ج٥ص١١٠
أنها لهم عمرى إما للموروث عنه فلأن الله جعلها له مدّة عمره، وإما للوارث فلأنّ الله أو موزثه جعلها له كذلك، فلا حاجة إلى جعل العمرى مخصوصة بقوله ثم تتركونها حتى يكون ما قبله توطئة، أو زائداً على المراد، ولا يرد عليه ما قيل : إنّ الأولى أن يقول أو جعلكم معمرين دياركم تتركونها بعد انقضاء أعماركم لغيركم يسكنها مذة عمره في تحقيق كونه معمر إبل الاعتبار فيه للمعمر له مدة عمره، ولا يرد على هذا القائل أنه توهم أن معمرين في كلام المصنف رحمه الله بزنة اسم الفاعل، وهو بزنة المفعول كما قيل، مع أنه لا مانع منه، وحاصله أن الوجوه ثلاثة : إما أن يكون استعمركم من العمر أو التدمير أو العمرى. قوله :( قريب الرحمة الخ ( لقوله تعالى :﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٥٦ ] والقرآن يفسر بعضه بعضا وقد جعل قوله قريب ناظراً لقوله توبوا، ومجيب لاستغفروا، أي ارجعوا إلى الله فإنه قريب منكم أقرب
من حبل الوريد، واسألوه المغفرة فإنه مجيب للسائلين، وهو وجه حسن، وكلام المصنف رحمه الله غير بعيد منه، ومخايل جمع مخيل وهي الإمارة والسداد بالفتح الصلاج. قوله :( أن تكون لنا سيدا أو مستشارا ) أن تكون بدل من الضمير المستتر في مرجوّا بدل اشتمال أو مفعول فعل مقدر أي نرجو أن تكون والمقصود تفسيره، وقوله : انقطع رجاؤنا مستفاد من قوله قبل هذا، وقوله على حكاية الحال أي في بعيد لانتهائنا لأنه على حاله. قوله :( موقع في الريبة ) يعني أنه اسم فاعل من أرابه المتعدي، بمعنى أوقعه في الريبة، أو من أراب اللازم بمعنى صار ذا ريب وشك، وذو الريب وصاحبه من قام به لا نفس الشك، فالإسناد مجازي للمبالغة كجد جدّه، وأما على الاحتمال الأوّل، فالظاهر أنه مجازي أيضا، لأن الموقع في الريب بمعنى القلق والاضطراب هو الله لا الشك فعده حقيقة، أما بناء على أنه فاعل في اللغة، واما لما قيل إنهم غير موحدين معتقدين أن الموقع في القلق هو الله لا الشك نفسه، وهو ظاهر كلام الكشاف، وقد صرح في آخر سبا بأنّ كليهما مجاز لأن المريب إنما يكون من الأعيان لا من المعاني، واما أنّ القوم جهلة لا يفرقون بين عين ومعنى، فمما لا يلتفت إليه لأنّ ما ذكر في الحكاية لا المحكى وكذا ما قيل : إنّ معنى كون الشك موقعاً في الريبة أن شك بعض جماعة يوقع الريبة لآخرين، فإن الطباع مجبولة على التقليد أو باعتبار أن أصل الشك قد يوجب استمراره وهو من ضيق العطن، وقلة الفطن وهذا كله مبني على أن بين كلامي الشيخين في المحلين فرقاً وليس بمسلم قال في الكشف قوله على الاسناد المجازي متعلق بالوجهين لأنه قال في آخر سبا بعد ما ذكر الوجهين وكلاهما مجاز إلا أن بينهما فرقاً وهو أن المريب من الأوّل منقول ممن يصح أن يكون مريبا من الأعيان إلى المعنى والمريب من الثاني منقول من صاحب الشك إلى الشك كما تقول شعر شاعر فعلى الأوّل هو من باب الإسناد إلى السبب لأن وجود الشك سبب لتشكيك المشكك، ولولاه لما صدر عنه التشكيك انتهى، وهذا هو الحق عندي. قوله :( بيان وبصيرة ( تقدم تفسير البينة بالحجة والبرهان، وفسرها هنا بما ذكر لمناسب المقام لأن اً صل معنى البينة كما قال الراغب : الدلالة الواضحة حسية أو عقلية والبيان الكشف عن الشيء بنطق أو غيره فالمناسب لقوله فمن ينصرني تفسيره بما ذكروا والمعنى إن كان عندي بصيرة ودلالة على الحق وخالقت من يدفع عني ! أستحقه من الله. قوله :) وحرف الشك
باعتبار المخاطبين ) حرف الشك هو أن واصل وضعها أنها لشك المتكلم، وهو غير شاك في كونه على بينة لكنه من الكلام المنصف والاستدراج ولذا أتى به على زعمهم وما عندهم من الشك في أمره، وقوله يمنعني من عذابه يعني أن النصرة هنا مستعملة في لازم معناها وهو المنع والدفع، وفي الكلام مضاف مقدر أو النصر مضمن معنى المنع ولذا تعدى بمن، وقوله : في تبليغ رسالته أي تركه والمنع عن الاشراك به. قوله :( فما تزيدونني إذن باستتابعكم إياي ) كذا في الكشاف فقال العلامة، وتبعه غيره إن أذن ظرف حذف منه المضات إليه، وعوض منه التنوين وأشار لرده الشارح المدقق فقال قوله إذن حينئذ دل بإذن على أن الكلام جواب وجزاء وبحينئذ على التعقيب المستفاد من الفاء لا أنه تأكيد يدل على أن إذن تختص بالظرفية، وقد خبط فيه