ج٥ص١٢٦
ولا تنقصوا الخ، وقوله وقيل الخ أي هو قص أطرافها والقطع منها كما وقع في زماننا هذا ولم يرضه لعدم مناسبة السياق، وما يدل عليه والحاصل أنّ فيها ثلاث قرا آت بالنون في الجميع، وبتاء في الأخيرين وبنون وتاء فيهما وما عدا الأولى شاذ ففي الأوّل هو معطوف على مفعول نترك، وهو ما موصولة أو مصدرية والتقدير أصل! اتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو نترك أن نفعل في أموالنا تطفيفا ونحوه ولا يصح أن يعطف على غيره وعلى قراءة التاء معطوف على مفعول نترك أو تأمر، ومن قرأ بنون وتاء فهو معطوف على مفعول تأمر. قوله :( تهكموا به ) فيكون المراد ضد معناه على طريقة الاستعارة التهكمية أو المراد به ظاهره، وهو علة للإنكار السابق المأخوذ من الاستفهام بأنه كان موصوفاً عندهم بالحلم، والرشد المانع من صدور مثل ذلك كما مرّ في قصة صالح عليه الصلاة والسلام من قولهم له :﴿ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا ﴾ [ سورة هود، الآية : ٦٢ ] بدليل أنه عقيب بمثل ما عقب به ذلك من قوله :﴿ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً ﴾ الخ ولذا رجح هذا الوجه على الأوّل وان كان الأوّل أنسب بما قبله لأنه تهكم أيضا. قوله :) إشارة إلى ما آتاه اللّه من العلم الخ ) قد مرّ تفسير البينة بالحجة والبرهان والنبوّة أيضا، وحملها هنا على العلم والنبوّة والمراد بالعلم علمه بالله وتوحيده وفسرت بالحجة الواضحة واليقين، وفسر الرزق الحسن بالمالط الحلال، وجوّرّ الزمخشري أن يراد به النبوّة والحكمة لتفسيره البينة بما مرّ والفرق بينهما أمر يسير، وقوله المال الحلال المكتسب بلا بخس، وتطفيف كما في الكشاف وهو مناسب للمقام. قوله :( وجواب الشرط محذوف الخ ( قال أبو حيان : الذي قاله النحاة في
أمثاله أنه يقدر الجملة الاستفهامية على أنها مفعول ثان لأرأيتم المضمنة معنى أخبروني المتعذية لمفعولين، والغالب في الثاني أن يكون جملة استفهامية نحو أرأيتك ما صنعت، وجواب الئرط ما يدل عليه الجملة السابقة مع متعلقها، والتقدير إن كنت على بينة من ربي فأخبروني هل يسع الخ ولزوم هذا التقدير محل كلام. قوله :( مع هذا الآنعام الجامع للسعادات الروحانية ( وهي العلم والجسمانية الرزق الحلال، والخيانة في الوحي عدم تبليغه، وقوله وأخالفه في بعض النسخ فأخالفه بدخول الفاء على السبب، وقوله وبإعانته تفسير لكونه من عنده إذ كل رزق منه. قوله :) وما أريد أن آني ما أنهاكم عنه الخ ) أي لا يقع مني إرادة لما نهيتكم عنه ولا استقلال به كما هو شأن بعض الناس في المنع من بعض الأمور فالمراد نفي المعلل والعلة، ولذا ظهر تفريع ما بعده عليه، وما ذكره من الفرق بين خالفته إليه وعنه معنى بديع أفاده الزمخشري، وضمير قصدته وعنه راجع لكذا وضمير هو لزيد. قوله :) ما أريد إلا أن أصلحكم الخ ( يشير إلى أنّ أن هنا نافية وما مصدرية ظرفية في محل نصب متعلقة با الإصلاح، وهو أحد الوجوه في إعرابها وأظهرها، وقوله ولهذه الأجوبة الثلاثة أي أجوبة شعيب عليه السلام يعني من قوله أرأيتم إلى هنا لأنها جواب عما أنكروه وكونها أجوبة يقتضي أن يعطف قوله إن أريد الخ، لكنه ترك عطفه لكونه مؤكدا لما قبله، ومقرّراً له لأنه لو أراد الاستئثار بما نهى عنه لم يكن مريدا للإصلاح، وكونه مؤكداً لا ينافي تضمنه لجواب آخر، والأوّل هو قوله إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسناً، فإنه بيان لحق الله عليه من شكر نعمته والاجتهاد في خدمته والثاني قوله ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه فإنه بيان لحق نفسه من كفها عما ينبغي أن ينتهي عنه غيره، والثالث قوله إن أريد إلا الإصلاج الخ فإنّ حق الغير عليه إصلاحه وارشاده، ووجه ترتيبها ظاهر وقوله، وكل ذلك يقتضي الخ قيل لا بد فيه من تقدير القول أي فقال شعيب عليه الصلاة والسلام الخ لأن مقتضى الظاهر أن يقال يأمرهم، وقيل لا حاجة إليه لأنّ الأجوبة، وما تضمنته صادرة من شعيب عليه الصلاة والسلام فلذا جرى على مقتضاه، ولك أن تقول إنه
التفات لعوده إلى أمر شعيب عليه الصلاة والسلام، واقتضاء الأوّل والأخير ظاهر، وأمّا اقتضاء حق النفس له فلأنّ إصلاح الغير وارشاده فيه نفع نفسه أيضا لما فيه من الثواب فتأمّل. قوله :( وما مصدرية واقعة موقع الظرف الخ ) إما بجعل المصدر ظرفا أو تقدير حين قبله وسده مسده، وعبارة المصنف رحمه الله تعالى تحتملهما، وهذا هو الوجه، وأمّا إذا كان بدلأ سواء قدر المضاف أو لا فهو بدل بعض، أو كل لأنّ المتبادر من الإصلاح ما يقدر عليه، وقيل إنه بدل