ج٥ص١٧٥
صغاراً مصدراً لهذا، والمشهور ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، وأكدت ليسجنن بالنون الشديدة لتحققه وما بعده بالنون الخفيفة لأنه غير محقق، وقرئ بالتشديد فيهما، وهو يخالف رسم المصحف بالألف كقوله :
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
فترسم بها وشبهها بالتنوين لفظا لكونه نونا ساكنة مفردة تلحق الاخر فلذا حملت في الرسم عليه، وقراءة يعقوب السجن بالفتح على أنه مصدر سجنه، وبالكسر اسم المحبس. قوله :( آ " لر عندي من مؤاتاتها رنا الخ ) إنما فسره به لأنه لا محبة له لما دعون له، ولا للسجن، وكذا آثر من الإيثار أفعل تفضيل، ولا إيثار له للمؤاتاة إلا على سبيل الفرض!، وإنما هوى السجن لكونه أهون الشرّين وقد مرّ أن فاعل أحبّ يجر بإلى، ومفعوله باللام أوفى، والمؤاتاة بمعنى المطاوعة، وزنا تمييزاً، ومنصوب بنزع الخافض، وقوله نظراً إلى العاتبة فمحبة السجن لذلك. قوله :( وإسناد الدعوة الخ ) فهو على الحقيقة فيما روي أنّ كلاً منهن طلبت الخلوة لنصيحته فلما خلت به دعته إلى نفسها، وقوله إنما ابتلي بالسجن لقوله هذا أي أنا أختار السجن، ولو لم يختره، ودعا الله بخلاصه من الأمرين معا سهل الله له الخلاص منهما فلا يرد عليه ما قيل إن يوسف عليه الصلاة والسلام، إنما أجاب بهذا قولها لئن لم يفعل ما آمره به ليسجنن، والتقدير إذا كان لا بد من أحد الأمرين الزنا أو السجن فهذا أولى، وما ذكر مأثوراً وروي أنه لما قال السجن أحب إليّ أوحى الله يا يوسف أنت جنيت على نفسك، ولو قلت العافية أحبّ إليّ عوفيت ذكره القرطبي، وقوله : ولذلك رد الخ. إشارة إلى ما رواه الترمذي عن معاذ رضي الله عنه عن النبيّ رسول الله ﷺ :" إنه سمع رجلاَ وهو يقول اللهم إني أسألك الصبر فقال سألت الله البلاء فأسأله العافية " وقوله وإن لم إشارة إلى أنّ إلا مركبة من أن، ولا النافية
وقوله في تحبيب ذلك أي السجن. قوله :( أمل إلى جانبهق أو إلى أنفسهن الخ ( مضارع مجزوم الأوّل ناظر إلى أنّ دعوتهن لاطاعتها فالميل إليهن كناية عن قبول ما قلن، وفي نسخة إجابتهن فهو بمؤاتاتها، والثاني ناظر إلى أنهن دعوته لأنفسهن فالميل لهن كناية عن المؤاتاة، وقوله بطبعي راجع إليهما، وقيل إنه متعلق بالثاني، والميل الأوّل اختياري، والثاني طبعي، وفيه أنه لا يلائم أكن من الجاهلين فتأمّل، وقرئ أصب من صببته كعلمته بمعنى عشقته فهو مضمن معنى الميل أيضا ليتعدى بإلى. قوله :( من السفهاء بارتكاب ما يدعونني الخ ا لما كان عدم الصرف لا يترتب عليه الجهل بمعناه المعروف أشار إلى أنّ الجهل هنا بمعنى فعل ما لا يليق، وهو أحد معنييه كقوله :
ونجهل فوق جهل الجاهلينا
واطلاق الجهل عليه لأنه لا يفعله الحكيم العالم بل السفيه فالجهل بمعنى السفاهة لا ضد
العلم بل ضد الحكمة وعلى الوجه الثاني جعل عدم العمل أو العمل بخلاف ما يعلم جهلا لأنّ العلم حينئذ بمنزلة العدم. قوله :( الذي تضمنه قوله وإلا تصرف ا لأنه في قوّة قوله رب اصرفه عني، وقوله فثبته بالعصمة يحتمل التفسير والتفريع أي ثبته بسبب عصمته له عن الميل إلى الشهوات حتى وطن نفسه أي ثبتها كما يثبت الشيء في وطته على تحمل مشقة السجن، وايثار تلك المشقة على اللذات المتضمنة للمعاصي. قوله :( ثم بدا لهم من بعد الخ ) قيل إنّ القطع، والاستعصام ليسا من الشواهد الدالة على البراءة في شيء، وأجيب بأق الاستعصام عنهن بدعوتهن لاً نفسهن إمارة دالة على براءته مما ادّعته راعيل، والعزيز، وأهله سمعوا ذلك وتيقنوه حتى صار كالمشاهد لهم، وفيه نظر إما دلالة الاستعصام المعلوم لهم، وهو امتناعه، واباؤه فظاهرة وأمّا دلالة القطع فلأنّ حسنهءلمجف الفاتن للنساء في مجلس واحد، وفي أوّل نظرة يدل على فتنتها بالطريق الأولى، وأنّ الطلب منها لا منه، وما قيل من أنه نشأ من فرط الدهثة مما شاهدن من نور النبوّة، وأبهة الملك لا مدخل له في ذلك قطعا. قوله :) وفاعل بدا مضمر
يفسره ) وفي نسخة تفسيره ليسجننه الخ قال بعض النحاة : إنّ الجملة قد تكون فاعلاً نحو يعجبني يقوم زيد وبدا له ليفعلن كذا، والصحيح خلافه فقال المازني : فاعله مضمر في الفعل والمعنى، ثم بدا لهم بداء فأضمر لدلالة الفعل عليه وحسن، وان لم يحسن ظهر لي ظهور لأنّ بداء قد استعمل في غير المصدر فقالوا بدا له بداء أي ظهر له رأي، ويدلّ عليه قوله :
لعلك والموعود حق لقاؤه بدالك في تلك القلوص بداء