ج٥ص١١١
أرباب الحواشي هنا خبط عشواء لعدم النظر إلى معزاه فإنه أراد أن حذف المضاف، وتعويض التنوين عنه إنما هو في إذ لا في إذا، وقد جوزه في إذا بعض النحاة في بعض الآيات فرده أبو حيان بأنه لم يقله أحد من النحاة ونسبه إلى الوهم لكن في الدر المصون أنه ذهب إليه بعض أجلة المفسرين وفي كلام العرب ما يشهد له فعلى المشهور في العربية لا يصح ما ذكر مع أنّ المعنى ليس عليه إذ هو إشارة إلى أنّ قوله فما تزيدونني غير تخسير جواب للشرط المذكور لا إن جوابه محذوف يدل عليه قوله فمن ينصرني، وقوله : حينئذ بيان لتعقيبه له المصحح للجوابية فإذن بمعناها المشهور حرف جواب، وجواز وقد وجد رسمه بالنون في النسخ ولو كان كذلك تعين كتابته بالألف. قوله :) غير أن تخسروني بابطال الخ ( يعني أن التخسير معناه جعله خاسرا وفاعل التخسير قومه ومفعوله هو والمعنى تجعلوني خاسرا لأني باتباعكم أكون مضيعا لما منحني الله من الحق، وهو خسران مبين أو فاعل الخسران صالح والمفعول هم، ومعنى تخسيره لهم نسبتهم إلى الخسران فإن التفعيل يكون للنسبة كفسقته إذا نسبته للفسق، والمعنى ما يزيدني استتباعي غير أني أقول لكم إنكم في ضلال وخسران لا إن أتبعكم فيكون إقناطاً لهم من اتباعه، وما قيل : إن الأولى أن يقال غير أن أنسب إلى الخسران لأن المفروض متابعته باختياره لا باختيارهم حتى يلاموا فلا إصابة فيه في اللفظ، ولا في المعنى، وقيل : إن المعنى غير تخسيري إياكم كما ازددتم تكذيبأ إياي ازدادت خسارتكم فكان سببها، وقوله : منحني الله به أي باستتباعكم أو ضمن منح معنى خص فتعلقت به. قوله :( ١ نتصبت آية على الحال وعاملها الخ ( جعل عاملها الاشارة لأن المبتدأ لا يعمل فيها، ولذا منعها بعض النحاة فيما ليس من هذا القبيل لأن اسم الإشارة فيه معنى الفعل، ولذا يسمى عاملاً
معنويا، وأما ما يلزمه من اختلاف عامل الحال، وعامل صاحبها، فقد فصل في غير هذا المحل، وهذه حال مؤسسة وهو ظاهر، وجوز فيها أن تكون مؤكدة، كهذا أبوك، عطوفا لدلالة ناقة الله على كونها آية، وأن يكون العامل معنى التنبيه أيضاً. قوله :( ولكم حال منها تقدّمت عليها لتنكيرها ) قيل : عليه أنّ مجيء الحال من الحال لم يقل به أحد من النحاة لأن الحال تبين هيئة الفاعل أو المفعول، وليست الحال شيئا منهما، وأجيب عنه بأنها مفعول للإشارة في المعنى لأنها مشار إليها ولا يرد عليه أن المشار إليه الناقة لا الآية لأن المراد من الآية الناقة وقول الزمخشري : بعدما جعلها حالاً من آية أنها متعلقة بها أراد التعلق المعنوي لا النحوي، فلا يرد عليه ما قيل عليه إنه تناقض لأنها إذا تعلقت بها تكون ظرفا لغواً لا حالاً، وقيل : لكم حال من ناقة الله، وآية حال من الضمير فيه، فهي متداخلة وهي نافعة لهم ومختصة بهم هي ومنافعها فلا يرد عليه أنه لا اختصاص لدّات الناقة بالمخاطبين، وإنما المختص بهم كونها آية لهم، وقيل لكم حال من الضمير في آية لأنها بمعنى معلمة، والأظهر كون لكم بيان من هي آية له كما ذكر في الأعراف، وقد مر فيها أيضا تجويز كون ناقة اللّه بدلاً أو عطف بيان من اسم الإشارة، ولكم خبره، وآية حال من الضمير المستتر فيه. قوله :( ترع نباتها وتشرب ماءها ( بالجزم بدل من تأكل مفسر له، وذكر الشرب لدلالة المقام ففيه اكتفاء أو جعل الأكل مجازاً عن التغذي مطلقاً، والقول بأن المجاز يحتاج إلى قرينة مشترك الإلزام لأن التقدير كذلك. قوله :( ولا تمسوها بسوء ) مر تحقيقه في الأعراف، وأن النهي عن المس الذي هو مقدمة الاصابة بالسوء مبالغة كما في قوله :﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ١٥٢ ] وقد مر الكلام عليه ثمة، وقوله : عاجل إشارة إلى أنه بمعنى السرعة لأنّ القرب كثر استعماله في المكان، وقوله : عيشوا تفسير له لأنّ التمتع والاستمتاع انتفاع ممتد الوقت، والمراد بالدار المنزل أو الدنيا لأنها تطلق عليهما، وقوله : ثم تهلكون لأنّ بيان مذة الحياة يستلزم بيان الهلاك بعدها والعقر قطع عضو يؤثر في النفس، والعاقر لها برضاهم شخص اسمه قدار كهمام بالدال
المهملة. قوله :( أي غير مكذوب فيه الخ ) يعني أنّ المكذوب وصف الإنسان لا الوعد، لأنه يقال : كذب زيد عمراً في مقالته، فزيد كاذب وعمرو مكذب، والمقال مكذوب فيه فدفعه بثلاثة أوجه إنه على الحذف والايصال كمشترك