ج٥ص١٥٩
بينهما إشارة إلى الحركة مع الإدغام الصريح كما يكون في الوقف، وهو المعروف عندهم، وفيه عسر هنا قالوا، وهذه الإشارة بعد الإدغام أو قبله، وفي الثاني تأقل، وبطلق الإشمام على إشراب الكسرة شيئا من الضمة في نحو قيل، وعلى إشمام أحد حرفين شيئا من حرف آخر كما مرّ في الصراط، وقرأ الحسن رحمه الله تعالى بالإظهار لكونه من كلمتين محافظة على حركة الإعراب، وقرئ بنقل ضمة النون إلى الميم، وقرئ بكسر حرف المضارعة مع الهمزة، وتسهيلها. قوله :( نتسع في أكل الفواكه ) أصل معنى الرتع أن تأكل، وتشرب ما تشاء في خصب وسعة، ولذا أطلقت الرتعة بسكون التاء، وفتحها على الخصب بكسر أوّله ضد الجدب. قوله :( بالاستباق والانتضال ) أي رمي السهام يعني أنّ لعبهم ليس لعب لهو، والا لم يقرّهم عليه يعقوب عليه الصلاة والسلام، ولم يصدر منهم بل هو مباج يحسن لتمرّنهم به على الحرب، وهو المسابقة، ورمي السهام، وهو مطلوب لما فيه من إحمام النفس، وإنعاش قوّة العمل. قوله :( وقرأ ابن كثير نرتع بكسر العين الخ ) فيها أربع عشرة قراءة من السبعة، وغيرها فقرأ نافع بالياء التحتية، وكسر العين، وقرأ البزفي نرتع، ونلعب بالنون وسكون العين، وقرأ قنبل بثبوت الياء بعد العين وصلا، ووقفا وفي رواية عنه إثباتها في الوقف دون الوصل وهو المروقي عن البزقي، وقرأ أبو عمرو وابن عامر بالنون فيهما، وسكون العين، والباء والكوفيون بالياء التحتية فيهما، وسكون آخرهما، وقرأ جعفر بن محمد بالنون في نرتع، والياء في يلعب أي يوسف عليه الصلاة والسلام لمناسبة اللعب له لصغر سنه، ويروى عن ابن كثير رحمه الله تعالى، وقرأ ابن سيابة بالياء فيهما وكسر العين، وضم الباء على أنه مستأنف، وقرأ مجاهد وقتادة بضم النون، وسكون العين والباء، وقرأها أبو رجاء كذلك إلا أنه بالياء التحتية
فيهما والنخعيّ، ويعقوب برفع النون، ويلعب بالياء، والفعلان في هذه كلها مبنيان للفاعل، وقرأ زيد بن عليّ بالياء فيهما، والبناء للمفعول، وقرأ نرتعي، ونلعب بثبوت الياء، ورفع الباء، وقرأ ابن أبي عبلة يرعى، ويلعب فهذه أربع عشرة قراءة ست منها في السبعة، وما عداها شاذة وتوجيهها ظاهر، ونرتعي من الرعي أي ترعى مواشينا فأسند إليهم مجازاً أي تجوّز عن أكلهم بالرعي، وكسر العين لأنه مجزوم بحذف آخره، وقوله أن يناله مكروه على تقدير الجار من أو عن. قوله :( ﴿ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ ﴾ ) أن قلنا اللام لا تخلص المضارع للحال فظاهر، وان قلنا إنها تخلصه كما هو مذهب الجمهور قيل عليه إنّ الذهاب هنا مستقبل فيلزم تقدم الفعل على فاعله، وهو غير جائز لأنه أثره فلذا قيل إنّ التقدير قصد أن تذهبوا أو توقع أن تذهبوا بتقدير المضاف، وهو الفاعل وهو حال، وقيل يجوز أن يكون الذهاب يحزنه باعتبار تصوّره كما قيل نظيره في العلة الغائية، وقد قيل إن اللام فيه جرّدت للتأكيد مسلوبة الدلالة عن التخليص للحال ( قلت ) كذا قالوا : وأنا أظن ذلك مغلطة لا أصل لها فإنّ لزوم كون الفاعل موجوداً عند وجود الفعل إنما هو في الفاعل الحقيقيّ لا النحوقي، واللغويّ فإن الفعل يكون قبله سواء كان حالاً كما فيما نحن فيه أو ماضيا كما أنه يصح أن يكون الفاعل في مثله أمراً معدوماً كما في قوله :
ومن سرّه أن لايرى مايسوءه فلايتخذ شيئايخاف له فقدا
ولم يقل أحد في مثله أنه محتاج للتأويل فإن الحزن والغمّ كالسرور، والفرح يكون بالشيء قبل وقوعه وقد صرّج به ابن هلال في فروته، ولا حاجة إلى تأويل أو تقديرأ، وتنزيل للوجود الذهنيّ منزلة الخارجي على القول به أو الاكتفاء به فإنّ مثله لا يعرفه أهل العربية، واللسان فإن أبيت إلا اللجاج فيه فليكن من التجوّز في النسبة إلى ما يستقبل لكونه سببا للحزن الآن، والذي في شرح الكتاب للسيرافي أنّ اللام الداخلة على المضارع فيها أقوال ثلاثة أحدها أنها في خبر أنّ مقصورة على الحال، وهو ظاهر كلام سيبويه رحمه الله الثاني أنها تكون للحال، وغيره واستدلوا بقوله :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [ سورة النحل، الآية : ١٢٤ ] الثالث أنها للحال إن خلت عن قرينة، ومعها تكون لغيره كالآية المذكورة ا!، واعلم أنّ من ذهب إلى الأوّل قدره بقصد أن تذهبوا، ونحوه، ولا يلزمه حذف الفاعل لأنه إنما يمتنع إذا لم يسد مسده شيء سواء كان مضافا أو غيره فتقدير قصدكم صحيح أيضا خلافا لمن خطأه فيه لظنه أنه لا يقوم إلا المضاف إليه مع أنه يجوز