ج٤ص٣٦٠
عليه وسلم وأن يكون للغيب وضحمير المؤنث للصدقة، فعلى الأوّل الجملة في محل نصب على الحال من فاعل خذ، ويجوز كونه صفة صدقة بتقدير بها لدلالة ما بعده عليه، وأما تزكيهم فالتاء للخطاب لا غير لقوله بها إذ جعله للصدقة ركيك لا يليق أن يحمل عنيه وتفصيله في كتب الإعراب. قوله :( أو حب المال المؤدّي بهم إلى مثله ) أي مثل ما صدر عنهم من التخلف، وليس كناية من التخلف كقولهم مثلك لا يبخل إذ لا حاجة إليه وتطهير الذنوب تكفيرها، وتطهير حب المال إخراجه من قلوبهم، ولذا ورد أنّ الصدقة أوساخ الناس، ولم يحل له ىلمجي! واختلف في المأمور به في الآية فقيل الزكاة، ومن تبعيضية وكانوا أرادوا التصدق بجميع مالهم فأمره الله بأخذ بعضها لتوبتهم لأنّ الزكاة لم تقبل من بعض المنافقين فترتبط بما قبلها، وان أريد الزكاة فهو عام، وإن خص سببه وقيل : ليست هذه الصدقة المفروضة بل هم لما تابوا أبذلوا جميع مالهم كفارة للذنب
الصادر منهم فأمره الله بأخذ بعضها، وهو الثلث وهذا مروي عن الحسن، وهو المختار عندهم، وقوله تنمي من الإنماء وهو الزيادة، وقوله :( ترفعهم الخ ( فيه إشارة إلى أنهم كانوا منافقين وفيه خلاف تقدّم. قوله :( واعطف عليهم بالدعاء والاستغفار لهم الخ ) يعني أنّ الصلاة هنا بمعنى الدعاء، وعدى بعلى لما فيه من معنى العطف لأنه من الصلوين وألا فالدعاء لا يتعدى بعلى إلا للمضرة، وهو غير مراد هنا، وتفسيره بصلاة الميت بعيد هنا وان روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولذا استدل به على استحباب الدعاء لمن يتصدق. قوله :( تسكن إليها نفوسهم الخ ( السكن السكون، وما يسكن إليه من الأهل والوطن فإن كان المراد الأوّل فجعلها نفس السكن، والاطمئنان مبالغة، وهو الظاهر وان كان الثاني فهو مجاز بتشبيه دعائه في الالتجاء إليه بالسكن، ووجه جمع صلاة لأنها اسم جنس والتوحيد لذلك أو لأنها مصدر في الأصل. قوله :( الضمير أما للمتوب عليهم الخ ) يعني إذا قصد هؤلاء، وقد مرّ ما يشير إلى قبول توبتهم فذكره هنا تمكيناً لذلك في قلوبهم، فالاستفهام للاستبطاء لتوبتهم، وان كان لغيرهم من المنافقين فهو توبيخ وتقريع لهم على عدم التوبة وترغيب فيها، وازالة لما يظنون من عدم قبولها، وقرىء بالتاء وهو على الأوّل التفات، وعلى الثاني بتقدير قل ويجوز أن يكون الضمير للمنافقين والتائبين معاً للتمكين والتخصيص.
تنبيه : قال النووي في شرح مسلم قال الفقهاء : الدعاء لدافع الزكاة سنة لا واجب خلافاً لبعض الشافعية عملاً بظاهر الآية واستحب الشافعيّ رحمه الله أن يقول في دعائه آجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهور وبارك لك فيما أبقيت والصحيح أنه لا يستحب انتهى. قوله :) وهو يقبل التوية ( الضمير إما للتأكيد أوله مع التخصيص بمعنى أنّ الله يقبل التوبة لا غيره بمعنى أنه يفعل ذلك ألبتة لما سبق من أنّ ضمير الفصل يفيد ذلك والخبر المضارع من مواقعه، وقيل التخصيص بالنسبة إلى الرسول لمجبب! بمعنى أنه يقبل التوبة لا رسوله ع!ب! لأنّ كثرة رجوعهم إليه مظنة لتوهم ذلك وقوله :( إذا صحت ) بيان لنفس الأمر لأنّ غيرها لا يقبل بل لا يسمى توبة، وتعديته القبول بعن لتضمنه معنى التجاوز والعفو عن ذنوبهم التي تابوا عنها وليس المعنى أنّ التوبة إذا قبلت فكأنها تجاوزت عته كما توهم، وقيل عن هنا بمعنى من. قوله :( بقبلها قبول من يأخذ الخ ( يعني أنّ الأخذ هنا استعارة للقبول والإثابة لا كناية كما قيل لأنّ الكريم والكبير
إذا قبل شيئا عوض عنه إذ الأخذ هو الرسول ﷺ لا الله تعالى وقد يجعل الإسناد إلى الله مجازا مرسلاَ، وقيل في نسبة الأخذ إلى الرسول ﷺ في قوله خذ ثم إلى ذاته تعالى إشارة إلى أنّ أخذ الرسول ﷺ قائم مقام أخذ الله تعظيماً لشأن نبيه ﷺ كقوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ﴾ [ سورة الفتح، الآية : ٠ ا ] فهو على حقيقته ولا يخفى ما فيه من البعد في إدعاء الحقيقة وان كان ما فهمه معنى حسنا. قوله :( وإن من شأنه قبول توبة التائبين الخ ) هو مأخوذ من صيغة المبالغة التي تفيد تكرّر ذلك منه وأنه شأن من شؤونه وعادة من عوائده أي إنه يقبل ذلك كما علمتم أنه شأنه وعادته، ولولا الحمل على هذا لكان لغوا وقد تكلف من قال إنه جعل الواو في قوله وانّ الله ابتدائية والمقصود التعليل، وقيل الواو للعطف على مقدر كأنه قيل إنّ الله هو البر الرحيم فيكون تعليلاً


الصفحة التالية
Icon