ج٥ص١٢٧
اشتمال، وعلى هذا والأوّل يقدر ضمير أي منه لأنه لا بد منه، وأراد بالخبرية الموصولة، وهم يطلقون ذلك عليها وحذف المضاف على الثاني لأنه على الأوّل بمعنى مقدار من الإصلاج وترك كونها مفعولاً به للمصدر المذكور في الكشاف لضعف أعمال المصدر المعرّف عند النحاة، والمراد بالمقدار مقدار من الإصلاح فهو بدل بعض. قوله :( وما توفيقي لإصابة الحق والصواب إلا بهدايته الخ ) المصدر هنا من المبنيّ للمفعول أي، وما كوني موفقا أي وما جنس توفيقي أو وما كل فرد منه لأنّ المصدر المضاف من صيغ العموم والمآل و!د لأنّ انحصار الجنس يقتضي انحصار أفراده لكنه على الأوّل بطريق المفهوم وعلى الثاني بطريق المنطوق فلا وجه لرذ الأوّل، وتقدير بهدايته ومعونته قيل إنه لدفع ما يرد عليه من أن فاعل التوفيق هو الله تعالى، وأهل العربية يستقبحون نسبة الفعل إلى الفاعل بالباء لأنها تدخل على الآلة فلا يحسن ضربي بزيد، وإنما يقال من زيد فالاستعمال الفصيح، وما توفيقي إلا من الله، وبتقدير المضاف الذي ذكره يتوجه دخول الباء، ويندفع الإشكال، وأيضاً التوفيق وهو كون فعل العبد موافقأ لما يحبه الله ويرضاه لا يكون إلا بدلالة الله عليه، ومجرّد الدلالة لا يجدي بدون المعونة منه. قوله :( فإنه القادر المتمكن الخ ) تعليل للقصر المستفاد من تقديم المتعلق، وقوله في حد ذاته إشارة إلى أن قدرة العبد لسكونها بإيجاد الله كلا قدرة لأنه لو شاء لم يوجدها، ثم ترقى عن ذلك إلى أنه معدوم سد الاحتمال أن عجزه عن الاستقلال لا عن أصل الفعل لأنّ الوجود الإمكاني مع وجود الواجب عدم كما قال تعالى :﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ [ سورة القصص، الآية : ٨٨ ] ولذا قال بعض العارفين لما سمع كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما كان عليه فافهم وقوله أقصى مراتب العلم بالمبدأ إشارة إلى أنّ من عرف نفسعه بالعجز والفناء عرف خالقه بالقدرة والبقاء ولولا ذكر المعاد بعده صح حمل المبدأ على الله لأنّ الحكماء يطلقون عليه المبدأ الفياض فتدبر كلامه هنا فإنه دقيق، ولا حاجة إلى ما!قيل المراد بالتوحيد في كلامه توحيد الأفعال بأن يعلم أنه لا فاعل لشيء سواه لأنّ التوحيد الحقيقي علم الذات، وجميع
الصفات الثبوتية، والسلبية، وتوحيد الأفعال يكون بعده. قوله :( وهو أيضاً يفيد الحصر ) أي الحصر بتقديم متعلقه كما أفاده ما قبله أو معنى قوله أيضا كما يفيد معرفة المعاد يفيد الحصر وقوله على الله وقع هنا نسخ مختلفة ففي أخرى على ضمير الله، وفي أخرى على أنيب وفي أخرى على الفعل فقيل إنها على الأوليين يعلق الجارّ فيها بالحصر، وعلى الآخريين بتقديم، وفي الأوّل خفاء والباس. قوله :) وفي هذه الكلمات طلب التوفيق الخ ) أي في قوله، وما توفيقي إلا بالثه إلى هذه المعاني أمّا طلب التوفيق فمن قوله إلا بالله لأنها إنشائية للطلب كالحمد لله أو لأنها إخبار عن نعمة التوفيق، وشكر لها والاعتراف والشكر استجلاب للمزيد، وقوله فيما يأتيه ويذره مأخوذ من عموم التوفيق أو إطلاقه المقتضى له، والاستعانة عطف على طلب، ويصح أخذه من تفويض التوفيق إليه، ومن التوكل ومجامع أمره ما يجمعها، والمراد جميعها، وقوله والإقبال معطوف عليه أيضا مأخوذ من التوكل عليه، وشراشره بمعنى كليته، وأصله الجسد والنفس أو الأثقال، وقال كراع رحمه الله تعالى : ألقى عليه شراشره أي نفسه وقيل بل هي محبة نفسه الواحد شرشر قال :
وكائن ترى من رشده في كريهة ومن غيه تلقى عليه الشراشر
انتهى وقال الجوهرفي واحده شرشرة وقوله وحسم أطماع الكفار وما بعده معطوف عليه
أيضاً وهذا من قوله عليه توكلت كقول نوح عليه الصلاة والسلام :﴿ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ ﴾ [ سورة يونس، الآية : ٧١ ] وهذا على الوجهين في ﴿ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ أمّا على الثاني فظاهر، وأمّا على الأوّل فلأنهم تهكموا به ليرتدع فقال حسماً لما عنوه إن اعتمادي على اللّه لا أطلب تحقيق رجاء غيره، ولا ارتدع بتقريعه، واظهار الفراغ، وعدم المبالاة من التوكل أيضاً لأنه الكافي المعين، وقد جعل هذا وجهاً للتهديد أيضاً، ووجه المصنف رحمه الله تعالى لتهديد بأنه من الرجوع إلى الله فإنه يكنى به عن الجزاء، وهو وان كان هنا مخصوصاً به لكنه لا فرق فيه بينه، وبين غيره وإنما خص! لاقتضاء المقام له، وقوله شقاقي مصدر مضاف للمفعول أي معاداتكم إياي. قوله :