ج٥ص١٣٧
المقل، وبالسماء المظل، ولا بد في الجنة منهما فالمراد بالسعماء والأرض سماء الآخرة، وأرضها لا هذه المعهودة عندنا، وقوله ويدل! عليهما أي على السماوات، والأرض الأخروية، وفي نسخة عليه أي تحقق السماوات والأرض! الأخروية أو هو راجع للمراد أو لما ذكر، والدليل الأوّل نقليّ، والثاني عقليّ، والمظل أي ما يعلو عليهم كالظلة، وهو العرس. قوله :( وفيه نظر لأنه تشبيه بما لا يعرف الخ ) قيل إنه يعني أنّ في الكلام تشبيهاً ضمنيا لدوامهم بدوامهما، وإن كان بحسب
الإعراب ظرفا لخالدين، ولا بد أن يكون المشبه به أعرف ليفيد التشبيه، ويحصل الغرض منه، وهذا ليس كذلك، وقوله فإنما يعرفه الخ أي بالوحي، وكلام الرسل عليهم الصلاة والسلام لا بخصوص الدليل الدال على دوام الثواب والعقاب، وما قيل في الجواب عنه بأنه إذا أريد ما يظلهم، وما يقلهم سقط هذا لأنه معلوم لكل عاقل، وأما الدوام فليس مستفادا من دليل دوام الثواب، والعقاب بل مما يدل على دوام الجنة، والنار سواء عرف أنهما دار الثواب، والعقاب وأنّ أهلهما السعداء والأشقياء أولاً على أنه ليس من تشبيه ما يعرف بما لا يعرف بل الأمر بالعكس قيل عليه أنّ قوله لأنه معلوم لكل عاقل غير صحيح فإنه لا يعترف به إلا المؤمنون بالآخرة، وقوله الدوام مستفاد مما يدل على دوام الجنة، والنار لا يدفع ما ذكره كمصن! رحمه الله تعالى من أنّ المشبه به ليس أعرف من المشبه لا عند المتدين لأنه يعرفهما من قبل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وليس فيه ما يوجب أجمرفية دوام سموات الآخرة، وأرضها وليس مراده أنّ دوامهما مستفاد من خصوص الدليل الدال على دوام الثواب والعقاب بعينه فإنه لا يهم ليمنع، ولا عند غير المتدين فإنه لا يعرف ذلك، ولا يعترف به وقوله إنه ليس من تشبيه ما يعرف الخ يدفع بأنّ مراده التشبيه الضمني لا ما ذكره من تشبيه تلك الدار بهذه الدار، وقيل عليه مراده أنّ كل عاقل من المعترفين بالآخرة يعرف وجود هذا القدر لا منهم ولا من غيرهم وأنّ فساد ما ذكره من تعريف الشيء بما لا يعرف لا مما ذكره المجيب، ولزوم الأعرفية في التشبيه الصريح دون الضمني ولو سلم فهو فساد آخر غير ما ذكره المجيب ( أقول ) كل هذا تعسف، وخروج عن السنن والحق ما ذكره المجيب إذا نظرت بعين الإنصاف لأنّ هذا التشبيه لا بد من أن يؤخذ من المعترف بالخلود في الآخرة، ويلزمه الاعتراف بها، والمعترف بدوامه فيها لا بد من أن يعترف أنّ له مقلاً، ومظلاً ودوامه يستلزم دوام جنس ذلك، ولا شك أنّ ثبوت الحيز أعرف من ثبوت ما تحيز فيه بديهة فليس المشبه فيه سواء كان ضمنيا أو صريحا أعرف من المشبه به قطعا أمّا الأوّل فلأنه شبه قراره في تلك الدار بقرار حيزه هو من حيث هو حيز دوامه، وقراره أقرب إلى الذهن من دوام ما فيه، وأئا الصريح فظاهر لأنه شبه مظل الآخرة، ومقلها بسماء الدنيا، وأرضحها فأطلق عليهما اسمهما فلا وجه للاعتراض، ولا للجواب مع التأمل الصادق، ثم إنّ كون المشبه به أعرف في كل تشبيه غير مسلم عند الناظر في المعاني بقي هنا وجه آخر لو حمل عليه هذا لكان أحسن، وأظهر كما في تفسير ابن كثير، وهو أن يراد الجنس الشامل لما في الدنيا، والآخرة وهو بمعنى مقل ومظل في كل دار الدنيا، ودار الآخرة، ثم إنّ قول ابن جرير أن هذا جار على ما تعارفه العرب إذا أرادوا التأبيد أن ي!قولوا ما اختلف الليل والنهار ومثله كثير يعرفه الخاص، والعامّ بدفع ما أوردوه، واحتاجوا للجواب عنه، وفيه وجوه أخر في الدرر والغرر للرضي. قوله :( استثناء من الخلود في النار الخ ( ذكر في هذا
الاستثناء أربعة عشر وجها ومم هو، وهل ما على ظاهرها أو بمعنى من أحدها ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من أنه استثناء متصل من قوله خالدين، وما بمعنى من لكونها للوصف كقوله :﴿ فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى ﴾ [ سورة النساء، الاية : ٣ ] الخ وأن عصاة المسلمين داخلون في المستثنى منه والاستثناء لإخراجهم، وزوال الحكم، وهو الخلود يكفي فيه زواله عن البعض، وأنهم المرادون بالاستثناء الثاني أنّ مدّة مكثهم في النار نقصت من مدة خلودهم في الجنة فلا وجه لمن تمسك بها لخروج الكفار من النار، ولا وجه لذكره هنا. قوله :( ظ نّ التأبيد من مبدأ معين الخ ) دفع لأنّ الاستثناء باعتبار الآخر لا الأوّل بأنه يصح أن يكون من أوّله، ومن آخره فإنك إذا قلت إذا مكثت يوم الخميس في البستان