ج٥ص١٧٦
وجملة ليسجننه تحتمل ثلاثة أوجه أن تكون مفعولاً لقول مضمر، والتقدير قالوا ليسجننه، واليه ذهب المبرد، وأن تكون مفسرة للضمير المستتر في بدا فلا موضع لها، وهو الذي ذكره المصنف، والضمير إما للبدأء بمعناه المصدري أو بمعنى الرأي أو للسجن بالفتح المفهوم من الكلام، وأن تكون جواباً لبدا لأنّ بدا من أفعال القلوب، والعرب تجريها مجرى القسم، وتتلقاها بما يتلقى به ففي الفاعل له أقوال، واختار أبو حيان رحمه الله تعالى أنه للسجن، وكلام المصنف رحمه الله تعالى يحتمله أي ظهر لهم سجنه، وقوله لأنها خدعت الخ روي أنها لما أيست منه قالت للعزيز إنّ الغلام فضحني فاحبسه، وقصدها أن يطول السجن لعله ي!اعد ما على ما أرادت، وهو معنى قوله حتى تبصر. قوله :( أي أدخل يوسف السجن واتفق ثخ ) اضار بقوله اتفق إلى أنّ الدخول ليس باختيار لهم، وبقوله حينئذ إلى أنّ مع تدل على !صحبه، والمقارنة لفاعل الفعل في ابتداء تلبسه بالفعل، ونقض هذا بقوله تعالى :﴿ وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ ﴾ إذ ليس إسلامها مقارناً لابتداء إسلام سليمان، وأجيب بأنّ ذلك يحمل على التخصيص للصارف الدال عليه، ولذا قال الزمخشريّ في قوله تعالى ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ﴾ أنه لا يصح تعلقه ببلغ لاقتضائه بلوغهما معا حدّ السعي، ولا بالسعي لأنّ صلة المصدر لا قتقدّم عليه فبقي أن يكون بياناً كأنه لما قال فلما بلغ السعي أي الحد الذي يقدر فيه على السعي عيل مع من فقال مع أبيه فمع هاهنا جار على الحقيقة حال من فاعل دخل، وفيد للفعل فيكون حكرثها مع حدوث الفعل، ويحمل على الحقيقة إذ لا صارف عنها، وقيل عليه أنه لا تتعين المعية في الفعل للفاعل فجاز أن يراد أسلمت لله، ولرسوله وتقديم مع للإشعار بأنها كانت تظن أنها كانت على دين في عبادة الشمس، وان حمل على معية الفاعل لم يكن بد من محذوف نحو صع بلوغ دعوته أو إظهار معجزته لأنّ الفرق بين المعية ومطلق الجمع معلوم بالضرورة،
وتابعه على ذلك الفأضل المحشي، والفرق بين الفعل الممتدّ كالإسلام، وغيره كالدخول بانّ الأوّل لا يقتضي مقارنتهما في ابتدائه بخلاف الثاني راجع إلى الجمع، وليس من المعية في شيء على أنه حينئذ لا يحتاج إلى تأويل في السعي فتأمّل، وشرابيه منسوب إلى الشراب أي ساقيه، ويسمانه بمعنى يجعلان السم في طعامه، وشرابه، وقوله حكاية حاله ماضية، وأصله رأيت في المنام، وكون العنب يؤول إلى كونه خمرا ظاهر لكن الذي يؤول إليه ماؤه لا جرمه، ومثله لا يضر لأنه المقصود منه فما عداه غير منظور إليه فليس فيه تجوزان بالنظر إلى المتعارف فيه، وقيل العنب يسمى خمراً في لغة، وقوله تنهس فيه بالمهملة والمعجمة أي تأخذ منه، وتقضم بمقدم الفم، وفعله على مثال مغ كما في التحبير، وقوله من عبيد الملك أي الملك الأعظم وهو الريان حكى أنّ بعض أهل مصر ضمن لهما مالاً على أن يسماه في طعامه، وشرابه فأجاباه، ثم إنّ الساقي لم يفعله، وفعله الخباز فلما حضر الطعام قال الساقي للملك لا تأكل منه فإنه مسموم فقال الخباز لا تشرب فإنّ شاربه مسموم فقال الملك للساقرلأ اشرب فشرب، ولم يضره، وقال للخباز كل فأبى فجرّب في داية فهلكت فأمر بسجنهما. قوله- ( من الذين يحسنون قأويل الرؤيا ا لعلمهم بذلك إذ عبر لبعضهم رؤياه أو المراد من العالمين كما في قولهم قيمة المرء ما يحسن أي يعلم أو المراد بالإحسان إلى أهل السجن لأنه كان يعود المريض منهم، ويجمع للمحتاج ما يقوم به منهم، وقوله إن كنت تعرفه لأنّ قولهما نراك من المحسنين فراسة فتناسب التعليق بالشرط لأنهما لم يتيقناه. قوله :( أي بتأويل ما قصصتما علئ الخ ) فالمراد بالتأويل تعبير الرؤيا لكنه يقتضي أن يكون الطعام المرزوق ما رأياه في النوم، ولا يخفى ما فيه ولذا لم يتعرّض لهذا في الكشاف فتامّله. قوله :( بيان ماهيته وكيفيتة فإنه يشبه تفسير المشكل الخ ) فالمراد بالطعام ما يبعث إلى أهل السجن، وتأويله ذكر ما هو بأن يقول يأتيكما طعام كيت، وكيت فيجدانه كذلك، وقوله فانه يشبه الخ. إشارة إلى أنّ حقيقة التأويل تفسير الألفاظ المراد منها خلاف ظاهرها ببيان المراد فإطلاقه على تعيين ما سيأتي من الطعام مجاز ففيه استعارة، ومشاكلة محسنة لها. قوله :( كأنه أراد أن يدعوهما إلى التوحيد الخ ) بيان لارتباط الجواب بالسؤال فإنهما سألاه تعبير رؤياهما فذكر لهما إخباره بالمغيبات، وما ذهب إليه من التوحيد، وعرضه عليهما، ثم أتى بالجواب فكان غير