ج٥ص١٥٨
ولا ينازعه في محبته أحد أي لا يشغله شاغل عنكم، وقيل إنه اختار أنّ الوجه بمعنى الجارحة مطلقا وفيه نظر. قوله :) أو نصب بإضمار ان ) يعني يجوز فيه الجزم عطفا على جواب الأمر، والنصب بعد الواو الصارفة بإضمار أن أي يجتمع لكم خلو وجهه والصلاج، وقوله من بعد يوسف عليه الصلاة والسلام والفراغ من أمره، وفي نسخة أو الفراغ فعلى الأولى الضمير ليوسف عليه الصلاة والسلام، ومعنى كونه بعده بعد الفراغ من الاشتغال فالعطف فيه بالواو لتفسيره إذ لا معنى للبعدية عن ذاته وعطف الوجهين بأو عليه إشارة إلى رجوع الضمير إلى أحد المصدرين المفهومين من الفعلين، ورجحت هذه النسخة فالوجوه ثلاثة، وعلى الأخرى الوجوه أربعة فالضمير ليوسف عليه الصلاة والسلام، ومعنى كونه بعده بعد مفارقته ولظهوره لم يفسره أو للفراغ المفهوم من قوله يخل لكم على ما مرّ من تفسيره. قوله :( تائبين إلى اللّه ثعالى عما جنيتا أو صالحين مع أبيكم الخ ) قيل الصلاج إما ديني أو دنيوقي، والدينيّ إفا بينهم، وبين اللّه بالتوبة أو بينهم، وبين أبيهم بالعذر، وهو وان كان مخالفا للدين لكونه كذبا فموافق له من جهة أنهم يرجون عفوه وصفحه ليخلصوا من العقوق، والدنيوفي بصلاح أمورهم، وهو ظاهر فلا يرد عليه أنه كيف يكون الكذب دينيا، وقوله، وكان أحسنهم فيه رأيا إذ لم ير القتل له، ولا طرحه في أرض خالية قفراء بل في بئر يحتاج إليها السابلة، وتشرب من مائها فإنه أقرب لخلاصه،
وقوله وكان أي يهوذاً أو المشير بذلك، وقوله :﴿ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ﴾ يتضمن النهي عن إلقائه في الأرض الخالية بعد النهي عن قتله صريحا، وفيه من حسن الرأي ما لا يخفى ووقوع هذا منهم قبل النبوّة إن قيل به، وليس بصغيرة كما قيل، وفي قوله قائل دون التعيين بأسمائهم إذ لم يسم مخهم غير يوسف عليه الصلاة والسلام، وإنما ذكروا بعنوان إخوته، والإضافة إليه تشريف له في مقابلة ما ناله من الأذى، وستر على المسيء بعدم ذكره باسمه لما فيه من التفضيح، وأمّا القول بأنه كان على هذا ينبغي للمصنف رحمه الله تعالى أن لا يعينه فليس بشيء لأنه مقام تفسير، والقول بأنه يهوذا هو الصحيح كما يشعر به كلام المصنف رحمه الله تعالى. قوله :) في قعره سمي به لغيبوبتة الخ ( الجب البئر التي لا حجارة فيها من الجب، وهو القطع، وغيابتها حفرتها، وقرارها كما قال :
إذا أنا يوما غيبتني غيابتي
يعني القبر وسميت الحفرة غيابة لغيبتها عن النظر، وقرئ بالإفراد، وهو ظاهر وبالجمع
لأن كل جانب منها غيابة فهو يدل على سعتها، وقوله وقرئ غيبة أي بسكون الياء على أنه مصدر أريد به الغائب منه، وقرئ أيضا غيبة بفتحات على أنه مصدر كغلبة أو جمع غائب كصانع، وصنعة فتكون كقراءة الجمع، وكلام المصنف رحمه الله تعالى يحتملهما، وأما قراءة الجمع بتشديد الياء التحتية فعلى أنه صيغة مبالغة، ووزنه فعالات كحمامات أو فيعالات كشيطانة، وشيطانات، وقوله وألقوه في غيابة الجبّ يعني لا تقتلوه، ولا تطرحوه في أرض قفرة بعيدة لما فيه من المشقة عليكم، والتسبب إلى الهلاك الذي فررتم منه، وتقدم أنه من حسن رأيه فيه. قوله :( بمشورتي أو إن كنتم على أن تفعلوا ) أي إن كان فعلكم بمشورتي، ورأص! فألقوه الخ. أو إن كنتم عازمين مصرّين على أن تفعلوا به ما يفرق بينه، وبين أبيه، والفرق بين الوجهين أن كان باق على مضيه في الثاني دون الأوّل بناء على أنّ أن لا تقلب مضيها والأوّل محتاج إلى تقدير فلذا قيل بترجيح الثاني عليه. قوله :( لم تخافنا عليه ا لم يفسره به لأنّ الأمن لا يتعذى بعلى لأنّ الاستعمال على خلافه يقال ائتمنه على ماله ونفسه، وسيأتي كما أمنتكم على أخيه بل لأنهم فهموا منه الخوف، وعدم الأمن لا يستلزم الخوف ألا ترى أنّ من لم يأتمن أحداً على وديعة لم يأتمنه، ولم يخفه، ويلتقطه بمعنى يأخذه، ومنه
اللقطة، والسيارة الجماعة السائرة. قوله :( ونحن نشفق عليه الخ ) كأنه جعل النصح بمعنى الشفقة، واختيار الأحسن بحاله كناية لأنه المناسب للمقام، واستنزاله عن رأيه أي تبديل رأي يعقوب عليه الصلاة والسلام في خوفه عليه منهم، وفيه استعارة، ولما تنسم متعلق بحفظه، وأصل التنسم تلقي النسيم للتروّج، وشمه فهو استعارة للإحساس أي لإحساسه بحسدهم، وما مصدرية. قوله :( والمشهور تأمناً بالإدغام الخ ) قراءة العاقة لا تأمنا بالإخفاء، وهو اختلاس الحركة الضعيفة، وقرأها بعضهم بالإشمام أي ضمّ الشفتين مع انفراج


الصفحة التالية
Icon