاتب ويجوز في أرضه فما أبعد العتاب عنه فتفطن للبلاغة القرآنية كماقيل :
سقيا لأيامنا التي سلفت إذلايمرّالعذول في بلدي
وكلام المصنف يحتمل أن يكون قوله ليس عليهم جناح إعادة لمعنى ليس عليهم حرج، وقوله ولا إلى معاتبتهم سبيل بيان لهذا وإشارة إلى ترتبه عليه أي لا حرج عليهم فهم لا يعاتبون، ووضع المحسنين موضع الضمير بناء على الوجه الثاني، والتخصيص في قوله لهم إشارة إلى أنّ كل أحد عاجز محتاج للمغفرة والرحمة إذ الإنسان لا يخلو من تفريط ما فلا يقال إنه نفى عنهم الإثم أوّلاً فما الاحتياج إلى المغفرة المقتضية للذنب، فإن أريد ما تقدم من ذنوبهم دخلوا بذلك الاعتبار في المسيء، وقوله فكيف للمحسن في نسخة للمحسنين بصيغة الجمع. توله :( عطف على الضعفاء الخ ) هو على الثاني من عطف الخاص على العامّ اعتناء بهم وجعلهم كأنهم لتميزهم جنس آخر وعلى الأوّل فإن أريد بالذين لا يجدون الخ الفقير المعدم للزاد، والمركب وغيره وهؤلاء واجدون لما عدا المركب تغايرا، وهو ظاهر كلام المصنف والنظم وان أريد بمن لا يجد النفقة من عدم شيئا لا يطيق السفر لفقده كان هذا من عطف الخاص على العام أيضا والأوّل أولى. قوله :( البكاؤون ) ( ١ ( جمع بكاء بصيغة المبالغة، وهم جماعة من الصحابة رضي الله عنهم لم يكن لهم قدرة على ما يركبون للغزو مع النبيّ صلى الله عليه وسلم
طلبوا منه ذلك، فلما أجابهم بكوا وحزنوا حزناً شديدا فاشتهروا بهذا وتفصيلهم في سيرة ابن هشام رحمه الله، وعلبة بن زيد بضم العين المهملة وسكون اللام وفتح الباء الموحدة كذا ضبطوه، وهو صحابي مشهور رضي الله عنه وفي أسمائهم وعددهم اختلاف والمعروف أنهم طلبوا ما يركبون وهو معنى قوله فأحملنا فقوله الخفاف جمع خف، وهو في الجمل كالقدم في الإنسان ويطلق عليه نفسه كما يقال ماله خف ولا حافر والمرقوعة التي يشد على خفها جلد إذا أضر بها المشي، والنعال جمع نعل والخصف خياطة النعل، وهذا تجوّز عن ذي الخف والحافر فكأنهم قالوا احملنا على كل شيء مما تيسر أو المراد احملنا ولو على نعالنا وأخفافنا مبالغة في المناعة، ومحبة للذهاب معه. قوله :( هم بنو مقرّن ) بكسر الراء المهملة المشذدة كمحدّث، وهم سبعة أخوة كلهم صحبوا النبيّ ع!ي! قال القرطبي رحمه الله : وليس في الصحابة سبعة أخوة غيرهم، وهذا القول عليه أكثر المفسرين وخص المصنف رحمه الله منهم ثلاثة بالمجيء إلى النبيّ ﷺ، وهو قول مجاهد وأبو موسى هو الأشعري رضي الله عنه وأصحابه من أهل اليمن. قوله :( حال من الكاف في أتوك بإضمار قد ) فيه وجوه من الأعراب منها أنه على حذف حرف العطف أي وتلت أو فقلت، وقيل قلت : هو الجواب وتولوا مستأنف جواب سؤال مقدر وهو أحسن مما اختاره المصنف رحمه الله وأما العكس بأن يكون تولوا جوابا وهذه مستأنفة في جواب سؤال مقدّر كما في الكشاف فبعيد والمصنف رحمه الله اختار أنّ الأولى حاًل والجواب ما بعده، وزمان الإتيان يعتبر واسعا كيومه وشهره