ج٤ص٣٦٨
لأنّ المراد بها الجنة، وقيل إنه بدل من ضمير يقاتلون وحمل التوبة على التوبة عن الكفر لأنه بعد ذكر المنافقين، وتوبتهم عنه ولأنّ ما ذكر بعده من الصفات لو حمل على التوبة عن المعاصي يكون غير تام الفائدة مع أنّ من اتصف بهذه الصفات الظاهر اجتنابه للمعاصي، وقوله نصبا على المدح أي بتقدير أمدح أو أعني. قوله :( هم الجامعون لهذه الخصال الخ ) قيل عليه إنه تبع فيه الكشاف، وفي بعض التفاسير أنه دسيسة اعتزالية كأنه يقول
المؤمنون هم الجامعون لهذه الصفات حتى يجعل المذنب غير مؤمن انتهى ( قلت ) ويدفع بأنه أراد بقوله على الحقيقة الكاملون إيمانا لا المؤمنون كما سيصرّح به في قوله وبشر المؤمنين ولو تركه كان أولى. قوله :( لنعمانه أو لما نابهم الخ ) وفي نسخة يأتيهم والأولى أصح ونابهم بالنون والباء الموحدة بمعنى نزل بهم والسراء بالمد المسرّة والضراء بالمد المضرة يعني الحمد إما في مقابلة النعمة بمعنى الشكر أو بمعنى الوصف بالجميل مطلقا فالحمد لله على كل حال ولا حاجة إلى ما قيل إن المضرة لكونها سببا للثواب يحمد عليها. قوله :( السائحون الصائمون الخ ا لما كان في الأمم السابقة السياحة والرهبانية، وقد نهى عنها فسرت كما وقع في الحديث بالصوم وهو استعارة له لأنه يعوق عن الشهوات كما أنّ السياحة تمنع عنها في أكثر أو لأنه رياضة روحانية ينكشف بها كثير من أحوال الملكوت، والملك فشبه الاطلاع عليها بالاطلاع على البلدان والأماكن النائية إذ لا يزال يتوصل من مقام إلى مقام ويدخل من مدائن المعارف إلى مدينة بعد أخرى على مطايا الفكر من ساج الماء إذا سأل، وعن عائشة رضي الله عنها :" سياحة هذه الأمّة الصيام " ( ١ )، وروي مرفوعا كما هو ظاهر صنيع المصنف وقوله :( في الصلاة ) حمل الركوع والسجود على معناهما الحقيقي وجعلهما بعضهم عبارة عن الصلاة لأنهما أعظم أركانها، وقوله :( بالإيمان والطاعة ا لو أبقى لفظ النظم على عمومه كان أولى. قوله :( والعاطف فيه للدلالة على أنه بما عطف عليه الخ ا لما ترك العطف فيها وذكر في موضعين احتاج إلى بيان وجهه والنكتة فيه سواء كانت وتلك الصفات إخباراً أو لا، وقد وقع مثله في غير هذه وبحثوا عن وجهه قال في المغني : الظاهر أن العطف في هذا الوصف بخصوصه إنما كان من جهة أنّ الأمر والنهي من حيث هما أمر ونهي متفابلان بخلاف بقية الصفات لأن الأمر بالمعروف ناه عن المنكر، وهو ترك المعروف والناهي عن المنكر آمر بالمعروف فأشير إلى
الاعتذار بكل من الوصفين وأنه لا يكفي فيه ما يحصل في ضمن الآخر، وما ذكره المصنف رحمه الله من أنهما في حكم خصلة، وصفة واحدة أي بينهما تلازم في الذهن والخارج لأن الأوامر تتضمن النواهي ومنافاة بحسب الظاهر لأنّ أحدهما طلب فعل والآخر طلب ترك فكانا بين كمال الاتصال والانقطاع المقتضى للعطف بخلاف ما قبلهما، فلا يرد عليه اًن الراكعون الساجدون في حكم خصلة واحدة أيضاً فكان ينبغي فيهما العطف على ما ذكره إذ معناه الجامعون بين الركوع والسجود، أو لأنه لما عدد صفاتهم عطف هذين ليدل على أنهما شيء واحد وخصلة واحدة والمعدود مجموعهما، وما ذكره ابن هشام رحمه الله أمر آخر وهو أنّ العطف إما لما بينهما من التقابل أو لدفع الإيهام ولما ورد أنه لا ينبغي العطف فيما بعده أشار إلى جوابه كما ستراه. قوله :) أي فيما بينه وعيته من الحقائق والشرائع للتتبيه على أنّ الخ ( يعني أنه من ذكر أمر عام شامل لما قبله وغيره ومثله يؤتى به معطوفاً نحو زيد وعمرو وسائر قبيلتهما كرماء فلمغايرته لما قبله بالإجمال، والتفصيل والعموم والخصوص عطف عليه، فاندفع ما قيل إنه عطف على ما قبله من الأمر والنهي لأن من لم يصدق فعله قوله لا يجدي أمره نفعاً، ولا يفيد نهيه منعا، ومن لم يتنبه لهذا قال إنه للتنبيه على أنّ ما قبله مفصل الخ وليت شعري ما وجه الدلالة في العطف على هذا، وقد ظهر نكتة أخرى أوضح مما قالوه، وهو أنّ المراد بحفظ الحدود ظاهره وهي إقامة الحد كالقصاص على من استحقه والصفات الأول إلى قوله الآمرون صفات محمودة للشخص في نفسه، وهذه له باعتبار غيره فلذا تغاير تعبير الصنفين فترك العاطف في القسم الأؤل عطف في الثاني، ولما كان لا بذ من اجتماع الأول في شيء واحد ترك فيها العطف لشذة الاتصال


الصفحة التالية
Icon