ج٥ص١٢١
إن أحد التأويلين باطل قطعاً فلا يصار إليه في إحدى القراءتين الثابتتين فالأولى أن يكون إلا امرأتك في الرفع، والنصب مثل ما فعلوه إلا قليل منهم، ولا يبعد أن يكون بعض القرّاء على الوجه الأقوى، وأكثرهم على وجه مرجوح بل جوّز بعضم أن يتفق القرّاء على القراءة بغير الأقوى، وأجاب عنه بعض فضلاء المغرب بأنه يمكن حمله على أنه لا تخالف بين الروايتين بأن يكون ما سرى بها، وخلفها لكنها سرت بنفسها وتبعتهم فعلى تقدير صحة هذا لا تدخل في المخاطبين بقوله، ولا يلتفت منكم لكن ابن مالك نقل هذا في توضيحه، وقال : إنه تكلف ولا شبهة فيه، وإن استحسنه المعربون وغيرهم وارتضاه أبو شامة وقال إن فيه اختصارا وأصله فإن خرجت معكم، وتبعتكم من غير أن تكون
أنت سريت بها فإنه أهلك عن الالتفات غيرها فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصاب قومها ضكانت قراءة النصب دالة على مجموع المعنى المراد، وارتضاه الشارح المدقق في الكشف، وتممه بدفع ما يرد على الكشاف من أنه يلزم من قوله واختلاف القراءتين لاختلاف الروايتين الشك في كلام لا ريب فيه من رب العالمين بأنّ معناه أنّ اختلاف القراءتين جالب، وسبب لاختلاف الروايتين كما تقول السلاج للغزو أي أداة وصالح، ونحوهما ولم يرد أنّ اختلاف القراءتين قد حصل، ولا شك أنّ كل رواية تناسب قراءة وهذا ما أمكنني في تصحيحه، وأورد عليه أنه مع بعده فيه أنه تنقلب حينئذ الرواية دراية لاتحادهما من ظاهر القراءة وأيضاً فيه التزام استلزام اختلاف الروايتين أمراً محذوراً هو الجمع بين متنافيين، وكلاهما غير وارد فتأمّل، وقال في المغني الذي أجزم به أنّ قراءة الأكثرين ليست مرجوحة، وأنّ الاستثناء على القراءتين من أسر بدليل قراءة ابن مسعود رضي الله عنه، وأن الاستثناء منقطع بدليل سقوط، ولا يلتفت في سورة الحجر والمراد بالأهل المؤمنون وان لم يكونوا من أهل بيته كما في قوله لنوج ﷺ إنه ليس من أهلك ووجه الرفع أنه مبتدأ أو الجملة بعده خبره كقوله :﴿ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ ﴾ [ سورة الغاشية، الآية : ٢٣ ] إلا أنه جعل النصب على اللغة الحجازية والرفع على التميمية، ولم يجعل المستثنى جملة، وهو أولى ليكون الرفع على اللغتين لضعف اللغة التميمية والمعنى أسر بالمؤمنين لكن امرأتك مصيبها ما أصابهم، وهو وجه حسن وذهب الرضي إلى أنّ الاستثناء متصل ولا تناقض قال : لما تقرّر أن الاتباع هو الوجه مع الشرائط المذكورة ولما كان أكثر القرّار على النصب هنا تكلف الزمخشري له ما مرّ فاعترض عليه ابن الحاجب بما قرّرناه، والجواب أن الإسراء وان كان مطلقاً في الظاهر إلا أنه مقيد في المعنى بعدم الالتفات فمآله أسر بأهلك إسراء لا التفات فيه إلا امرأتك فإنك تسري بها إسراء مع الالتفات فاستثن على هذا إن شئت من أسر أو لا يلتفت، ولا تناقض، وهذا كما تقول امش ولا تتبختر أي امش مشيا لا تتبختر فيه فكأنه قيل ولا يلتفت منكم أحد في الإسراء وكذا امش ولا تتبختر في المشي فحذف الجاز والمجرور للعلم به، وقد ذكر مثله بعينه الفاضل اليمني، وفي شرح المغني أنه كثير إما يأخذ كلام الرضي بعبارته كما يعرفه من تتبع كلامه وقد أورد عليه السيد قدس سرّه في حواشيه أنّ الاستثناء إذا رجع إلى القيد كان المعنى فأسر بجميع أهلك إسراء لا التفات فيه إلا من امرأتك فيكون الإسراء بها داخلا في المأمور به وإذا رجع إلى المقيد لم يكن الإسراء داخلاً في المأمور به فيكون المحذور باقيا بحاله ولا دفع له إلا بأن تناول العامّ إياها ليس قطعياً لجواز أن يكون مخصوصا فلا يلزم من رجوع الاستثناء إلى قوله فلا يلتفت كونه مأمورأ بالإسراء بها، وحينئذ يوجه الاستثناء بما ذكر من أنها تبعتهم أو أسري بها مع كونه غير مأمور بذلك إذ لا يلزم من عدم الأمر به النهي عنه فتأمّل ا هـ ( وفيه بحث ) لأنّ قوله وإذا رجع إلى المقيد الخ إن أراد به
أنه ر* يكون داخلآ في المأمور به مطلقا فليس بصحيح لتقيده بالقيد المذكور وان أراد لا يدخل في الصأمور به المقيد فلا ضرر فيه لأنه إذا أمر بالإسراء مع التفاتهم، وأخرجت المرأة من مجموع الإسراء فالالتفات لا ينافي ذلك الأمر بالإسراء بها من غير التفات فتأمّله فإنه غير وارد مع أن احتمال التخصيص من غير دليل لا وجه له ومراده بالتقييد إنه ذكر شيآن متعاطفان فالظاهر أن المراد الجمع بينهما لا إن الجملة حالية فلا يرد عليه