ج٥ص١٤١
جواب القسم لا موطئة على ما لا يخفى على من عرف معناها، والجواب عنه بأنّ الموطئة إذا لم يشترط دخولها عى شرط قبله قسم كما مز كان معنى التوطئة دلالتها على أن في الكلام قسماً مقدراً مدخولها جوابه ليس بشيء لأنه اصطلاج جديد فيه إطلاق الموطئة على لام الجواب، ولم يقل به أحد فلا يندفع بمثله الاعتراض. قوله :( بالتشديد على أنّ أصله لمن ما الخ ( في مغني اللبيب أنه ضمعيف لأنّ حذف هذه الميم استثقالاً لم يثبت، وقال ابن الحاجب : إنها لما الجازمة التي بمعنى لم، والفعل المجزوم بها محذوف تقديره لما يهملوا، والأحسن لما يوفوا أعمالهم إلى الان، وسيوفونها لقوّة دليله وقربه، ومن هنا جوّز فيها فتح الميم على أنها موصولة، وما زائدة وكسرها على أنها الجارة، وما موصولة أو موصوفة أي لمن الذين والله ليوفينهم قاله الفراء، وجماعة وعلى الوجهين الإعلال ما ذكر، وكلام المصنف رحمه الله محمول على الثاني رواية ودراية، وحمله على الأوّل تكلف إذ حمل قوله لمن الذين على فتح الميم، وجعل الذين بدل من قبل الصلة، وهو سخيف إن سلم
صحته، وقوله في التقدير لمن الذين يوفينهم بإسقاط اللام القسمية إشارة إلى أنّ الصلة في الحقيقة جواب القسم لأن القسم إنشاء لا يصلح للوصل به، ولو أبرزها كان أظهر. قوله :) وقرئ لما بالتنوين أي جميعا الخ ) قال ابن جني على أنه مصدر كما في قوله تعالى :﴿ كَلَّا لَمَّا ﴾ [ سورة الفجر، الآية : ١٩ ] أي أكلا جامعاً لإجزاء المأكول، وكذا تقدير هذا ﴿ وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ أي توفية جامعة لأعمالهم جميعاً، ومحصلة لأعمالهم تحصيلا كقولك قياماً لأقومن، والمصنف رحمه الله كالزمخشري ذهب إلى أنها للتوكيد بمعنى جميعا، وقول أبي البقاء رحمة الله إنها حال من مفعول ليوفينهم ضعفه المعرب. قوله :( وإن كل لما ) أي بالكسر وتشديد الميم على أنّ إن نافية، ولما بمعنى إلا وأخر هذا القول لما فيه لأنّ أبا عبيد أنكر مجيء لما بمعنى إلا وقالوا إنها لغة لهذيل لكنها لم تسمع إلا بعد القسم، وفيه كلام في الدرّ المصون، وقوله وان كل الخ معطوف على نائب فاعل قرئ قبله. قوله :( فاستقم كما أمرت ) المراد منه دم على الاستقامة أنت، ومن معك وفي كلام المصنف رحمه الله تعالى إشارة إليه، وقوله كما أمرت يقتضي سبق أمره عليه الصلاة والسلام بوحي آخر، ولو غير متلوّ وقد وقع في سوة الشورى فاستقم كما أمرت، ولا تتبع أهواءهم. قوله :( لما بين أمر المختلفين في التوحيد الخ ( بيان لترتب هذه الآية وارتباطها بما قبلها، وما ذكره معلوم مما مرّ بالتأمّل فيه، وقوله مثل ما أمر بها أي بوحي آخر، وفي نسخة أمروا بها، والأولى أولى، وقوله وهي أي الاستقامة، والتوسط بين التشبيه، والتعطيل أي للصفات هو مذهب أهل الحق، والأعمال بالجرّ عطف على العقائد، والقيام معطوف على تبليغ، وكذا ونحوها والتفريط التقصير، والإفراد الزيادة، ومفوت صفة لهما، والمراد بالحقوق حقوق نفسه، وحقوق غيره وتفويت التفريط ظاهر، وتفويت الإفراط لأنه يؤذي إلى الملل والترك، وقوله وهي في غاية العسر أي الاستقامة يعسر على كل أحد التزامها في جميع الأمور كما قال الإمام : إنها كلمة جامعة لكل ما يتعلق بالعلم والعمل، ولا شك أنّ البقاء على الاستقامة الحقيقية مشكل جذاً، والاستقامة في جميع أبواب العبودية أوّلها معرفة اللّه كما يليق بجلاله، وكذا سائر المقامات، وسائر الأخلاق على هذا فالقوّة الغضبية، والشهوانية لكل منهما طرفا إفراط، وتفريط مذمومان، والفاضل هو المتوسط بينهما بحيث لا يميل إلى أحد الجانبين، والوقوف عليه صعب، والعمل به أصعب،
وقس على هذا سائرها كالشجاعة والسخاء والعفة، وهو لا يحصل إلا بالافتقار إلى الله، ونفي الحول، والقوّة بالكلية، ولذا قيل لا يطيق هذا إلا من أيد بالمشاهدات القوية، والأنوار السنية، والآثار الصادقة، ثم عصم بالتشبث بالحق، ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلا. قوله :( ولذلك قال عليه الصلاة واللام شيبتني سورة هود ) هذا الحديث أخرجه الترمذيّ رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما وحسنه قال قال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله قد شبت فقال عليه الصلاة والسلام :" شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعتم يتساءلون وإذا الشسى كوّرت " اهـ قال الطيبي : صح هود في الحديث غير منصرف لأنه اسم السورة لا النبيّ صلى


الصفحة التالية
Icon