ج٥ص١٠٣
أن تكون أو لئلا تكون كما مز نظيره، وقال : الماتريدي إنّ نوحاً عليه الصلاة والسلام ظن ابنه على دينه لأنه كان يخفي كفره منه، والا لم يسأل نجاته وقد نهى عن مثله، قيل : وهو الأظهر. قوله :( بفتح اللام والنون ) أي ويفتح النون بدليل ما بعده، وقوله : للياء أي لأجل أن تدل الكسرة على الياء المحذوفة، أو لمناسبتها والإثبات أمره ظاهر، وقوله : فيما يستقبل لأنّ السؤال وقع منه، وقيل : إنه لدفع أن يكون ردّاً لقوله ابني وانكاره السؤال، وأفا في الحال فغير متصوّر وقوعه منه فتأمل، وقوله : بصحته إشارة إلى تقدير مضاف، ودخل فيه ما علم فساده وما شك في صحته وفساده. قوله :( انزل من السفينة ( وقال الإمام من الجبل إلى الأرض، وقوله مسلماً بصيغة المفعول إشارة إلى أنّ الباء للملابسة، وأنّ الجارّ والمجرور حال، والسلام إمّا بمعنى السلامة مما يكره، أو بمعنى التسليم والتحية من اللّه، أو من الملائكة عليهم الصلاة والسلام، الذين من قبله، وقوله : من جهتنا، بيان لقوله :
منا وأن من فيه ابتدائية، ولو أخره كان أحسن، وهو متعلق بمسلماً لا بالمكاره كما جوّزه بعضهم. قوله :( ومباركاً عليك ) أي مدعوا لك بالبركة، بأن يقال بارك الله فيك، وهو مناسب لكون السلام بمعنى التسليم فيكون كقوله : السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وهذه الآية من الاحتباك لأنه حذف من الثاني ما ذكر في الأوّل، وذكر فيه ما حذف من الأؤل، والتقدير بسلام منا عليك وبركات منا عليك، وقوله آدما صرفه لأنه نكره، ونوج عليه الصلاة والسلام يسمى آدم الثاني والأصغر، لأن الناس كلهم من نسله عليه الصلاة والسلام، لأنه لم يبق بعد الطوفان غير بنيه وأزواجهم على ما اختاره في الصافات، وا! جميع الناس من نسله، كما قال :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ ﴾ [ سورة الصافات، الآية : ٧٧ ] وهو لا ينافي الوجه الثاني في من هنا والحاصل أن العلماء قد اختلفوا في الناس بعد الطوفان هل هم جميعا من نسل نوح عليه الصلاة والسلام، ولذا سموه آدم الثاني وآدم الأصغر، كما اختلفوا فيمن كان معه في السفينة وعددهم، فقيل : إنه مات من كان معه في السفينة من غير أولاده ولم يبق لهم نسل، فحينئذ لا يصح أن يكون الأمم نشؤوا ممن معه إلا أن يخصوا بأولاده، لكن الأكثر على أن لهم نسلا فلا يكون نوح عليه الصلاة والسلام أبا البشر بعد آدم عليه الصلاة والسلام، وكلام المصنف رحمه الله تعالى ينظر إلى القولين. قوله :( وهو الخير النامي ( الضمير للبركة وذكره باعتبار الخير، قال الراغبه : البرك صدر البعير، وبرك البعير ألقى بركه، واعتبر فيه اللزوم، ولذا سمي محتبس الماء بركة، ولما فيه من الاشعار باللزوم وكونه غير محسوس اختص تبارك بالاستعمال في الله كما سيأتي، ثم إن في قوله تعالى :﴿ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ﴾ لطيفة، وهو أنه قد تكرّر فيه حرف واحد من غير فاصل ثماني مرّات، مع غاية الخفة فيه ولم تتكرر الراء مثله في قوله :
وقبر حرب بمكان قفر وليس قرب قبرحرب قبر
مع ما ترى فيه من غاية الثقل وعسر النطق، وهذا آية من جملة إعجازه فاعرفه. قوله :
( هم الذين معك ) فمن على هذا للبيان قيل عليه إنه لا حاجة إلى لفظ الأمم بل إلى هذا بأسره فلو ترك أو قيل على من معك كان أظهر وأخصر، وقوله لتحزبهم أي لكونهم مجتمعين، وقوله لتشعب الأمم، فإطلاق الأمم عليهم مجاز، وعلى الوجه الآخر، من ابتدائية، وقوله : والمراد بهم أي بالأمم الناشئة على الوجه الثاني، ورجح الزمخشري هذا الوجه، بحسن التقابل بين وعلى أمم وأمم سنمتعهم وبسلامته عن التجوّز، واطلاق الأمم على جماعة قليلة لكنه يقتضي أن لا يسلم ويبارك على من معه، فقيل استغنى بالتسليم عليه عن التسليم على من معه، لأن النبيّ ﷺ زعيم أمّته، أو أنه يعلم بالطريق الأولى. قوله :( أي وممن معك أمم الخ ) جوّز في
هذه الواو الحالية والعطف، وظاهره أنّ أمم مبتدأ، وجملة سنمتعهم صفته المسوّغة للابتداء بالنكرة، والخبر مقدر وهو ممن معك بدلالة ما قبله، وكذا في الكشاف، لكنه قيل عليه إنه إنما يناسب الوجه الثاني في من دون الأوّل، وجعله في المقدر، بمعنى آخر لا يخلو من تكلف، ويحتمل أن يكون التقدير وأمم ممن معك سنمتعهم بحذف الصفة، وجعل الجملة المذكورة خبراً، وجوّز أبو حيان كون أمم مبتدأ من غير تقدير صفة على أنّ الجملة خبره لأن العطف والتفصيل مسوّغ عنده، وفسر الأمم الثانية بالكفار لقرينة ذكر العذاب، وقوله : والعذاب ما نزل بهم، أي في الدنيا لا عذاب الآخرة. قوله :( إشارة إلى قصة نوح عليه الصلاة


الصفحة التالية
Icon