ج٥ص١٠٧
خبر في المعنى، وقوله العطاش إلى إراقة دمه استعارة بمعنى الحزاص كما يحرص العطشان على الماء، والإراقة ترشيح وقوله ولذلك أي لما مرّ وكونه معصوما من الله قرّره بإظهار التوكل على من كفاه ضرّهم، وقوله عقبه أي عقب هذا الكلام، وقوله تقريراً له أي لثقته وذكره لما مز وكونه تقريراً له لا ينافي كونه يفيد التعليل لنفي ضرهم بطريق برهانيئ كما يشير إليه قوله لن يضروني فإني متوكل على الله لأن بيان علة الشيء تقوّيه، وتقرّره وفي قوله :﴿ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ﴾ تدزج إلى تعكيس أمر التخويف وقوله لم يقدره من التقدير. قوله :( ثم برهن عليه ( أي على المعنى، وهو عدم قدرتهم على ضره مع توكله ولقوله ربي وربكم دخل في البرهان والناصية مقدم الرأس، وتطلق على الشعر النابت فيها وناصيته بيده أي هو منقاد له والأخذ بالناصية عبارة عن القدرة، والتسليط مجازاً وقد يكون كناية والمصنف
رحمه الله تعالى ذهب إلى الأوّل لأنه أنسب هنا. قوله :( أنه على الحق والعدل الخ ) يعني أنّ قوله على صراط مستقيم تمثيل واستعارة لأنه مطلع على أمور العباد مجاز لهم بالثواب والعقاب كاف لمن اعتصم كمن وقف على الجادّة فحفظها، ودفع ضرر السابلة بها وهو كقوله :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [ سررة الفجر، الآية : ١٤ ] وقيل معناه إنّ مصيركم إليه للجزاء وفصل القضاء والحق والعدل مأخوذ من الاستقامة وفي كلام المصنف رحمه اللّه تعالى إشارة إلى اندراجه في البرهان، وفي قوله إنّ ربي دون أن يقول وربكم نكتة غير الاختصار، وهي الإشارة إلى أنّ اللطف والإعانة مخصوصة به دونهم. توله :( فإن قتولوا ) جعله مضارعا لاقتضاء أبلغتكم له ولا يحسن فيه اذعاء الالتفات، ولذا من جعله ماضيا قدر فقل أبلغتكم لكنه لا حاجة إليه، والمراد إن استمرّوا على التولي لوقوعه منهم ويجوز أن يبقى على ظاهره بحمله على التولي الواقع بعد ما حجهم. قوله :( فقد أذيت ما علئ من الإبلاغ وإلزام الحجة الخ ا لما كان إبلاغه واقعا قبل توليهم والجزاء يكون مستقبلا بالنظر إلى زمان الشرط أشار إلى تأويله بقوله فلا تفريط أو أنه مراد به لازم معناه المستقبل باعتبار ظهوره أو أنه جواب باعتبار الإخبار لأنه كما يقصد ترتب المعنى يقصد ترتب الإخبار كما في وما بكم من نعمة فمن اللّه، ومنهم من جعل الجواب محذوفا وهذا دليله والتقدير لم أعاتبكم لأنكم محجوجون، وقوله ولا عذر لكم بعض الجواب، وجعله بعضهم جوابا آخر والواو بمعنى أو، وقوله فقد أبلغتكم إشارة إلى أنه أقيم فيه السبب مقام المسبب، ويصح جعله تعليلاً لما قبله. قوله :( استئناف بالوعيد ( يحتمل أنه يريد الاستئناف النحوي بناء على جواز تصديره بالواو لا البياني بأن يكون جواب سؤال، وهو ما يفعل بهم كما قيل لأنه لا يقترن بالواو ومنهم من فسر الاستئناف بالعطف على مجموع الشرط، والجزاء وهو خلاف الظاهر من العبارة يكون مترتبا على قوله إنّ ربي على صراط مستقيم، والمعنى أنه على العدل فلذا انتقم منكم وأهلككم فلا يرد أنّ المعنى لا يساعد عليه كما توهم، وقوله يهلكهم لأنّ استخلاف غيرهم على ديارهم يستلزم ذلك، وقوله ويؤيده القراءة بالجزم على الموضحع أي موضع الجملة الجزائية مع الفاء، وعلى القراءة بالرفع يصح عطفه أيضا على الجواب لكن على ما بعد الفاء لأنه الجواب في الحقيقة والفاء رابطة له فما قيل إنه يشعر بجواز عطفه على الجواب على عدم القراءة بالجزم، وليس بذاك سهو وقوله يعذرني بالجزم بيان لمعنى الجزاء على ما مرّ ومعناه يقبل عذري، ودخول الفاء على المضارع هنا لأنه تابع يتسمح
فيه وقيل تقديره فقد يستخلف الخ. قوله :( شيئاً من الضرر ) إشارة إلى أنه مفعول مطلق لأنه لا يتعدى لاثنين، ولا حاجة لتأويله بما يتعدى لهما كتنقصون، وقوله أسقط النون منه أي من تضرون لأنه معطوف على المجزوم، وقوله بتوليكم وقيل بذهابكم وهلاككم لا ينقص من ملكه شيء، وقوله فلا تخفى الخ إشارة إلى أن مراقبته كناية عن مجازاته كما مز أو حفيظ بمعنى حافظ والحافظ بمعنى الحاكم المستولي، ومن شأنه أنه لا يقدر على ضرّه سواه وقوله عذابنا على أنّ الأمر بمعنى الشأن واحد الأمور أو المأمور به، والتفسير الآخر على أنه واحد الأوامر والإسناد على الثاني مجازقي، والأمر بالعذاب إما أمر الملائكة فهو حقيقيّ، أو هو مجاز عن الوقوع على طريق التمثيل. قوله :( ﴿ نَجَّيْنَا هُودًا ﴾ ( صرح بالنجاة للمؤمنين مع التعريض بعذاب الكافرين بيانا لأنه الأهم، وأن ذلك لا يبالي به أو مفروغ منه وقوله برحمة يعني أنه بمحض الفضل إذ له