ج٤ص٣٦٧
نفس الشراء حتى تكون بيانا له كما قيل، وقوله :) يقاتلون في معنى الأمر ) قيل إنه مرضه لأنه لا يجري في يقتلون المجهول وجعله بمعنى يباشرون سببه تكلف من غير داع. قوله :) وقد عرفت الخ ) دفع لسؤال عدم مراعاة الترتيب بأنّ الواو لا تقتضيه، وبأن المراد يقتل بعض ويقتل بعض لكنه أسند إلى الجميع فعل بعضهم لأنّ المجاهدين كنفس واحدة، وقيل يتعين الثاني لدلالته على جراءتهم حيث لم ينكسر، والآن قتل بعضهم د هاما أنّ الواو لا تفيد الترتيب فلا يجدي لأنّ تقديم ما حقه التأخير في أبلغ الكلام لا يكون بسلامة الأمير، وهذا لا يقتضي عدم صحته بل مرجوحيته، وهو أمر سهل، ثم إنه قال إنه لم يقل بالجنة وهو أخصر لما فيه من مدحهم بأنهم بذلوا أنفسهم ونفائسهم بمجرّد الوعد ثقة بالوفاء، وأيضا تمام الاستعارة به يعني أنه يقتضي بصريحه عدم التسليم، وهو عين الوعد لأنك إذا قلت اشتريت منك كذا بكذا احتمل النقد بخلاف ما إذا قلت بأنّ لك كذا فإنه في معنى لك عليّ كذا وفي ذمّتي لأنّ اللام هنا ليست للملك، إذ لا يناسب شراء ملكه بملكه كالممهورة إحدى خدمتيها فهي للاستحقاق، وفيه إشعار بعدم القبض وكون تمام الاستعارة التمثيلية به لا يخلو من وجه لأنّ الجنة بمعناها الحقيقي تصلح عوضماً، ولأنه لولاه لصح جعله مجازا عن الاستدلال، وهو غير مراد لكنه لا يخلو من نظر ومن لم يقف على مراده قال لا فرق بين اشترى بالجنة، وا!ثيترى بأنّ له الجنة، وهو من قلة التدبر والقائل مسبوق بما ذكره. قوله :
( مصدر مؤكد لما دل عليه الثسراء ) فإنه في معنى الوعد قيل هو مصدر مؤكد لمضمون الجملة لأنّ معنى الشراء بأنّ لهم الجنة وعد لهم بها على الجهاد في سبيله والمفهوم من تقرير المصنف رحمه الله ظاهر أن يكون المجاز في لفظ الشراء، وقد جعل الكلام تمثيلاً فمفرداته باقية على معانيها الأصلية، وقد علمت أن الشراء بأنّ له كذا يفيد النسيئة، وهي وعد فلا ينافي ما ذكره من التمثيل، ولا يرد عليه ما قيل إنّ الوعد مستفاد من مضمون اشترى بأنّ لهم الجنة ومن جعله من الشراء فقد غفل ولا حاجة إلى تكلف أنّ مراده أنه مؤكد لمضمون الجملة، وحقاً نعت له وعليه حال من حقا لتقدمه عليه. قوله :( مذكورا فيهما كما أثبت في القرآن ) قال في الكشاف :
وعد ثابت قد أثبته في التوراة والإنجيل كما أثبته في القرآن، قال الطيبي : يعني حقا بمعنى ثابتا ومن المعلوم ثبوت هذا الحكم في القرآن، فقرن التوراة والإنجيل معه في سلك واحد ليؤذن بالاشتراك، ولذلك أتى بحرف التشبيه، وقال كما أثبته في القرآن إلحاقاً لما لا يعرف بما يعرف، وهذا بعينه كلام المصنف رحمه الله لأنّ إثباته فيهما بذكره ثم إنه إما أن يكون ما في الكتابين أن أمّة محمد ﷺ اشترى منهم أنفسهم بذلك، أو أن من جاهد له ذلك فليس في كلام المصنف رحمه الله اضطراب كما توهم ويجوز تعلفه باشترى ووعداً وحقأ وبمقدر كمذكوراً أو ثابتا، ومن أوفى استفهام إنكاري في معنى لا أحد أوفى من الله وهو يقتضي نفي مساواته في الوفاء عرفا كما مر تحقيقه فإنه إذا قيل ليس في المدنية أفقه منه أفاد أنه أفقه أهلها. قوله :( مبالغة في الإنجارّ ) المبالغة من أفعل التفضيل، وجعل الوعد عهداً وميثاقأ قيل وهي لا تقتضي عدم خلف وعده وإنما المقتضى له قوله تعالى :﴿ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [ سورة آل عمران، الآية : ٩٤ ا ] فتأقل. قوله :( وتقرير لكونه حقاً ) وجه التقرير ظاهر وفي بعض التفاسير قال أبو المعالي رحمه الله : المكاتبة من المعاوضات المجازية الخارجة عن القياس فإنها مقابلة مال بملك وهما لواحد هنا، وهذا على مذصب الشافعيّ رحمه الله فإن العبد لا يملك عنده وعند مالك رحمه الله يملك فالمعاوضة عنده حقيقية وان كان ملك العبد ضعيفا مزلزلاً ففي الآبة حجة له، وقال أبو الفضل الجوهري رحمه الله في وعظه ناهيك بائعها وثمنها الجنة والواسطة محمد المصطفى ﷺ. قوله :( فانرحوا به غاية الفرح ) يقال بشرته وأبشرته إذا أخبرته بخبر سار فاستبشر فرج ووجد ما يبشر به وشر كدّا قال الراغب فليس مستعملاً في لازم معناه كما قيل. قوله :( رفع على المدح أي هم الخ ) يعني أنه نعت للمؤمنين قطع لأجل المدح بدليل قراءة التائبين فعلى هذا الموعود بالجنة المجاهد المتصف بهذه الصمفات لا كل مجاهد وهو قول للمفسرين، وعلى القول الآخر وهو تبشير مطلق المجاهدين بما ذكر فالتائبون مبتدأ، وفي خبره أقوال فقيل تقديره من أهل الجنة فيكونون موعودين بها أيضاً كمن قبلهم لقوله :﴿ وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى ﴾ [ سورة النساء، الآية : ٩٥ ]


الصفحة التالية
Icon