ج٥ص١٤٢
الله عليه وسلم ففيه العلمية، والعجمة والتأنيث فهو كماه وجور اسمي بلدتين، واضافة سورة إلى هود ليس كإضافة إنسان إلى زيد بل السورة لها اسمان هود، وسورة هود وفي هذا الاسم الثاني هود اسم النبيّ ﷺ أضيفت إليه لذكر تفصيل قصته فيها فليس من القبيل المذكور على أنّ استقباح ذلك إذا لم يكن له فائدة كما في المثال المذكور فإن أفاد حسن، وهنا هو لدفع الاشتراك فاعرفه، وقد مرّ تحقيقه، وفي الكشاف عن ابن عباس رضي الله عنهما ما نزلت على رسول الله ﷺ في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية وعن بعض الصلحاء أنه رأى رسول الله ﷺ في المنام فقال له روي عنك يا رسول اللّه أنك قلت شيبتني هود فقال : نعم فقال ما الذي شيبك منها أقصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهلاك الأمم قال : لا، ولكن قوله فاستقم كما أمرت، وقد روي هذا الحديث من طرق اختلف فيها ما ضم إليها كما في الجامع الصغير، وفي الكشف التخصيص لهود بهذه الآية غير لائح إذ ليس في الأخوات ذكر الاستقامة، وفي قوت القلوب أنه لما كان القريب الحبيب شيبه ذكر البعد، وأهله ولعل الأظهر أنه شيبه ذكر أهوال القيامة لذكرها في كلها فكأنه شاهد منها يوما يجعل الولدان شيباً، وأورد عليه أنّ ما وقع لبعض الصلحاء في الرؤية يكون وجها للتخصيص " فإنّ الشيطان لا يتمثل به ﷺ " ومعنى شيبتني ليس إلا أن يكون لها دخل في الشيب لا أن تكون مستقلة فيه فلا ممانعة ( قلت ا لم يقع في طرقه المروية في حديث الاقتصار على هود بل ذكر أخواتها معها على اختلاف فيها، وحيحئذ يشكل أنه ليس في تلك السور الأمر المذكور مع أنه وقع في غيرها من الحواميم كما مرّ فلا يصح نسبة ذلك إليها كما لا يتضح اقتصار المصنف رحمه اللّه كغيره على ذكرها ( وقد لاج لي ( بحمد الله دفع هذا الإشكال ببركته ﷺ فاعلم أنك إذا أجدت التأمّل استبان كما بينه المدقق
في الكشف أن مبني هذه السورة الكريمة على إرشاده تعالى كبرياؤه نبيه ﷺ إلى كيفية الدعوة من مفتتحها إلى مختتمها، والى ما يعتري من تصدي لهذه المرتبة السنية من الشدائد، واحتماله لما يترتب عليها في الدارين من الفوائد لا على تسليته ﷺ فإنه لا يطابق المقام فانظر إلى الخاتمة الجامعة أعني قوله واليه يرجع الأمر كله فاعبده، وتوكل عليه تقض من ذلك العجب فلما كانت هذه السورة جامعة لإرشاده من أوّل أمره إلى آخره، وهذه الآية فذلكة لها فحين إذ نزلت هذه السورة هاله ما فيها من الشدائد، وخاف من عدم القيام بأعبائها حتى إذا ألقى الله في يوم الجزاء ربما مسه نصب من السؤال عنها فذكر القيامة في تلك السور يخوّفه هولها لاحتمال تفريطه فيما أرشده الله له في هذه، وهذا لا ينافي عصمته، وقربه لكونه إلا علم بالله، والا خوف منه فالخوف منها يذكره بما تضمنتة هذه السورة فكأنها هي المشيبة له مجشحر من بينها، ولذا بدئ بها في جميع الروايات ولما كانت تلك الآية فذلكة لها كانت هي المشيبة في الحقيقة فلا منافاة بين نسبة التشييب لتلك السورة، ولا لهذه السورة وحدها كما فعله المصنف رحمه الله، ولا لتلك الآية كما وقع في رؤية ذلك العبد الصالح فالحمد لله على التوفيق لما ألهم من هذا التحقيق، وقوله كما أمرت الكاف فيه إئا للتشبيه أو بمعنى على كما في قولهم كن كما أنت عليه أي على ما أنت عليه، وقال أبو حيان في تذكرته إن قلت كيف جاء هذا التشبيه للاستقامة بالأمر قلت هو على حذف مضاف تقديره مثل مطلوب الأمر أي مدلوله فإن قلت الاستقامة المأمور بها هي مطلوب الأمر فكيف يكون مثلاً لها قلت مطلوب الأمر كليّ والمأمور جزئي فحصلت المغايرة، وصح التشبيه كقولك صل ركعتين كما أمرت اهـ، وفيه تأمل فتدبر. قوله تعالى :( ﴿ وَمَن تَابَ مَعَكَ ﴾ ( قال أبو البقاء رحمه الله أنه منصوب على أنه مفعول معه، والمعنى استقم مصاحبا لمن تاب قيل، وفيه نبوّ عن ظاهر اللفظ يعني التصريح بالمعية لكنه في المعنى أتتم، ولذا اختاره وقال غيره أنه مرفوع معطوف على الضمير المستتر في الأمر، وأغنى الفصل بالجاز، والمجرور عن تأكيده بضمير منفصل لحصول الغرض! به فهو من عطف المفردات، وقد تقدم في البقرة في قوله :﴿ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٣٥،