ج٥ص١٧٤
غير معهود؟ للبشر الخ ) يعني نفي البشرية عنه لأنّ جماله لم ير مثله فيهم، واثبات الملكية له لذلك مع الكمال، ولذا وصف بالكرم، ومشاركة ما لليس في نفي الحال هو المشهور، وقال الرضي : إنّ ليس ترد لنفي الماضي، والمستقبل فالمشاركة في مطلق النفي، وقراءة بشرى بالباء الجارة مخالفية صلرسم المصحف لأنه لم يكتب بالياء فيه، ومخالفة لمقتضى المقام لمقابلته بالملك إلا أنّ ابن عادل رحمه الله تعالى قال من قرأ بها قرأ ملك بكسر اللام فيتناسب الكلام حينثذ، وقول المصنف رحمه الله تعالى أي بعبد مثتري لئيم إشارة إلى وجه المقابلة بينهما على هذه القراءة، وقوله ولا يفوقه في نسخة لا يفوقه بدون واو فالضيير ليوسف عليه الصلاة والسلام واسنفادة فائقية الملك من كمونه مشبها به.
تنبيه : أنكر بعضهم هذه القراءة لأنها لا تناسب ما بعدها من قوله إن هذا إلا ملك كريم
ورد بأنها صحيحة رواية، ودراية أمّا الأوّل فلأنها رواها في المبهج عن عبد الوارث بسند صحيح، وأما الثاني فلأنّ من قرأ بهذه قرأ ملك بكسر اللام فتصح المقابلة أي ما هذا عبد لئيم يملك بل سيد كريم مالك، وكان على اللمصنف أن يذكر هذا إلا أنه أشار بقوله لئيم إلى ذلك وإن احتمل أنه أثبت المقابلة بوجه بينه، وبين وصفه بطريق برهانيّ ففيه خفاء افتأمّل. قوله :( فهو ذلك العبد الكنعاتى الذي لمتنني الخ ) يعني ذلك خبركلمبتدأ محذوف دخلت الفاء عليه بعد حذفه، والذي صفة اسم، الإشارة، وعلى الوجه الثاني ذلك مبتدأ، والذي خبره، وتنزيله لعلوّ منزلته منزلة البعيد ظاهر كلامه أنه على الوجه الثاني فقط، ولذا عبر عنه بهذا فيه دون الأوّل لأنّ يوسف عليه الصلاة والسلام في وقت اللوم كان غير حاضر، وهو الآن حاضر فإن جعلت
الإشارة إليه باعتبار الزمان الأوّل كانت على أصلها، وجعله خبرا عن ضمير الغائب يقتضيه، وإن لوحظ الثاني كان قريباً، واحتمال أنه عليه الصلاة والسلام أبعد عنهن لثلا يزددن دهشة، وفتنة، ولذا أشير إليه بذلك بعيدا، والكنعاني منسوب إلى بلاد كنعان، وهي نواحي القدس، وفي الافتتان متعلق بلمتنني، وقوله ولو صوّرتنه يعني لو تصوّرتنه قبل المشاهدة. قوله :( فامتنع طباً للعصمة الخ ) قيل عليه إنّ الامتناع للعصمة، وعلى ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى يلزم أن لا تكون العصمة حاصلة وقت ألامتناع فإنه لا يطلب الحاصل إلا أن يراد بالعصمة زيادتها أو الثبات عليها، وفي البحر الذي ذكر. التصريفيون في استعصم أنه بمعنى اعتصم، والظاهر أنّ العصمة لغة بمعنى الامتناع مطلقاً، وفي العرف ما أودعه الله فيه مما يمنع عن الميل للمعاصي كما للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومرادها الأوّل، وتعني به فراره منها فهو امتنع منها أوّلاً بالمقال، ثم لما لم يفده طلب ما يمنعه منها بالفرار فلا يرد عليه شيء، ويعاونها بتشديد النون ضمير النسوة كقولهم له أطعها، وافعل ما أمرتك به، والأنة العريكة تحويله عن الآباء، وهو مجاز معروف فيه كما يقال موطؤ ا!ناف، وأصل العريكة السنام. قوله :( ما آمر به فحذف الجاز الخ ) يعني أنّ ما موصولة، والضمير عائد عليها، وأصله الذي آمر به فحذف الجارّ، واتصل الضمير، ولما كان هذا شائعاً في أمر كقوله :
أمرتك الخير فافعل ما ائتمرت به
وحينئذ فإمّا أن يكون ترك المفعول لأنّ مقصودها لزوم امتثال ما أمرت به مطلقاً أو لأن
يفعل يدل عليه ويغني عنه، ولو جعل الضمير ليوسف عليه الصلاة والسلام، والعائد محذوف، وهو به جاز أيضاً بالحذف التدريجي لكنه اختار هذا لما مرّ قال ابن المنير في تفسيره والعائد على الموصول محذوف مثل :﴿ أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا ﴾ [ سورة الفرقان، الآية : ٤١ ] لا يقالى ضمير المأمور به حينئذ مجرور به، ولا يحسن حذف العائد المجرور لأنا نقول هذا الجارّ مما أنس حذفه فلا يقدر العائد إلا منصوبا مفصولاً كانه قال آمر يوسف إيا. لتعذر اتصال ضميرين من جنس واحد فما عينه الزمخشريّ غير متعين، وتبعه المصنف رحمه الله تعالى، ومن قال في قوله فيكون الضمير ليوسف عليه الصلاة والسلام أي حتما لم يصب وأن كانت مصدرية فالضمير ليوسف عليه الصلاة والسلام، وفعل الأمر بمعنى فعل موجبه بالفتح على الإسناد المجازي أو تقدير المضاف. قوله :( وهو ) أي الصاغر بمعنى الذليل فعله صغر كفرح،
ومصدره صغر بفتحتين، وصغر بضم فسكون وصغار بالفتح هذا في القدر، وأما في الجثة والجرم ففعله ككرم، ومصدره صغر كعنب، وفي القاموس جعل