ج٥ص١٠٤
والسلام ( بيان لأنّ التأنيث للنبأ باعتبار القصة، وأن الإشارة بالبعيد لتقضيها، وقوله : أي بعضها إشارة إلى أنّ من تبعيضية لأنها بعض المغيبات، وكونها من علم الغيب مع اشتهارها، باعتبار التفصيل لأنه غير معلوم، وقيل : إنه بالنسبة إلى غير أهل الكتاب لا عامّ، لأنها نسيت لقدم العهد كما قي!، وقوله : والضمير لها وهو الرابط لجملة الخبر.
قوله :( موحاة إليك ) أوّله باسم المفعول لأنّ الجملة الخبرية تؤوّل بالمفرد، ولبيان أنه لحكاية الحال الماضية، والمقصود من ذكر كونها موحاة سواء كان خبراً أو حالاً، إلجاء قومه للتصديق بنبوّته ﷺ، وتحذيرهم مما نزل بهم فلا يتوهم أنه لا فائدة فيه، وفائدة تقديم من أنباء الغيب إذا تعلق بنوحيها نفى أن يكون علم ذلك بكهانة، أو تعلم من الغير، فلا وجه لما قيل إنه لا فائدة فيه كما سيشير إليه. قوله :( أي مجهولة عندك الخ ) إشارة إلى أن هذا إشارة إلى الإيحاء المعلوم مما مرّ، وقوله : جاهلاً تفسير له على وجهي الحالية وأنه بيان لهيئة الموحي أو الموحى إليه. قوله :( تنبيه على أنه لم يتعلمها الخ ) يعني أنه إذا لم يعلمها وهو نبيّ يوحى إليه، فغيره بالطريق الأولى، فلا حاجة لذكرهم معه، فأجاب بأنه من باب الترقي، كما تقول هذا الأمر لا يعلمه زيد، ولا أهل بلده لأنهم مع كثرتهم لا يعلمونه، فكيف يعلمه واحد منهم، وقد علم أنه لم يخالط غيرهم، وقوله : على مشاق الرسالة الخ إشارة إلى أنه فذلكة لما قبله، وبيان
للحكمة في إيجابها من إرشادهم وتهديدهم. قوله :( عطف على قوله نوحاً إلى قومه ) أي أنه من العطف على معمولي عامل واحد، وليس من المسألة المختلف فيها فعطف المنصوب على المنصوب، والجارّ والمجرور على الجار والمجرور، وقدم لعود الضمير إليه وقيل إنه على إضمار أرسلنا لطول الفصل، فهو من عطف جملة على أخرى، وهوداً عطف بيان لأخاهم، وقيل إنه بدل منه، وأخاهم بمعنى واحداً منهم، كما يقولون يا أخا العرب. قوله :( وقرئ بالجرّ حملاَ على المجرور وحده ) أي بجعله صفة له، جار على لفظه، والرفع باعتبار محل الجارّ والمجرور لا فاعل للظرف لاعتماده على النفي، ووقع في النسخ المصححة بعد قوله : اعبدوا الله وحده، وفي نسخة وحدوه بالأمر تفسير له بقرينة ما بعده، ومن قوله :﴿ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [ سررة الأعراف، الآية : ٨٥ ] وقيل إنه يريد أنّ معنى اعبدوا الله أفردوه بالعبادة، ووحدوه بالألوهية بمعونة المقام لأنهم كانوا مشركين يعبدون الأصنام، فالمقصود إفراده بالعبادة لا أصلها، مع أنه لا اعتداد بالعبادة مع الإشراك، فالأمر بالعبادة يستلزم إفراده بها. قوله :( باتخاذ الأوثان شركاء وجعلها شفعاء ) يعني قولهم إنها شركاء لأنّ اتخاذها نفسه ليس افتراء، فجعله افتراء مبالغة، وأشار بعطف قوله وجعلها شفعاء أنهم في الواقع إنما تقرّبوا بها إلى الله كما نطق به التنزيل في غير هذا الموضع، لكن الشرع عده شركا، فلا يرد عليه ما قيل ليت شعري من أين علم اتخاذهم إياها شفعاء، فالأولى الاقتصار على اتخاذها شركاء. قوله :( وتمحيضاً ( بالضاد المعجمة أو الصاد المهملة، فإنّ كلاً منهما بمعنى الإخلاص، وقوله : لا تنجع كتنفع لفظاً، ومعنى ومشوبة بالباء الموحدة، أي مخلوطة ممتزجة، وقوله : أفلا تستعملون عقولكم إشارة إلى أنه نزل منزلة اللازم، واستعمال العقل التفكر والتدبر ليعرف ماله وما عليه، وقوله خاطب كل رسول الخ إشارة إلى ما ورد من أمثاله في القرآن، وليس تفسيراً لما نحن فيه. قوله :( ١ طلبوا مغفرة الله بالإيمان الخ ( يعني أنّ طلب المغفرة عبارة عن الإيمان بالله وحده، لأنه من لوازمه لتوقف المغفرة عليه، إذ لا معنى لطلب المغفرة مع الكفر، والتوبة لا تكون بدونه أيضا وعطف التوبة حيمئذ بثم إن أريد بها التوبة عن الشرك، بدليل المقام لا يظهر لأنها نفسه، فلذا أوّلت بأنها مجاز عن التوسل بها إلى المغفرة، والتوسل بالإيمان إلى مغفرة الله متأخر عنه، ولا يصح أن يكون المراد التوبة عما صدر منهم غير الشرك، لأنّ الإيمان يجب ما قبله، وأورد
عليه أنّ التوسل بالتوبة عن الشرك لا ينفك عن طلب المغفرة بالإيمان والتوحيد، لأنه من لوازمه فلا يكون بعده، فإن قيل : المراد بطلب المغفرة بالإيمان طلبها قبل الإيمان لا معه، قيل : فيرتفع الإشكال حينئذ من غير احتياج إلى التأويل بالتوسل لأنّ معناه حينئذ اطلبوا الإيمان ثم آمنوا، وهو غير محتاج إلى التأويل ويدفع بأنّ المراد الأوّل فالاسنغفار الإيمان والتوبة عن الشرك الرجوع إلى صراط الله المستقيم ودينه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وهو متراخ عن الإيمان باعتبار الانتهاء، وجوّز في قوله : توسلوا أن يكون بيانا لحاصل المعنى لأنّ الرجوع إلى شيء الوصول


الصفحة التالية
Icon