ج٥ص١٣١
هذا ما في ا الكشاف من أن اعملوا على مكانتكم إني عامل ذكر فيه الكاذب والصادق، وكذا في هذا لأن المراد من قوله من هو كاذب الصادق لكن جرى في ذكره على ما اعتادو. في تسميته كاذباً تجهيلاً لهم، وليس المراد ستعلمون أنه كاذب في زعمكم حتى يرد عليه ما توهم من أنّ كذبه في زعمهم واقع معلوم لهم الآن فلا معنى لتعليق علمه على المستقبل بل المعنى ستعلمون حالكم، وحال الصادق الذي سميتموه كاذبا، وقوله من يأتيه، ومن هو كاذب جوّز فيه أن تكون من موصولة، وأن تكون استفهامية، وكلام المصنف أنسب بالأؤل، وكذا كلام الكشاف فإنّ قوله ومن هو كاذب على زعمهم في جريه على الاستفهام تأمّل. قوله :( وانتظروا ما أقول لكم الخ ( وهو حلول ما أوعد صم به، وظهور صدقه فالمنتظر من الطرفين أمر واحد وقيل المعنى انتظروأ العذاب إني منتظر للنصرة والرحمة، وذكر لفعيل ثلاثة معان كما في الكشاف لكن كونه بمعنى مرتقب أنسب بقوله ارتقبوا، وان كان مجيء فعيل بمعنى اسم الفاعل المزيد غير كثير كالصريم بمعنى صارح من الصرم بمعنى القطع، والعشير بمعنى معاشر، والرفيع بمعنى المرتفع. قوله :( ﴿ وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا ﴾ الخ ) أخبر بتنجية المؤمنين دون هلاك الكافرين لأنه مفروغ منه، وإنما المقصود تنجية هؤلاء لجواز أن يلحقهم ما لحق أولئك بشؤمهم، وقوله إنما ذكره بالواو جواب عن السؤال أنّ في قصة عاد ومدين، ولما جاء أمرنا، وفي قصة ثمود ولوط فلما جاء فما الحكمة فيه بأنه ذكر في هاتين القصتين الوعد وقوله فلما جاء أمرنا مرتب عليه فجيء بالفاء وأمّا في الآخريين فذكر مجيء العذاب على أنه قصة بنفسه وما قبله قصة أخرى لكنهما متعلقان بقوم فهما مشتركان من وجه مفترقان من آخر، وهو مقام الواو كذا قرّر في الكشاف وشروحه، وقيل في كلام شعيب ﷺ ذكر الوعد أيضا، وهو قوله يا قوم اعملوا على مكانتكم إلى قوله رقيب غاية الأمر أنه لم يذكر بلفظ الوعد ومثله لا يكفي للدفع كما توهم، وما قيل في جوابه إن ما ذكر محمول على العذاب الدنيوفي أو أنه ذكر الفاء في الموضعين لقرب عذاب قوم صالح ولوط للوعد المذكور من غير فصل بعيد فلا يخفى ما فيه، وقوله يجري مجرى السبب لأنّ الوعيد لاقتضائه وقوع الموعود به كالسبب لا سبب لأنّ السبب كفرهم ونحوه وقوله وأخذت الذين ظلموا الصيحة قد سبق في الأعراف
فأخذتهم الرجفة أي الزلزلة، وأنها كانت من مباديها فلا منافاة بينهما ﴿ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ أي صاروا جاثمين أو دخلوا في الصباح حالة كومحهم جاصمين وكأن لم الخ خبر بعد خبر أو حال بعد حال وألا بعد ادعاء عليهم بعد هلاكهم بيانا لاستحقاقهم له كما مز، ولمدين مرّ تفسيره فتذكره. قوله :( ميتين الخ ( أصل معنى الجثوم من جثم ال!طائر إذا لصق بالأرض بطنه، ولذا خص الجثمان بشخص الإنسان قاعدآ ثم توسعوا فيه فاستعملوه بمعنى الاقامة واستعير من هذا للميت لأنه لا يبرج مكانه فلذ فسره به المصنف رحمه الله تعالى، وأشار إلى حقيقته، ويغنوا بمعنى يقيموا، ومنه المغني لمنزل الإقامة. قوله :( شبههم بهم ( فيه تسمح أي شبه هلاكهم بهلاكهم لاتحاد نوعه، وقوله غير انّ صيحتهم الخ. هذا هو المروقي عن ابن عباس رضي الله عنهما كما نقله القرطبيّ رحمه الله، وما مرّ في الأعراف من أنه أتتهم صيحة من السماء فرواية أخرى ذكرها هناك فلا تعارض بين كلاميه كما قيل. قوله :( وقرىء بعدت بالضم الخ ) العامّة على كسر العين من بعد يبعد بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع بمعنى هلك قال :
يقولون لا تبعدوهم يدفنونه ولا بعد إلا ما توارى الصفائح
أرادت العرب الفرق بين المعنيين بتغيير البناء فقالوا بعد بالضم في ضد القرب، وبعد بالكسر في ضدّ السلامة، والمصدر البعد بفتح العين، وقرأ السلمي وأبو حيوة بعدت بالضم أخذاه من ضد القرب لأنهم إذا هلكوا فقد بعدوا كما قال الشاعرة
من كان بينك في التراب وبينه شبرفذا في غاية البعد
وقال النحاس المعروف : الفرق بينهما وقل ابن الأنباري : من العرب من يسؤقي بين الهلاك، والبعد الذي هو ضد القرب، وبهذا علمت اختلاف أهل اللغة فيه وبه يوفق لين ذلإم المصنف هنا، وقوله في قصة